حذّر وزير الخارجية الأمريكي كولن باول من أن المقاومة العراقية قد تزداد تصميما بعد الانتخابات العراقية المقرّرة في موفى جانفي الجاري بينما أبدى مسؤولون عسكريون أمريكيون مخاوفهم من تصعيد كبير وهجمات ضخمة يوم الانتخابات.. ولفت مسؤولون عرب من جانبهم الى هذه المخاوف لكنهم حذروا من أن يؤدي هذا التصعيد الى دخول العراق في حرب أهلية وتعريضه الى التقسيم. وتشير معظم التصريحات التي يطلقها المسؤولون الأمريكيون والعراقيون الى أنه بات من شبه المؤكد أن تجرى الانتخابات العراقية بعد نحو أسبوعين، أي في موفى جانفي الجاري وهو الموعد الذي كان قد حدده الرئيس الأمريكي جورج بوش وحكومة علاوي في السابق.. لكن إجراء هذه الانتخابات في مثل هذه الظروف الأمنية المتردية التي يعيش على وقعها العراق أصبح في حدّ ذاته يثير عدّة تساؤلات حول احتمال أن تؤدي الانتخابات الى انجاح العملية السياسية في البلاد ووضع حدّ ل»دوامة» العنف.. تحذيرات... أمريكية وفي هذا الإطار تحديدا أعرب وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الليلة قبل الماضية عن تخوفه من أن تزداد قوة المقاومة وضراوتها بعد الانتخابات العراقية. واعتبر باول في مقابلة بثتها شبكة «بي بي أس» الأمريكية أن المقاومة لن تختفي بسبب هذه الانتخابات.. وأضاف «إن المقاومين قد يصبحون في الواقع أقوى إذا لم يتمكنوا من منع الشعب العراقي من المشاركة في الانتخابات»، وتابع قائلا «إن المقاومين يمكن أن يعتبروا أنفسهم كسبوا المعركة إذا توصلوا الى منع انتخاب نواب يتمتعون بالمصداقية من قبل السنة الذين ألحق العنف دمارا هائلا بمناطقهم». وأضاف «نأمل أن تكون اللجنة الانتخابية قادرة على التأكيد على أن تصويت السنة سيعبر عنهم بشكل كاف لأنهم إذا لم يعتبروا أنه يمثلهم سيكون المقاومون قد حققوا بذلك نجاحا كبيرا». وأثار باول في هذا الاطار أيضا امكانية أن يتمكن المجلس الوطني الذي سينبثق عن هذه الانتخابات من القيام ب»تسويات» خلال تشكيل الحكومة حتى لا يعاقب السنة مقارنة بالطوائف الأخرى «الشيعة والأكراد خصوصا).. وفي الإطار ذاته أبدى مسؤلولون في الجيش الأمريكي أمس قلقهم من احتمال شنّ هجمات كبيرة مع اقتراب موعد الانتخابات. وقال العقيد في الجيش الأمريكي الجنرال مايكل كوريلا ان هناك مخاوف بالخصوص من احتمال أن يقدم المسلحون العراقيون على تفجير أنفسهم في وسط الجموع التي ستدلي بأصواتها في الانتخابات.. وأضاف «إن الدفاع عن النفس ضدّ مجموعات مسلحة تحمل القنابل سيكون أمرا صعبا». ولفت كوريلا النظر الى المنشورات والملصقات الجدارية التي تحث العراقيين على عدم المشاركة في الانتخابات وتهدّد بمهاجمة كل من سيدلي بصوته مضيفا ان التسآول الذي يطرح نفسه في هذا الصدد يتعلق خصوصا بأن كل من سيشارك في هذه الانتخابات سيكون معرضا للقتل. وحذر مسؤولون بالجيش الأمريكي من جانبهم من أن يقدم مسلحون على شنّ هجمات ضخمة ضدّ مراكز الاقتراع. مخاوف... من حرب أهلية وفيما تتزايد التحذيرات من تصاعد الهجمات مع بدء العدّ التنازلي للانتخابات العراقية أبدى مسؤولون عرب من جانبهم مخاوف من نشوب حرب أهلية في العراق. وجاء ذلك بالخصوص على خلفية الهجوم الذي تعرض له ممثل المرجح الشيعي الأعلى في العراق آية اللّه علي السيستاني الأربعاء الماضي. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في تصريحات أدلى بها إثر لقائه رئيس الوزراء الأردني فيصل الفايز «في حال لم يتغير الوضع في العراق فإنه سيكون هناك مخاوف من حرب أهلية وتقسيم العراق الى دول فتات على أسس عرقية.. وشدّد أبو الغيط في هذا الاطار على ضرورة إجراء انتخابات ديمقراطية حرة يشارك فيها جميع العراقيين بمختلف انتماءاتهم وأعراقهم حتى يتمكنوا بذلك من تولي مهامهم بأنفسهم.. وكان فيصل الفايز قد حذّر بدوره من حرب أهلية وقال إن الحكومة الأردنية تستعد لهذا الاحتمال ولحالة فوضى عارمة في العراق. من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في هذا الصدد كل العراقيين إلى المشاركة في هذه الانتخابات وحثّ الحكومة العراقية على تكثيف جهودها في هذا الاتجاه.. ورأى عنان أن الانتخابات يجب أن تكون شاملة قدر المستطاع وأن يكون الناخبون أحرارا في وضع بطاقة الانتخاب التي يريدونها في صندوق الاقتراع. وطالب السياسي العراقي عدنان الباجه جي، رئيس «حزب الديمقراطيين المستقلين» في العراق من جهته العراقيين بالتصويت في هذه الانتخابات «لأن العراق يمرّ بمرحلة حرجة أكثر خطورة في تاريخه».