تقرير: هانس دي فراي- إذاعة هولندا العالمية/ تغادر القوات الهولندية اليوم الأحد أفغانستان، لتكون هولندا أول دولة عضو في حلف الناتو تفعل ذلك. حيث شاركت أربع سنوات كقائد قوات الدعم الأمني الدولي (إيساف) في ولاية أورزغان. ابتداء من اليوم تتسلم الولاياتالمتحدةالأمريكية وأستراليا هذه المسئولية. إذن هولندا هي أول من يغادر. وهو ما قد يعتبره الآخرون خروجاً على مبدأ التضامن المتبادل بين الدول الأعضاء في حلف الناتو – والتي لها جميعاً قوات في أفغانستان – الأمر الذي لن يكون موضع تقدير. لكن حلف شمال الأطلسي هو مجرد تحالف عسكري بين دول ذات سيادة، وتلك السيادة يمكن أن تعني أن الدول الأعضاء لم تعد مستعدة للاشتراك في مهمة لحلف شمال الأطلسي. سقوط الحكومة في شهر شباط- فبراير سقطت الحكومة الهولندية بسب "قضية أورزغان". حيث رفض أحد أحزاب الائتلاف الحكومي (حزب العمل) تمديد فترة بقاء المهمة في أورزغان، وقام بسحب وزرائه من الحكومة. وليس هناك حكومة حتى الآن. وعلى الرغم من أنه من الممكن نظرياً لهولندا وبطلب من حلف الناتو أن ترسل بعثة تتركز على تدريب الجيش والشرطة في أفغانستان، فإنه في الوقت الحالي من غير المؤكد أن يحدث ذلك. فهذا يعتمد على تركيبة الائتلاف الحكومي الجديد في لاهاي.
منذ فبراير لم يُطرح موضوع المهمة العسكرية في أفغانستان في البرلمان إلا نادراً. وقد كانت المهمة محاطة بالاعتراضات منذ بدايتها، فعند اتخاذ قرار المشاركة في مهمة "إيساف" عام 2006، وجد حزب العمل (المشارك آنذاك في الحكومة) صعوبة كبيرة في إقناع قاعدته الشعبية بالقرار، مما دفع إلى تبني مصطلح "بعثة إعادة الإعمار". ولكن في النصنص التي تتضمن صلاحيات ومهام "إيساف" لا يرد ذكر "إعادة الإعمار" إلا بشكل ثانوي. فالمهمة الرئيسية هي تعزيز الأمن في أفغانستان. وبينما في الدول الأخرى أدى عدد الجنود الذين سقطوا بشكل خاص إلى نقاش حاد أحياناً، كان النقاش المصطنع يدور في هولندا حول "مهمة الإعمار مقابل مهمة القتال". الدعم الشعبي علاوة على ذلك، لم يكن الدعم الشعبي لمهمة أورزغان عام 2006 كبيراً جداً. في البداية اختلفت الآراء إلى حد كبير، ولكن بقدر ما استمرت المهمة لفترة أطول ارتفع عدد المعارضين لها في هولندا إلى 41% من عدد السكان (إحصاءات يوليو 2010)، و 33% كانوا يؤيدونها، و 27% لم يدلوا بآرائهم. وبالكاد أثر سقوط قتلى في صفوف القوات الهولندية (خلال المهمة لقي 24 جندياً مصرعهم) على الرأي العام. مدججون بالسلاح منذ حرب كوريا في الخمسينات من القرن المنصرم، لم يتم إرسال قوات هولندية مدججة بالسلاح بهذا الشكل إلى خارج هولندا. ومنذ بداية المهمة شاركت الوحدات بالقتال ضد طالبان ومحاربين أجانب وميليشيات محلية. ومرة شاركت الكتيبة كلها خلال "معركة شورا" عام 2007. وتم التعتيم عليها بعناية. لم يكن لهولندا وحلفائها أستراليا وأمريكا والجيش الأفغاني سوى القليل من القوات "لتغطية" الولاية بأكملها، وإشراك الكتيبة كلها كان يعني تلقائياً إضعاف المواقع في مناطق أخرى. المستقبل رغم أنه لم يُقل الكثير حول الأمر، إلا أن هولندا لم تترك بالطبع انطباعاً جيداً لدى حلف الناتو بمغادرتها أفغانستان. وبالنسبة لواشنطن كان هناك سبب إضافي للشعور بعدم الرض: فقد اتضح أنه ليس هناك أي بلد أوربي عضو في الناتو على استعداد لملء الفراغ الذي تركته هولندا، الأمر الذي أجبر أمريكا على فعل ذلك بنفسها. سيثبت الزمن ما إذا كانت هولندا ستشارك بمهمة مشابهة في المستقبل القريب. لكن احتمال حصول ذلك ليس كبيراً. فالرأي العام الهولندي وأغلب الأحزاب السياسية غير متحمسة لذلك. وحتى من داخل القوات المسلحة هناك شعور بأنه بعد مشاركة أربع سنوات في "الدوري العسكري الممتاز"، هناك حاجة لبعض الوقت للراحة. وهناك أيضاً حقيقة أخرى: لا حلف الناتو ولا الاتحاد الأوروبي لديهم خطط حالياً لتنفيذ مهمة في مكان ما في العالم مثل تلك التي في أفغانستان