الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية    وزير الخارجية يشارك في "قمّة المستقبل" والدورة 79 لجمعية الأمم المتحدة بنيويورك    فضيحة مالية كبرى: احدى بنات شقيقة ليلى الطرابلسي تتسبب في خسائر فادحة للبنوك التونسية    وكالة التحكم في الطاقة: عدد السيارات الكهربائية في تونس لا يتجاوز 150 والهدف بلوغ 5 آلاف سيارة سنة 2025    عاجل/ ارتفاع حصيلة الغارة الصهيونية على لبنان إلى 31 شهيدا و68 مصابا    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    غدا الاعتدال الخريفي..فما هي أبرز مميزاته..    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    قابس: أنصار قيس سعيد يواصلون الأنشطة الدعائية لحملته الانتخابية    الأمم المتحدة: تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان انتهاك للقانون الدولي    أبطال إفريقيا: الإتحاد المنستيري يواجه الليلة مولودية العاصمة الجزائري    كرة اليد: برنامج منافسات الجولة الرابعة ذهابا.. وتعيينات الحكام    مباريات حاسمة للأندية التونسية في البطولات الإفريقية: تعرف على المواعيد والقنوات    الرابطة الاولى - هيثم القصعي حكما لمباراة النادي الافريقي وشبيبة العمران    قسم طب العيون بالمستشفى الجهوي بتوز يدخل حيز الإستغلال رسميا    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    ماهو الإعتدال الخريفي ؟    تقرير دولي ينوه بدور البنوك التونسية في تعزيز النمو والشمول المالي    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة على هامش التحضير لليوم العالمي لداء الكلب    "عصفور جنة" فيلم روائي طويل لمراد بالشيخ يطرح بشكل كوميدي ناقد تحديات زواج المسلمة بغير المسلم    تراجع التضخم يعزز القروض للأفراد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية لهذا اليوم..    تشكيلة الاتحاد المنستيري المحتملة ضد مولودية العاصمة    عاجل/ مرض غامض يضرب هذه الدولة..    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    بقيادة معين الشعباني: نهضة بركان المغربي يبلغ دور مجموعات مسابقة كأس الكاف    روسيا تسقط 101 مسيّرة أوكرانية.. و3 ضربات على خاركيف    اتصالات تونس وجمعية "المدنية": التزام متواصل ومتجددّ لدعم التعليم    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    حالة ترقب في فرنسا بانتظار كشف ميشال بارنييه تشكيلته الحكومية    اليوم : ساعة من أجل تونس نظيفة: وزارة البيئة تدعو الجميع للمشاركة    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    الولايات المتحدة.. إضراب عمال بوينغ يدخل يومه الثامن    في الذكرى الثالثة لوفاة المصور الكبير الحبيب هميمة...شقيقه رضا هميمة يصرخ: «انقذوا روح أخي من التجاهل والجحود والنكران»!    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    في أجواء عراقية حميمة: تكريم لطفي بوشناق في اليوم الثقافي العراقي بالالكسو بتونس    القبض على 'الملثّم' المتورط في السطو على بنك في الوردية    الاولمبي الباجي يضم الثلاثي عزيز عبيد وماهر بالصغير وجاسر الخميري    طقس الليلة.. سحب كثيفة بعدد من المناطق    بالفيديو: مصطفى الدلّاجي ''هذا علاش نحب قيس سعيد''    مريم الدباغ: هذا علاش اخترت زوجي التونسي    بني خلاد: مرض يتسبّب في نفوق الأرانب    '' براكاج '' لسيارة تاكسي في الزهروني: الاطاحة بمنفذي العملية..    غرفة الدواجن: السوق سجلت انفراجا في إمدادات اللحوم البيضاء والبيض في اليومين الاخيرين    تونس: حجز بضائع مهرّبة فاقت قيمتها أكثر من مليار    كأس الاتحاد الافريقي: النادي الصفاقسي والملعب التونسي من أجل بلوغ دور المجموعات    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    ثامر حسني يفتتح مطعمه الجديد...هذا عنوانه    تحذير طبي: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في إفريقيا    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم تدشين الخط البحري : محمد إبراهيم المدهون

إن ما جرى من عدوان وغطرسة إسرائيلية على قافلة الحرية إحراج للقيادة العربية والمجتمع الدولي المتواطئ مع الحصار، وإن مياه البحر التي احتضنت سفن الحرية لا تكفي لغسل جريمة التواطؤ مع الاحتلال وممارسة الحصار القذر على غزة، وليس المطلوب من الأنظمة العربية إصدار بيانات صحفية وإنما مواقف حازمة في مواجهة الغطرسة والعنصرية الصهيونية. كما أن المطلوب عربياً ودولياً -بشكل رسمي- الإعلان عن تحرير الفلسطينيين العرب من سجنهم في غزة.
