أيهما على حق، وأيهما على باطل، هذا هو ملخص الحصار على غزة، وهذا ما تكشف في الأيام الأخيرة، فمن يزعم أن إسرائيل على حق في حصارها لقطاع غزة، فإنه يحسب أن حماس على باطل في مواصلة سيطرتها على قطاع غزة، وفي مواصلة مقاومة الإسرائيليين، ومشاريع التصفية، ومن يعتقد أن حماس على حق في اعتصامها بالثوابت الفلسطينية، وعدم انهزامها للشروط الإسرائيلية، فهو يثق أن إسرائيل على باطل في مواصلة تواجدها كدولة غاصبة على الأرض الفلسطينية. إنه الصراع على فلسطين بأبعاده العقائدية، والتاريخية، والسياسية، صراع وجود يتمحور في حصار غزة، فمن يكسب معركة غزة سيحدد شكل العلاقة بين اليهود والعرب لسنوات قادمة، وسيرسم بالألوان مستقبل فلسطين السياسي، وسيحدد مسار التفاوض الآتي، لذا قد يكون بعض ما توصلت إليه وزارة الخارجية الإسرائيلية صحيحاً، وفق ما جاء في صحيفة معاريف الإسرائيلية التي نشرت ما اعتبرته سرياً، وجاء فيه: أنه على الرغم من نيّة الحكومة الإسرائيلية تخفيف الحصار على غزة، إلا أن وزارة الخارجية تعارض هذا التوجه بشدة بحجة أن ذلك يقوى ويعزز مكانة حركة حماس، وأنه يعتبر إنجازاً حقيقياً يصب في صالحها. الذي يراقب الأحداث بعين الفاحص المدقق يستنج دون عناء؛ أن مخططي ومنظمي ومنفذي الحصار الإسرائيلي على غزة هم تحالف واحد، وله أهدافه، ومنها الإيحاء بأن الذي يتحمل مسئولية الأوضاع الصعبة والتعيسة لسكان قطاع غزة هو التطرف، وبالتحديد حركة المقاومة الإسلامية حماس، ووراء الأكمة ما وراؤها من أهداف أخرى، تمكن سكان قطاع غزة من مواجهتها، والصمود في وجهها، ومواصلة الصراخ من ألم الخذلان، وهم يرددون: أن السبب في المعاناة هو الاحتلال الإسرائيلي، والذي يحاصر غزة هو جيش الصهاينة، والذي يخنق غزة هو حبل التردي العربي، وما حماس إلا ضحية مع شعبها لعدوان مجرم. أنصار الحرية، وهم أنصار غزة على مستوى العالم العربي، والإسلامي، وعلى مستوى العالم، أدرك جميعهم أن حصار غزة هو حصار للإنسانية، وللقيم الأخلاقية، وتجاوز للأعراف السياسية، وأدرك عامة البشر أن خيانة غزة هي خيانة للدين، والإنسانية، وللتاريخ، وضياع للجغرافيا، فصارت غزة المحاصرة بؤرة الانتباه العالمي، وصرخة المظلوم التي تدوي، وتطوف كل أركان الأرض، وتفرض الحق العربي زاهقاً لباطل التحالف الصهيوني.