مع بدء توافد لجنة المتابعة العربية إلى سرت ، زحفت الدبابات الإسرائيلية إلى مدينة الخليل مقترفةً مجزرة مروعة بحق الآمنين والمدافعين عن الكرامة العربية ، صدى النار في الخليل وصل غزة التي سال دمها عبر أجساد عشرين مواطناً جراء القصف على المناطق المأهولة دون الالتفات إلى المتوقع من كم الضحايا الذي قد ينتج عن النار التي هطلت دون تمييز. العبث الصهيوني الذي يفتتح اللقاء العربي في سرت نلخصه باعتداء على الشرف الفلسطيني ومس بالكرامة العربية من خلال ما حدث مع إحسان الدبابسة ، وكذلك تهويد ساحة البراق والمس في أسوراه الخارجية التي تعد خاصرة المسجد وحصنه الذي يحميه . أما الإضافة النوعية والتي يقدمها نتنياهو للكنيست تجيء من خلال قانون المواطنة الذي يستهدف أكثر من مليون ونصف فلسطيني في عروبتهم ، وأرضهم ووجودهم . كل ذلك يحدث في الساعة التي نقترب فيها من فصل الشتاء الذي ينذر بكارثة حقيقية لآلاف المواطنين الذين هدمت بيوتهم أثناء الحرب على غزة التي لم تعد تحتمل عبئ الحصار الخانق والمسكوت عنه . في المشارورات التي سبقت جلست اليوم حرصت كلينتون توجيه الدفة إلى صالح قرار تريده ، تحدثت بغية ذلك مع القادة العرب وأوصلت رسالة كما قال مراسل القناة الثانية الصهيونية للشؤون العربية أن الولاياتالمتحدة لن تسمح في هذه اللحظة الحساسة إفشال جهودها . نجاح الجهود الأمريكية كما يبدو كان محرك العرب إلى اللقاء ، أما دمنا المسفوك ، والهجمة على المقدسات باتت روتين الأحبار الذي لا تعرفه مكاتب القادة والزعماء . في المتابعة للحراك السياسي الرسمي العربي تجاه إسرائيل الذي برأيي أضاف للبلية العربية والتخلف القائم جملة من المصائب التي تنذر بكارثة الفوضى والدم القادم لا محالة ومن هذه المصائب . 1. تمكين العدو الصهيوني من السيطرة المطلقة على بعض الدول من خلال تكبيلها بالعلاقات الأمريكية ، والمصالح الخاصة لحاشية الفاسدين التي باتت تتغذى على المشاريع المشتركة ، والفساد الذي يقوده البنك الدولي ، والمؤسسات المرتبطة بهذا المشروع الكبير . 2. تعاظم الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، والأمة الواحدة ، وصولاً للبيت الواحد ، من خلال قسمة التسميات بين الخائن والمقاوم ، المطبع والممانع ، المجاهد والقاعد ، الفاسد والمقهور ، المسلم والكافر والذي جعل بيئة التعصب والاستبداد والتطرف قائمة وتكبر حتى أن الأطراف باتت تتمنى لبعضها الزوال مهما كلف ذلك من ثمن . 3. الانتماء والهوية وفي ملخصهما هما التعبير عن لب الثقافة الوطنية التي مسخت ، ثم شوهت ، ثم أنتج للشعوب مكانها مشاهد التآمر على العراق التي ضاعت ، وعلى لبنان التي نحذر فيها الحرب الأهلية القادمة ، وفلسطين التي تعيش ذورة الإسفاف العربي والخيبة والانتكاسة التي تشاهد كل يوم ، لتصبح الصورة في الوعي العربي عن دولته أنها مزارع حاكم لا كيان يحمي أبناؤه . لذلك نرى الهجرة ، والخيانة ، واللامبالاة وغيرها من المناظر الدالة على القرف من ما هو قائم . 4. الانسلاخ عن الحلم ، والمستقبل والأمل ، من خلال ضرب المقومات الفتية في الأمة ، وملاحقتها ، تحت ما يعرف بالتنسيق الأمني المتبادل مع أجهزة الأمن العربية والتي تفتح بعضها مكاتب مشتركة تتحد فيها قاعدة البيانات وتمكن إسرائيل من كل شاردة وواردة تحت شعار مكافحة الإرهاب وهذا ما يشاهد في المشهد الغزي ودور مصر ، ولبنان ، وحصار المقاومة في الأقطار العربية كأنها المجرم المراد رأسه . في خبر عاجل على بعض الوكالات أنذر الرئيس عباس بالاستقالة من منصبه إن فشلت المفاوضات ، في الخبر هذا تأكيد على أن النقاط الأربعة الماضية والتي تعد الملح الصغير للقدرة الصهيونية الحاكمة للأقطار والقرارات العربية التي لا يجرؤ حكامها القول للرئيس عباس اذهب إلى غزة اليوم وقم بمصالحة ونحن نكفل رفع الحصار ، وإعمار غزة . كما أننا سنتبنى حراكاً سياسياً مستقلاً يضغط على إسرائيل وحلفاؤها ، وأن الفلسطيني اللاجئ لدينا في العيون ، لا نسلمه ، ولا نطرده ،ولا ننهكه بكثرة الملاحقة والإرهاب ، وقبل ذلك وبعده سنغلق ملف الملاحقة للقوى الحية الداعمة للقضية الفلسطينية . للأسف هذا لم و لن يحصل وعجلة الأيام الكئيبة سيكسوها الثلج وستكبر معها المسافة العازلة عن ملح الأرض وجوهرها وأمنياتها لذلك ستظل سرت لا تسمع الخليل ، وحكامها لن يقفوا عند غزة ويوم الأحد ليس ببعيد عن ناظره .