ومن هنا فإن اللحظة -عربياً ودولياً- تاريخية لإعلان يوم الحرية 31/5/2010 يوم تدشين الخط البحري والبري بين فلسطين والعالم, حين يتحرك الأحرار في العالم الذين يتشبثون بالقيم في مواجهة الفاشية والاستعلاء الصهيوني. وإن استثمار اللحظة التاريخية الفاصلة فلسطينياً وعربياً ودولياً يتم بإعلان عربي ودولي رسمي بكسر الحصار عن قطاع غزة وتدشين الخط البحري الواصل بين فلسطين والعالم عبر ميناء غزة الدولي، وكذلك تدشين خط بري عبر استثمار تراكم الغضب الشعبي العربي، لتنطلق القوافل براً عبر معبر رفح غير الخاضع لقوات الاحتلال.
إن ما جرى يؤكد عقدة الفوقية والعنصرية التي تعاني منها دولة الاحتلال "نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ" (المائدة: 18)، وإن دماء قافلة الحرية في يوم الحرية قد بددت بشكل علني أوهام التسوية، ووجهت رسالة ذات دلالة بليغة أن التفاوض والتسوية "كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء" (النور: 39). وقد كانت توصية مجلس الأمة الكويتي بالانسحاب من المبادرة العربية موقفا بالغ الدلالة, خاصة بعدما تحطمت الآمال في فرض السيادة الوطنية الفلسطينية على معابر قطاع غزة البرية والجوية والبحرية عبر اتفاقيات أوسلو على مدار أكثر من 15 عاماً من التفاوض.
انسحب الاحتلال مدحوراً من قطاع غزة عام 2005 ولم تنته سيطرته على البر والبحر والجو, وللأسف كرست تفاهمات واتفاقات السلطة واقع سيطرة الاحتلال, والمثال الأبرز على ذلك اتفاقية معبر رفح التي ما زال يتعذر بها البعض لاستمرار الحصار على غزة.
والحصار المباشر للقطاع اليوم ما هو إلا انعكاس واضح لهزلية تلك الاتفاقيات التي تحتاج إلى مراجعة كاملة وفرض السيادة على معابر قطاع غزة البرية والبحرية. وترفض الحكومة المصرية وفقاً لحسابات ذاتية غريبة فتح الحدود مع القطاع بطريقة قانونية دولية سليمة تسمح بموجبها بحرية الحركة للأفراد والبضائع بالدخول والخروج من وإلى القطاع عبر معبر رفح البري.
تدشين الخط البحري بين فلسطين والعالم الخارجي -مرحلياً بين مرفأ الصيادين بغزة وميناء لارنكا القبرصي- يجب أن يأتي كنتيجة لمجزرة قافلة الحرية ونجاح "غزة الحرة" في إيصال أكثر من رحلة بحرية إلى مرفأ الصيادين في القطاع.
ومن المفيد هنا توضيح الفرق بين مرفأ الصيادين وميناء غزة البحري, فالميناء المقترح جرت حوله مفاوضات شبه جادة بين السلطة والاحتلال استمرت ما يزيد عن عشر سنوات وتتوفر مخططات كاملة لإنشاء ميناء غزة الدولي، وقد سبق أن أشرف الكاتب على رسالة بحثية حول معيقات تدشين ميناء غزة الدولي.
وكان الاحتلال قد عرض في أثناء التفاوض إنشاء ميناء غزة العائم, وكان واضحاً أن الاحتلال يهدف إلى وضع السلطة تحت ضغط دائم بحيث يتم تفكيك هذا الميناء وكأنه لم يكن في أي وقت يقرر الاحتلال.
طبقاً للقانون الدولي المنظم للعلاقات الدولية بين الدول والكيانات شبه المستقلة فإن إمكانية إنشاء خط بحري بين غزة ولارنكا القبرصي ممكن وله سند قانوني كامل، خصوصاً أن ذلك تجسد بشكل واضح بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عقب تنفيذها خطة فك الارتباط وإرسالها ورقة خاصة إلى مجلس الأمن تعلن فيها إخلاء مسؤوليتها عن القطاع بسبب انسحابها الكامل منه، وذلك وفق دراسة قانونية قدمها الدكتور عبد الله الأشعل في مركز إبداع للدراسات الإستراتيجية.
