مازالت نتائج الحركة القضائية محور نقاش بين صفوف القضاة سواء ممن شملتهم الحركة أو لم تشملهم. ويبدو ان الأغلبية رافضة لهذه الحركة. وببادرة من مجموعة من القضاة تم تشكيل «ائتلاف تحرير القضاء» تعبيرا منهم عن رفضهم للقرارات الصادرة عن وزارة العدل ودعوة منهم للدفاع والتمسك باستقلال القضاء. هذه المبادرة لقيت استحسانا من القضاة المجتمعين بنادي القضاة بسكرة على هامش انعقاد المجلس الوطني لجمعية القضاة اذ أمضى عليها القضاة بمن فيهم أعضاء المكتب التنفيذي للجمعية وعدد من القضاة من داخل الجمهورية.
وقد تضمّنت الوثيقة التأسيسية ل«ائتلاف تحرير القضاء» واقع القضاء بعد الثورة وكيفية تواصل ا لهيمنة عليه من طرف وزارة العدل. وعبّر القضاة عن رفضهم للقرارات الصادرة مؤخرا وبصورة انفرادية حسب قولهم عن وزارة العدل تحت ما يسمى ب«الحركة القضائية» بواسطة مجلس أعلى للقضاء موروث عن النظام الاستبدادي.
وأضاف القضاة المكوّنون لهذا الائتلاف أن القضاء التونسي مازال كما هو منهكا ومكبلا وهو ما جعله غير قادر على مواكبة مسار الثورة. وأن تأجيل اصلاح القضاء وتأبيد الوضع القضائي الموروث وممارسات السلطة التنفيذية الممثلة أساسا في وزير العدل قد أدت الى الانفراد بمصير القضاة وإلغاء دورهم وتغييب ضماناتهم ورفع الحماية عنهم وإيمانا منهم بضرورة بناء سلطة قضائية مستقلة تحمي الحريات الفردية والعامة وتضطلع بدورها في المحاسبة ومكافحة الفساد ودفاعا عن كيان القضاة وشرف القضاء وتمسكا بضرورة رفع الانتهاكات والقيود والضغوطات الموجهة ضد حقوق القضاة ونضالاتهم من أجل قضاء مستقل يكون جوهر النظام الديمقراطي المنشود. دعا هؤلاء القضاة الى توحيد الجهود بين المعنيين بالشأن القضائي وبين مكوّنات المجتمع المدني والقوى الفاعلة لتحرير القضاء من أغلاله ولدفع السلطة السياسية للإيفاء بوعودها في احداث هيئة وقتية للقضاء والتي مازال مشروعها معطلا.
ومن جهة أخرى، فقد أجمع القضاة المجتمعون أمس الاول بنادي القضاة بسكرة عن رفضهم القاطع للحركة القضائية، وقد اتخذ الرفض شكلا جديدا وهو رفض عدد من القضاة المعنيين الالتحاق بمناصبهم الجديدة اذ لم يباشروها على غرار رئيسة الجمعية كلثوم كنّو.
فيما اتهم شق من القضاة وزير العدل بتآمره على القضاة وتحيّله حسب قولهم في إصدار الحركة القضائية اذ صرّح القاضي عمّار الطرودي ان وزير العدل تحيّل بشعارات ولم يطبّقها وهي «الترقية الآلية» وقد ركّز القضاة الذين عملوا في النظام السابق في مواقع القرار خدمة لمصالحه على حد تعبيره واقترح توجيه لوم الى وزير العدل.
ومن جانبه أكد القاضي حمادي الرحماني غياب الخط الاستقلالي ومواصلة عملية ملاحقة الجمعية ودعا الى المطالبة بإقالة وزير العدل وقطع الصلة معه. ودعا القاضي عمر الوسلاتي الى رفع قضية أمام المحكمة الإدارية في إبطال الحركة القضائية التي اعتبرتها نائبة رئيسة الجمعية روضة القرافي اعادة انتاج نفس النظام السابق. هذا وقد تطرّقت رئيسة الجمعية الى جملة الاتهامات التي تلاحق الجمعية واعتبرت ان الامر افتراء في حقّهم.