قابس 24 مارس 2010 (وات)- لئن تنظم جل حفلات الاستقبال والضيافات والافراح فى أغلب المدن التونسية بوحدات سياحية أو باماكن عمومية فإن سكان مطماطة والقرى المجاورة لها يحرصون على اقامة مثل هذه المناسبات بالمساكن الحفرية ذات المعمار الفريد من نوعه والعمق التاريخي والحضاري المميز. وتعد مطماطة القديمة نحو 800 من هذه المساكن الجبلية ومطماطةالجديدة حوالي 200 مسكن. وهى تشكل قرى بربرية يصعب إحداث نماذج لها لدقة اختيار مواقعها ولهندستها المتلاءمة مع الخصوصيات المناخية للجهة. كما تختزن جبال "الزراوة" و"توجان" و"تاوجوت" و"هداج" عددا آخر من هذه البناءات الحفرية التي تلوح للناظرين بدائية وعلى قدر كبير من البساطة لكنها تكشف عن ثراء مخزونها كلما تطال قدمي المرء داخلها. فغرف هذه البناءات عديدة وبرودتها صيفا ودفئها شتاء وفسحتها الوسطى الواسعة ودراجاته البسيطة الموءدية لغرف النوم أو لمخازن الموءن توءكد حسن التكيف مع الطبيعة والتأقلم مع متطلبات الحياة في تلك الشعاب الجبلية الوعرة. ورغم انجذاب عدد هام من سكان جبال مطماطة لحياة المدينة جراء التغيرات الاجتماعية والديمغرافية والطبيعية إلا أن الغالبية لا تزال في تواصل مستمر مع موطن النشأة وتراثه البربري الخالص. ففي العطل المدرسية وإجازات آخر الأسبوع والمناسبات الدينية كما في موسم جني الزيتون تزهو الحياة بقرى المنطقة، وتتكثف حركة المتساكنين على الطرقات المتعرجة بين قمم الجبال والوديان الكثيرة. وحتى العائلات التي اختارت البناء على الطريقة الحديثة لم تقطع صلتها بمساكنها التقليدية "الحوش " وتحرص على صيانته بطريقة دورية وتوفير التجهيزات الحديثة به (ثلاجة وتلفاز ولاقط هوائي وغيرها) فضلا عن تزويده بالنور الكهربائي. وقد تعددت برامج صيانة المساكن البربرية وأصبح عدد منها يستغل كفضاءات سياحية وترفيهية تلقى إقبالا هاما من السياح الأجانب ومن السياح التونسيين، فضلا عن كون المنطقة تحولت في السنوات الأخيرة الى منطقة جذب للمخرجين السينمائيين العالميين. ووضعت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث برنامجا لصيانة جزء من هذه المساكن سيعزز القيمة الحضارية والتاريخية لهذه الفضاءات التي ستتكامل مع تقدم تنفيذ المشروع الرئاسي لصيانة وتعهد القرى البربرية بتوجان وتاوجوت والزراوة ليشكلا مسلكا سياحيا واعدا بالجهة ينتظر أن يدفع الحركية البطيئة للقطاع السياحي بولاية قابس ككل.