لذا من الضروري أن يتم التحرك القانوني على أكثر من صعيد بحيث يكون محلياً وعربياً ودولياً, وذلك من خلال رفع دعاوى قضائية ضد حكومة إسرائيل وأركان قيادتها أمام محكمة العدل الدولية, والمحاكم العربية والفلسطينية بالخصوص.
لا تتوفر لمرفأ الصيادين في غزة الإمكانات الفنية لاستقبال سفن البضائع والركاب بالمستوى المتوسط والكبير، وما يمكن استقباله هو قوارب صغيرة لنقل عدد قليل من الركاب فقط، وذلك لعدم وجود تجهيزات مثل منصات مناسبة ورافعات كبيرة, واستحالة وضع أي رافعة على لسان المرفأ بسبب هشاشة اللسان المكون من الردم, واستحالة دخول السفن إلى الحوض بسبب ضحالة الأعماق التي لا تتحمل دخول مثل هذه السفن, وكذلك عدم وجود معدات الاتصال والتوجيه الخاصة بالميناء. علاوة على ذلك, هناك حاجة لتوفير الإمكانات الفنية والإدارية والكوادر المدربة على إدارة الميناء طبقاً للأنظمة البحرية الدولية.
ورغم ذلك بات من الضروري توفير حلول خلاقة لكسر الحصار وتثبيت خط بحري بين غزة ولارنكا، فهو ممكن وتتمحور جميعها باتجاه واحد فقط، وهو توقف سفن النقل التجارية والأفراد عند منطقة الخطاف (عمق مياه مناسب للسفينة) بعمق لا يقل عن كيلومتر واحد من خط الساحل, ومن ثم نقل وتفريغ البضائع إلى منطقة المرفأ ثم إلى داخل القطاع.
ومن الممكن كذلك أن يتم نقل البضائع على ظهر السفينة المتوقفة عند الخطاف بواسطة مراكب الجر التي يملكها الصيادون وتحميلها بواسطة العمال ومن ثم نقلها إلى المرفأ وتحميلها على الشاحنات. وكذلك الحال بالنسبة لسفن الركاب، وهذا سيكلف مالياً وتأخيراً زمنياً مربكاً.
ويمكن كذلك أن يتم شراء أو استئجار عبَارة متوسطة الحجم تتسع لنقل 2000-3000 طن لتقوم بعملية نقل الأفراد والبضائع من السفن إلى المرسى, وميزة هذه العبَارة أنها تستطيع نقل كمية كبيرة من البضائع دفعة واحدة وتحميلها من خلال سفينة كبيرة.
والخيار الأنسب أن يتم الاتفاق مع إحدى شركات النقل البحري الأجنبية (من دولة مقبولة لدى الطرفين) لنقل البضائع إلى القطاع, على أن تقوم الشركة الناقلة بتعميق الحوض وتجهيزه وتزويد المرفأ بالتجهيزات اللازمة. وهذا المقترح يعتبر الأفضل فنياً وإدارياً.
من الضروري تثبيت الخط البحري لأن ذلك سيفرض واقعاً جديداً يمكن بموجبه فتح نافذة بحرية للقطاع على العالم الخارجي, ولن يكون بمقدور "إسرائيل" إغلاقه أو التحكم فيه بسهولة في المرحلة القادمة، لأن الأوضاع الدولية والإقليمية تسير في غير مصلحة الاحتلال.
إن الرؤية المستقبلية لتدشين خط بحري: أولاً أن يكون تجاريا وهو الأهم. أما بخصوص نقل الأفراد وهو أمر سيسهل التغلب عليه مع مرور الوقت واستمرار حالة وصول السفن من لارنكا إلى غزة، على أن يتلازم معه استمرار التحرك الدبلوماسي للضغط على الاتحاد الأوروبي بضرورة السماح لحملة جواز السفر الفلسطيني من سكان قطاع غزة بدخول الأراضي القبرصية على الأقل، ومنها يتم نقلهم إلى كل دول العالم بحراً وجواً.
قافلة الحرية هي حملة إنسانية سلمية وهي عنوان للقيم والمُثل العليا والخير في العالم، والمطلوب من جميع الأحرار في العالم الالتحاق بركب الخير والحرية في العالم، وإن الدماء الزكية التي سالت من الأحرار في العالم إنما تؤكد على نزع الشرعية عن المحتل الصهيوني، وأنها خطوة إضافية في طريق فضح الاحتلال وتعريته، وأن هذه الدماء الغالية التي تمتزج بالدماء الفلسطينية النازفة على مذبح الحرية ستكسر الحصار عن غزة.. طال الزمان أم قَصر، رغم الثمن الباهظ.
المصدر:الجزيرة
الاثنين 24/6/1431 ه - الموافق 7/6/2010 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.