الحرب الروسية الأوكرانية التي يحرص الغرب تحت قيادة أمريكا على مزيد تأجيجها وإطالة أمدها، «فقرت» و«جوعت» العالم بأسره، بعد أن تجاوز معدل الأسعار ال20 بالمائة.. منطقة البحر الأسود، أين تدور رحى الحرب هي سلة العالم الغذائي ومخزونه الغازي، وكل الأرقام تقول إن كل الدول تقريبا بحاجة إلى هذه المناطق من الكرة الأرضية لضمان أمنها الغذائي ولطرد شبح المجاعة التي أطلت برأسها من هناك ونفثت بسمومها في كل القارات تقريبا. أسعار المواد الغذائية ارتفعت في كل دول العالم، والنقل بات باهظ الثمن بسبب ارتفاع أسعار البترول، الذي سجل ارتفاعا قياسيا تراجعت معه حركة التوريد والتصدير باعتبار ان كل دولة، وكما حدث مع بداية وباء كورونا، تحرص على دعم مخزونها الغذائي وبالتالي كبح التصدير مع دعم مقدراتها الفلاحية. المقدرات الفلاحية في تونس كشفها في الأسبوع الفارط خبراء وأكادميون ومهنيون وهياكل مهنية بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس فقالوا ان أراضينا الفلاحية تمثل62 بالمالئة من المساحة الجملية للبلاد أي ما يعادل أكثر من 10 مليون هكتار، وهو رقم محترم لو تم استغلاله بشكل قويم. هم قالوا كذلك أن القطاع الفلاحي يشغل حوالي 15 بالمائة من اليد العاملة، ويوفر دخلا دائما لحوالي 470 ألف فلاح يساهمون في استقرار سكان المناطق الفلاحية الذين يمثلون 35 بالمائة من مجموع السكان، وتمثل المرأة 35 من اليد العاملة الفلاحية، مبرزين أن أغلب الفلاحين تجاوز عمرهم ال60 عاما، وأن الظروف المناخية تدمر يوميا مقدراتنا الفلاحية و«تأتي» على الفلاح الذي لم يعد قادرا على مجابهة المصاريف.. القطاع الفلاحي لا يساهم إلا بنسبة 9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وب7.5 بالمائة من مجموع الاستثمارات وب8 بالمائة من الواردات و9 من الصادرات الجملية، وكان بالإمكان والكلام دائما للخبراء أن تقفز هذه الأرقام، فقط بإرادة سياسية تدعم الفلاح عوضا أن تدعم الاستهلاك على المواد الغذائية الوافدة.. كلام كثير قيل في الجانب العلمي لهذا الصالون، والجهة المنظمة أي جمعية معرض صفاقس الدولي حريصة على رفع تقرير مفصل إلى «السلط المعنية» يتضمن مخرجات هذه المنتديات العلمية للاستئناس بها، صحيح أن وزارة الفلاحة تضم كوادر وكفاءات عالية، لكن صوتهم دون صوت القرار السياسي .. وزارة الفلاحة أعدت في هذه الفترة خطة للنهوض بقطاعات البذور الممتازة للحبوب وبالتالي للفلاحة عموما وللأمن الغذائي، وأقرت حزمة من القرارات، لكن كل هذا وعلى أهميته غير كاف، والمطلوب الإنصات إلى الهياكل المهنية، المجتمع المدني وخاصة الخبراء القلقين جدا من قادم الأيام.. راشد شعور