تحدّث رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي عن الدستور الجديد والوضع العام في البلاد ودور المجتمع المدني في هذه المرحلة خلال لقاء حواري نظمته مؤسسة السلام الأمريكية أمس الأول في مركز الدراسات المغاربية بالعاصمة بحضور ممثلين عن أكثر من 30 منظمة حقوقية دولية. وأكد الشيخ الغنوشي أن «الثورة التونسية ثورة شعبية شاركت فيها جميع الجهات والتيارات التونسية وحركة النهضة كانت من أكبر ضحايا النظام السابق حيث اعتقل أكثر من 30 ألف من أبنائها وطردوا من أعمالهم ولذلك لم يكن غريبا أن تفوز الحركة بثقة الشعب في أول انتخابات حرة ونزيهة».
وقال الغنوشي إن حركة النهضة حركة ديمقراطية وهي تستعد لعقد مؤتمرها التاسع في شهر جويلية القادم والقيادة في الحركة يتم انتخابها من طرف الأعضاء».
وفي ما يتعلق بحقوق المرأة ذكر الشيخ الغنوشي أن حركة النهضة تعترف بمجلة الأحوال الشخصية وجميع مكاسب المرأة التونسية وبيّن أن الحركة لم تعترض على مبدإ المناصفة الذي تم اعتماده في الانتخابات الماضية ومن مجموع 49 امرأة في البرلمان هناك 42 امرأة من النهضة وإذا كانت المرأة التونسية تخشى على مكاسبها من النهضة لما حازت الحركة على الأغلبية ولا يمكن لأحد الحصول على الأغلبية اذا لم يحصل على أصوات المرأة التي هي نصف المجتمع ان لم تكن أكثر».
و بخصوص مسألة تعدد الزوجات قال رئيس «النهضة» «إن المبدأ في الإسلام هو الزواج بواحدة والتعدد أبيح في الإسلام كحل لمشكلات اجتماعية تبرز خاصة في زمن الحرب والمشكل في تونس اليوم هو عزوف الشباب عن الزواج نتيجة البطالة وليس تعدد الزوجات وبالتالي المطلوب توفير الشغل للشباب حتى يتمكن من الزواج». وحول حرية المعتقد بين الشيخ الغنوشي «أن حركة النهضة مع حرية المعتقد لأن الإيمان مقره القلب ولا يمكن إكراه أحد على الإيمان ونحن نرفض النفاق بأن نرغم الناس على إظهار ما لا يعتقدون».
وأكد الشيخ الغنوشي أن الإسلام ليس فيه كنيسة فلا أحد يستطيع ادعاء النطق باسم الاسلام و لذلك نجد في الإسلام مدارس إسلامية متعددة والمقبول من هذه المدارس هو ما يقبله الناس أي الأمة، وعندما طرح موضوع الشريعة في تونس مثلا تظاهر بعض السلفيين للمطالبة بالتنصيص على الشريعة في الدستور وكانت كل الأحزاب مجمعة على الفصل الأول من الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة فقبلنا الفصل الأول دون إضافة أي شيء لاعتقادنا أن الدستور يجب أن يقوم على الإجماع وليس مجرد الأغلبية.
ورفض الغنوشي القول بوجود سلطة دينية فوق سلطة الشعب الذي يختار نوابه وممثليه وذكر أنه عارض مقترح الإخوان المسلمين بوضع مجلس للعلماء للرقابة على البرلمان وهو وضع يشبه ولاية الفقيه في إيران «ونعتقد أنه لا وجود لبابا في الإسلام وعلينا القبول بما يقره البرلمان لأنه الممثل للشعب والأمة التي هي مصدر السلطة». وبخصوص التيار السلفي قال الشيخ الغنوشي إن «التيار السلفي متعدد فيه السلفية العلمية المسالمة وفيه السلفية الجهادية التي تعتمد العنف و بالنسبة إلينا نحن مع الحوار مع كل من ينبذ العنف وعندما حمل بعض السلفيين السلاح في منطقة بئر علي بن خليفة تعامل معهم جهاز الأمن وفق القانون وقتل اثنين ممن يحملون السلاح».
وقال الشيخ الغنوشي إنه يمكن اعتبار النموذج التركي والماليزي من أقرب النماذج إلينا ولكن يظل لكل تجربة خصوصيتها فنحن نعتبر مثالا في المنطقة من حيث تحقيق التعايش والائتلاف بين التيار الإسلامي والعلماني اللذين ظلا لعقود يتحاربان في المنطقة مثلما كانت ثورتنا مثالا للمنطقة في سلميتها حيث كانت الثورة التونسية ثورة سلمية مدنية.
وأكد الشيخ الغنوشي على دور منظمات المجتمع المدني في ترسيخ الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان والحوار مع الحكومة التي يجب أن تساعد المجتمع المدني على القيام بدوره دون التدخل في شانه أو السيطرة عليه كما كان الشأن في عهد الرئيس المخلوع فنحن لا نرغب في اعادة هذه التجربة الفاشلة.»