في وقت تصاعدت فيه تشكيات المستهلك من ارتفاع الأسعار وكثرة التجاوزات، وتزايدت فيه حاجته لتدخل منظمة الدفاع عن المستهلك، بقي تدخل المنظمة في حل الأزمات «محدودا». وتعقد منظمة الدفاع عن المستهلك اليوم مؤتمرها الاستثنائي من أجل تجديد هيئة الاتحاد الوطني.. هي انتخابات من أجل الاستعداد للمرحلة القادمة. «الشروق» اتصلت بمصادر من منظمة الدفاع عن المستهلك وبالسيدة بسمة بن محمد العوّاد المكلفة بالاتصال بمنظمة الدفاع عن المستهلك... وحاولت الوقوف عند أبرز الملفات المطروحة.. ومدى استجابة هذه الملفات لتطلعات المستهلك التونسي في فترة ما بعد الثورة. خلال جولة ل«الشروق» بين مجموعة من المستهلكين ارتفعت أصوات التشكي من وجود نقص في بعض المواد الأساسية مثل الحليب والغاز. ويقول محمد (متقاعد) إن «العطّار» قد تحول الى «ملك» داخل حيه الشعبي، وان توزيع المواد يكون ب«الأكتاف» والمعارف. ويضيف ان هناك الكثير من التجاوزات وانه لم يلمس أي دور لمنظمة الدفاع عن المستهلك. بدورها اعتبرت هالة (موظفة) أن هذه الفترة تشهد أعلى درجات التجاوز وغياب المراقبة كما أنها اعتبرت ان هناك تقصيرا في دور منظمة الدفاع عن المستهلك. واتفقت بقية الآراء على غياب نجاعة في تدخل المنظمة ودورها في فترة ارتفعت فيها حاجة التونسي لمنظمته لترتفع أصوات اللوم والعتاب. فراغ... وأزمة اجابة عن هواجس المستهلك تقول السيدة بسمة بن محمد عوّاد إن منظمة الدفاع عن المستهلك قد مرت بأزمة وفترة فراغ، وعرفت انسحابا كليا من الهيئة. ورغم الصعوبات المالية وفترة الفراغ حاولت المنظمة الاجابة على تطلعات المستهلك وهواجسه مثل غلاء الأسعار، كما أصدرت البلاغات. وقالت المكلفة بالاعلام بالمنظمة: «الاكيد ان الخطاب سيتغير بما يتماشى والمرحلة الاستثنائية التي تعيشها بلادنا... وبما يتلاءم مع تطلعات المستهلك.. فالمنظمة تعدُ بتطوير دورها في المرحلة القادمة..» وأضافت ان من حق المستهلك ان يلوم ويعاتب. في المقابل اعتبرت ان هناك ظروفا مرت بها المنظمة جعلتها تقصّر في تقديم الاضافة وتلبية حاجيات المستهلك. ومن بين أسباب «التقصير» غياب ميزانية حيث عانت المنظمة من أزمات مالية وبقي الموظفون لفترة دون راتب.. وقدمت الدولة في فترة لاحقة رواتب شهرية بصفة ظرفية والى موفى سنة 2011. وأضافت بسمة بن محمد عوّاد ان المستهلك الذي يعيب على المنظمة هو بدوره مقصّر في الانخراط في المنظمة رغم ان الاشتراك لا يتجاوز الدينار.. وقالت: «كما المستهلك في حاجة لنا ونحن في حاجة اليه.. فلا يمكن للمنظمة العمل وهي فارغة اليدين.. ورغم ذلك لقد عملنا في الفترة الماضية دون أجور، وبإمكانياتنا الضعيفة كما لم تنقطع تشكيات المستهلك..» ومن بين الملفات والقضايا التي طرحها المستهلك التونسي نجد ملف ارتفاع الاسعار واحتكار السميد والغاز والحليب وبعض المواد الأساسية. كما يتذمر المستهلك من ارتفاع بعض التعريفات وسوء التعامل من بعض مسدي الخدمات. بين فرنساوتونس مقارنات عديدة يقوم بها المستهلك التونسي بين الدور الذي تلعبه منظمة الدفاع عن المستهلك في تونس وتلك التي تقوم بها نظيرتها في المجتمع الغربي وفي فرنسا. وإجابة على هذا التساؤل تقول المكلفة بالاعلام بالمنظمة أن هناك وعود بتطوير دور المنظمة في الفترة القادمة... لكن المنظمة الفرنسية تختلف من حيث الشكل والاستقلالية والامكانيات. كما تمتلك حق التقاضي وهو حق لطالما طالبت به المنظمة التونسية منذ انبعاثها... كما يقدم المستهلك الفرنسي للمنظمة نسبة من الارباح بتدخل منظمة المستهلك للشكاية!! فساد أم مغضوب عليهم؟ اتهامات كثيرة طالت المنظمة واعتبرت أن نفوذها يعود الى انتماء بعض «الرؤوس» سابقا الى التجمع الدستوري الديمقراطي. ونفدت مصادرنا هذه التحليلات قائلة أن الانتماء للتجمع كان في النظام السابق «واجب» لارضاء الدولة ورغم ذلك، فإنّ المنظمة قد كانت من المغضوب عليها بسبب بعض الملفات التي تناولها. وأصرّت مصادرنا على أنه لا وجود لملفات في الفساد داخل المنظمة باعتبار أن تمويلها شحيح، وكثيرون يعملون بها في اطار التطوع. ومن المواضيع التي أثارت حفيظة النظام السابق نجد موضوع التجارة الموازية والذي أصدرته المجلة، ونظرا لأن التجارة الموازية هي من الأعمال والنشاطات التي سيطر عليها الطرابلسية، فإن ضغوطات كثيرة طالت المنظمة لتخفيف الموضوع وتهميشه. كما أثار موضوع سلبيات الخدمات البنكية استياء واستنكارا من أجهزة النظام بسبب الاشارة لمواقع الضعف في هذه الخدمات المسداة للمواطن. عموما تبقى تطلعات المستهلك التونسي كبيرة وتتحمل منظمة الدفاع عن المستهلك مسؤولية كبرى في الاستجابة لحاجيات التونسي والمستهلك الذي أرهقته تجاوزات وثغرات هذه الفترة... ولعلّ انتخابات المنظمة ستكون خطوة أولى في التغيير واستعادة المنظمة لدورها ومهامها الحقيقية.