ينتصب مئات الحرفيين في صناعة الفخار في منطقة القلالات بالمكنين، منشأ هذه الصناعة اليدوية القديمة قدم تاريخ المدينة الذي يعود إلى العهد البوني... صناعة لا تزال منتعشة ويبدو مستقبلها واعدا رغم الصعوبات الكبيرة. (الشروق) مكتب الساحل أنواع من «الطفل»يتم استقدامها من منطقتي منزل فارسي وزرمدين، «الطفل «الأصفر و»الطفل» الأحمر والأدهم و»الطفل» الأزرق يخلط بعضه بقليل من الرمل ثم يعجن ويمرر على آلات حديدية قبل أن يوضع في بيوت خاصة حتى يبرد ثم يحول بعد ذلك إلى الحرفيين الذين يحولون الطفل إلى أشكال متنوعة من الفخار: قلة، وجرة وحصالة وكانون وطابونة وزحافة وغيرها من الأشكال التي تبقى في الظل أياما قبل أن يتم إدخالها إلى الفرن ثم وضعها في منشر كبير والتصرف فيها بالبيع في الأسواق الداخلية أو الخارجية. ويؤكد الحرفيون في هذا القطاع ان هناك نوعين من القطع الفخارية المعروضة، وهما الفخار الأبيض، أو الفخار الطبيعي وهو مخصص أساسا للاستعمال المنزلي كالأواني وغيرها، وأصبح في السنوات الأخيرة مخصصا أيضا للحدائق، وهي منتوجات بدأت تقتحم الأسواق الأوروبية كإيطاليا وهولندا وألمانيا، فضلا عن السوق الامريكية وبعض الاسواق العربية ومنها ليبيا والجزائر، اما النوع الثاني فهو الفخارالمطلي أو السيراميك الموجه للاستعمال المنزلي وخاصة للأكل أو لصناعة تحف الزينة والهدايا. صعوبات كبيرة عبد العزيز معواني قال إنه دخل حرفة صناعة الفخار منذ عشرين سنة وهي صنعة تعلمها بعيدا عن المدارس المهنية، وأوضح أنه يصنع بالأساس الأصص الكبيرة التي عادة ما يستعملها الفلاحون لغراسة النباتات و تستعمل أيضا للزينة ,وهي أوان فخارية مطلوبة في الخارج. وأشار إلى أن زملاءه في المهنة يصنعون أواني أخرى مطلوبة بكثرة في بعض المناطق داخل الجمهورية على غرار جزيرة جربة، ولم يخف محدثنا أن هذا القطاع رغم أهميته يعرف صعوبات لا تحصى جعلت العاملين فيه يعجزون عن تطويره وتنويع منتوجاتهم. مشاكل قطاع صناعة الفخار في المكنين عديدة وكثيرة لخصها السيدان محمد بوفريخة (حرفي)وعادل قيبان (مصدّر) في جملة من النقاط وهي بالأساس قلة اليد العاملة المختصة وغلاء الوقود وارتفاع أسعار المواد الأولية ورداءة الطريق المؤدية إلى القلالات خاصة في فصل الشتاء فضلا عن الصعوبات الديوانية. وفي هذا الشأن قال قيبان «عادة ما نحرص على تسويق منتوجنا إلى بعض الدول الأوروبية على غرار إيطالياوألمانيا وليبيا والجزائر وكنا في السابق نقوم بشحن العربات داخل المنشر في حضور عون من أعوان الديوانة بما يضمن وصول السلع إلى أصحابها سليمة وفي حالة جيدة، لكن خلال المدة الأخيرة تغيرت الأمور نحو الأسوأ وأصبحت عملية التفقد الديوانية تتم بميناء رادس وهو ما يتطلب إنزال المنتوج وإعادة تعبئته بطريقة غير حرفية ولا تضمن سلامته من الإتلاف...» قرية حرفية... جملة التساؤلات التي تشغل بال الحرفيين في صناعة الفخار نقلناها إلى رئيس بلدية المكنين المنجي الشريف فقال: إن التساؤلات منطقية و المشاكل حقيقية وهي تحول دون تطوير القطاع الذي يشغل مئات العائلات وينتفع من خلاله آلاف الأشخاص. اما بخصوص الطريق فقد أكد الشريف أنّ البلدية تتعهد بتهيئتها وقتيا في القريب العاجل بما يساعد على دخول وخروج العربات إلى المنطقة الصناعية في انتظار أن يتم النظر بصفة نهائية مع المصالح المعنية في تزويد المنطقة بالغاز الطبيعي وتعبيد الطريق بصفة نهائية خارج الإطار التشاركي الذي بات ينظم عملية البرمجة فيما يتعلق بتعبيد الطرقات وغيرها. وعن القرية الحرفية قال الشريف إن البلدية خصصت مساحة 3000 م م بطريق جمال لإقامة هذه القرية التي ستجمع مختلف الحرفيين في المدينة والتي سيتم إدراجها ضمن المسلك السياحي بالتنسيق مع المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية وأن البت في هذا القرار سيكون يوم 23 من الشهر الجاري من قبل المجلس البلدي.. تجديد مجلس الحرفة ومن جهة أخرى قال المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بالمنستير كاظم المصمودي إن صناعة الفخار بمدينة المكنين صناعة منتعشة رغم العوائق والصعوبات وإن الحرفيين والهياكل المعنية في سعي دائم إلى تحسين ظروف العمل وفتح أسواق جديدة للتصدير على غرار السوق الأمريكية والكندية. وأشار المصمودي إلى أن عدد الحرفيين في مجال صناعة الفخار في حدود 600 حرفي وأن قيمة الصادرات نحو البلدان الأوروبية ألمانيا وهولندا وفرنسا وايطاليا فضلا عن الجزائر تقدر بنحو أربعة مليارات من المليمات وأن القرية الحرفية التي سيتم إنشاؤها سنة 2019 في المكنين ستوفر حوالي مائتي موطن شغل. وأكد المصمودي أن «صناعة الفخار رغم عزوف الشباب عنها تبقى محور دراسات للتطوير من قبل طلبة معهد الفنون الجميلة بسوسة ومعهد الحرف بالمهدية، تطوير يشمل تحسين الجودة وطريقة الطهو، وستشهد مستقبلا تحسنا ملحوظا في ظل حرص المعنيين على النهوض بالقطاع وموافقتهم على الانخراط في مجمع خاص وإعادة تجديد مجلس حرفة الفخار واختيار أمين يساعد الإدارة على مزيد التنسيق بين مختلف الأطراف ذات العلاقة بالقطاع. ويُشار إلى أن حجم صادرات الفخار لمعتمدية المكنين وحدها بلغ سنة 2017 نحو 3.5 مليون دينار، وحقق القطاع بذلك نسبة تطور بلغت أكثر من 20 بالمائة قياسا بسنة 2016 علما أن أكثر من 90 بالمائة من الفخار المنتج بالمكنين يتم تصديره إلى الخارج، حسب المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بالمنستير. ومن المنتظر أن يبلغ حجم صادرات الفخار بالمكنين لسنة 2019 بين 4 و 5 مليون دينار حسب المصدر ذاته.