مطماطة القديمة هي مطماطة الأصلية التي استقرّ بها البربر منذ عهود قديمة باعتبارهم السكان الاصليين لها ولا تزال آثارهم وإرثهم الاجتماعي وعاداتهم شاهدة على ذلك بالرغم من تجذّر الاسلام فيهم الذي لم يطمس عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم البربرية الى اليوم. لقد سكن البربر في البداية ب «القصور العالية» على قمم الجبال المبنية بالحجارة المرتبطة ببعضها البعض دون استعمال الجبس، ثم استعمل الجبس لاحقا وذلك حتى تتماسك هذه القصور، وهذه المساكن ليست مستعملة طوال السنة إنما يسكنها البربر في الأوقات التي ليست فيها فلاحة ولا جني للزيتون والكروم لأنهم أثناء هذه الفصول يتركون قصورهم ويسكنون الوديان حيث توجد فلاحتهم. وقد سكن البربر المغارات المحفورة داخل الجبال التي تتميّز بخصائص مازالت تبهر الزوار لكونها مساكن داخل الجبال تتميز ببرودتها صيفا ودفئها شتاء وبها كل المرافق اللازمة للعيش وكيفية حفرها وتقسيم مساحات الغرف داخلها من غرف سفليّة وأخرى علويّة تبيّن مكان عيش الانسان البربري واستغلاله المحكم لعناصر الطبيعة ودرجة نظامه في تخزين الأغذية والمياه وقدرته على التكيّف مع صعوبة التضاريس والمناخ وقساوتهما. وتعدّ مطماطة القديمة قلعة أثرية بأتمّ معنى الكلمة استطاعت الى اليوم ان تحافظ على معالمها بفضل وعي سكّانها في المحافظة على إرث آبائهم... ودخول الاسلام الى مطماطة لم يقوّض هذه المعالم وإنما كان سببا مباشرا في المحافظة عليها لكونه لا يتناقض مع فطرة الانسان البربري. سكان مطماطة مقتصدون جدا نظرا الى قلّة امكانيات أراضيهم، إذ تتوقف معيشتهم في السابق على نزول الامطار، ويعدّون حاجياتهم مسبقا (يحضرون العولة سنويا) لحفظها لوقت الحاجة، لذلك تراهم يعصرون زيوتهم حسب حاجتهم، ويحتفظون بمخزون من الزيتون يعصرونه عند الحاجة. ويتزوّج سكّان مطماطة في السابق من القرية للمحافظة على دم العائلة لكن انتشار التعليم والتفتّح على الخارج والزائرين أزال هذه العادات وأصبح السكّان منفتحين جدا على محيطهم الى درجة أن المتزوجات خارج مطماطة لا يقل عن المتزوجات داخلها خاصة بمدينة قابس مركز الولاية حيث بدأ مع مرور الوقت انتشار أمثلة شعبية تحضّ على زواج «المطماطية» لكونها «الودود الولود» والمحبّة للاطار العائلي ارثا عن آبائها وأجدادها. وبمطماطة معلم مهمّ متمثل في «المغارة» التي سكنت فيها الكاهنة «دهيا بنت ثابت» وتسمّى «بتل كويست» وذلك عند هجومها على قابس، وقد تعرّب اسم هذه المغارة وأصبح يسمّى ب «دار كواست».