نفّذ المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت في بلاغ رسمي أصدره أمس قرارا كان قد اتخذه «منذ أشهر» وفقا لما جاء على لسانه في برنامج تلفزي استضافه مؤخرا يقضي بإقالة مصطفى كمال النابلي من مهامه كمحافظ للبنك المركزي. جاء في بلاغ الرئيس أنّه «عملا بأحكام الفقرتين الأولى والرابعة من الفصل 26 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، وبالتوافق مع السيد رئيس الحكومة، أصدر سيادة رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي قرارا جمهوريا يقضي بإنهاء مهام السيد مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي التونسي».
وتمّت إحالة القرار الجمهوري المذكور، بحسب نفس المصدر، إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه خلال أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب إلى السيد رئيس المجلس الوطني التأسيسي.
قرار شخصي
كان المنصف المرزوقي قد صرّح في الحوار التلفزي المطول الذي أدلى به لإحدى القنوات الخاصة أنّه اتخذ هذا القرار منذ اشهر دون أن يعير مسألة منح النابلي جائزة أفضل محافظ بنك مركزي في القارة الافريقية عام 2012 أيّ اهتمام قائلا « هذا قرار أنا أخذته منذ أشهر». أمّا عن اختياره كأفضل محافظي البنوك المركزية الافريقية قال «هذه مشكلته.. بالنسبة إلينا لا أحد فوق ممثلي الشعب... وممثلو الشعب هم من يقومون بالسياسة ومنها السياسة الاقتصادية نحن بحاجة إلى سياسة اقتصادية وسياسة مصرفية أخرى تكون تحت تحكم الشعب التونسي وليس تحت تحكم أي طرف آخر».
النابلي يرد
في المقابل ردّ النابلي حينها أنّ «الرئيس لا يملك صلاحيات إقالته من منصبه وأن المجلس التأسيسي وحده من له الصلاحيات في ذلك» منبّها، خلال ندوة لجمعية الاقتصاديين التونسيين، أن التغيير الذي أعلن عنه المرزوقي يتعارض مع مبدإ استقلالية البنك المركزي وأنه سيكون خطوة خطيرة ستجهض مجهودات تونس نحو نظام الحوكمة الرشيدة مؤكدا على أهمية إبعاد مؤسسة البنك المركزي من التجاذبات السياسية.
المثير في البلاغ المفاجئ الصادر عن رئاسة الجمهورية أنّه تزامن مع تطورات كثيرة تعيش على وقعها البلاد منذ فجر الأحد تاريخ تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي للسلطات الليبية وما تبعها من ردود أفعال مستنكرة صادرة عن الرئيس نفسه المنصف المرزوقي الذي أنكر علمه بموعد التسليم بالإضافة الى توقيع 76 نائبا من المجلس التأسيسي للائحة لوم لسحب الثقة من الحكومة.
رد اعتبار
البعض فسّر هذا القرار الجمهوري الذي اتخذه المرزوقي بشأن اقالة محافظ البنك المركزي بمحاولة ردّ الاعتبار لصلاحيات الرئيس ما بعد مهزلة تسليم البغدادي المحمودي وآخرون رأوا فيها محاولة رسمية لشدّ الرأي العام الى قضيّة أخرى غير قضيّة المحمودي خاصة وأن بلاغ الرئاسة راج معه بالتوازي خبر عدم علم رئاسة الحكومة بموعد إعلان إقالة النابلي دون أن نستطيع التأكّد من المعلومة لأنّ من هاتفناهم من مسؤولين في رئاسة الحكومة لا يردون على هواتفهم. لكن ما نستطيع تأكيده هو أنّ بلاغ الرئيس تضمّن إشارة إلى توافق بين الرئاستين في اتخاذ هذا القرار « وبالتوافق مع السيد رئيس الحكومة».
الرئيس يرفض التوقيع
لم يتوقف حراك الرئيس صباح أمس عند الإعلان الرسمي عن إعفاء النابلي من مهامه إذ رفض المرزوقي، بحسب بلاغ ثان صادر عن الرئاسة، التوقيع على مشروعي قانونين يتعلقان باتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي والترخيص في الزيادة في حصة الجمهورية التونسية لدى صندوق النقد الدولي بما قدره: 258.700.000 من حقوق السحب، وفقا لمقتضيات الفصل 11 من القانون المؤقت المنظم للسلط العمومية، طالبا تأجيل التوقيع على هذه المشاريع إلى حين النظر في مشروع القانون الذي ستقدمه مجموعة من نواب المجلس التأسيسي والذي يخص مسألة التدقيق في ديون تونس تجاه المؤسسات المقرضة العالمية والدول الأجنبية لما بين المسألتين من ارتباط وتلازم.