هاريس تتحدى ترامب لمناظرة ثانية والأخير يرفض    نقابة القضاة تعبر عن استيائها مما اعتبرته "حملة ممنهجة "ضدها    في النصف الأول من العام القروض البنكية تشهد تطورا    مطلوب المزيد من الحوافز والاعفاءات ..عدد السيارات الكهربائية في تونس مازال ضعيفا    الاتّحاد المنستيري يُودّع كأس رابطة أبطال إفريقيا    أخبار شبيبة العمران ... الشبيبة ترفع شعار التحدي    عوسجة ..وفاة تلميذة إثر دهسها جرار أمام مدرستها    في تونس وصفاقس ومدنين: حجز بضائع مهرّبة بقيمة مليارين    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    مع الشروق .. لبنان و جامعة العجز العربي    تحقيق على الطريق ...بسبب الماء والدواء ...الأشجار في خطر وتفاح سبيبة مهدّد    الليلة وفجر الغد: أمطار بهذه الجهات    الطائرات الإسرائيلية تشن 80 غارة في 40 دقيقة فقط على البقاع الغربي وجنوبي لبنان    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    تونس: منصّة ورقم هاتف للإبلاغ عن كل من يُلقي بنفايات الهدم والبناء بالشوارع    فرنسا: الإليزيه يعلن التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة ميشال بارنييه    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    النادي الصفاقسي يتأهّل إلى دور المجموعات    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    النادي الصفاقسي في مواجهة حاسمة أمام روكينزو البوروندي: تعرّف على التشكيلة الأساسية    بطولة المانيا: بايرن مونيخ يكتسح بريمن بخماسية نظيفة    تأجيل إضراب أعوان مؤسستيْ شركة السكك الحديدية وشركة أشغال السكك الحديدية    تعديل القانون الانتخابي يشكل مسا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري (حملتا زمال والمغزاوي )    الاتّفاق على الزيادة في أجور العاملين بقطاع النزل السياحية    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    القصرين: المنسقون الجهويون والمحليون لحملة قيس سعيد بالجهة يواصلون الحملة الدعائية الميدانية لمرشحهم    بفارق 7 سنوات عن العالم: دولة تحتفل برأس السنة 2017    بداية من الإثنين القادم: الأمطار تشمل أكثر من معتمدية    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر..وهذه التفاصيل..    وزير الخارجية يشارك في قمّة "المستقبل" والدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    الرابطة الأولى: تحديد ملعب مواجهة مستقبل سليمان والترجي الرياضي    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة على هامش التحضير لليوم العالمي لداء الكلب    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    بقيادة معين الشعباني: نهضة بركان المغربي يبلغ دور مجموعات مسابقة كأس الكاف    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ الهادي كرّو يكتب ل «الشروق»:القضية الجزائية بعد 50 سنة من صدور مجلة الإجراءات الجزائية التونسية (3)
نشر في الشروق يوم 01 - 08 - 2018

« اذا اقتضى تنفيذ الانابة سماع المظنون فيه فعلى ماموري الضابطة العدلية اعلامه بان له الحق في اختيار محام للحضور معه والتنصيص على ذلك بالمحضر .
فاذا اختار المظنون فيه محاميا يتم اعلامه فورا من طرف مامور الضابطة العدلية بموعد سماع منوبه والتنصيص على ذلك بالمحضر .
وفي هذه الصورة لا يتم السماع الا بحضور المحامي المعني الذي يمكنه الاطلاع على إجراءات البحث قبل ذلك ما لم يعدل المظنون فيه عن اختياره صراحة او يتخلف المحامي عن الحضور بالموعد . وينص على ذلك بالمحضر . «
والملاحظ ان هذه المبادرة التشريعية لم تلق اقبالا كبيرا في التطبيق وظلت نتائجها خافتة في الوقع نظرا للصفة الاستثنائية لهذا العمل الذي قلل من وقوعه التعهد المسبق لماموري الضابطة العدلية بالاعمال المتعلقة بالجريمة بمجرد حدوثها والذي لا يستوجب وقتها حضور المحامي قانونا .
لقد تحقق هذا الاجراء واحدث حضور المحامي اعمال الضابطة العدلية جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والقضائية رغم ان احكام الفقرة الثانية من الفصل 57 من م ا ج اعطت المتهم حق الدفاع ومكنت المحامي من حضور الاعمال التي يقوم بها مامورو الضابطة العدلية نيابة عن حاكم التحقيق. الا ان الامر بقي وكان لم يكن الى ان اصبح حضور المحامي اعمال الضابطة العدلية وجوبيا في حالات الاحتفاظ بذي الشبهة التي تقتضيها ضرورة البحث الذي يقوم به اصالة عن أنفسهم مامورو الضابطة العدلية من شرطة وحرس وطني واعوان القمارق في نطاق ما تخوله لهم المجلة القمرقية طبقا لما اقره الفصل 13 مكرر الذي اضافه لمجلة الإجراءات الجزائية القانون عدد 70 لسنة 1987 المؤرخ في 26 نوفمبر 1987 والمنقح بالقانون عدد 5 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016 .
القانون عدد 5 لسنة 2016
لقد عزز تنقيح الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية بالقانون عدد 5 لسنة 2016 المذكور العلاقة الترتيبية والعضوية بين السلطة القضائية ممثلة في النيابة العمومية ومؤسسة الضابطة العدلية. فقد زادت العلاقة ارتباطا الفقرة الأخيرة من الفصل 13 مكرر التي تنص :
وعلى مأموري الضابطة العدلية المنصوص عليهم بالفقرة الأولى من هذا الفصل أن يمسكوا بالمراكز التي يقع بها الاحتفاظ سجلا خاصا ترقم صفحاته وتمضى من وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه وتدرج به وجوبا التنصيصات التالية :
هوية المحتفظ به طبقا للبيانات المنصوص عليها بالمحضر،
موضوع الجريمة الواقع لأجلها الاحتفاظ.
تاريخ إعلام العائلة أو من عينه المحتفظ به بالإجراء المتخذ يوما وساعة.
طلب العرض على الفحص الطبي أو اختيار محام إن حصل سواء من المحتفظ به أو من أحد أفراد عائلته أو من عينه أو طلب إنابة محام إن لم يختر المحتفظ به محاميا للدفاع عنه في حالة الجناية.
ويتولى وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه إجراء الرقابة اللازمة بصفة منتظمة على السجل المذكور وعلى ظروف الاحتفاظ وحالة المحتفظ به.
لا جدال في ان القانون حين اعطى وكيل الجمهورية سلطة الرقابة اللازمة بنفسه او بواسطة احد مساعديه بصفة منتظمة على السجل وعلى ظروف الاحتفاظ وحالة المحتفظ به فانه لم يبين كيفية اجراء الرقابة أولا والجزاء المترتب عن الاخلال بالواجب المتعلق بمسك السجل من المسؤول عن المركز الذي يقع به الاحتفاظ وثانيا بظروف الاحتفاظ وحال المحتفظ به .
ودون خوص في تفاصيل موضع المراقبة والصعوبة الموجودة في اجرائها في اماكن غير تابعة لسلطة الرقابة لا بد من الاقتناع ان تحقيق الاقتراح موضوع الدراسة يتحقق به تطبيق مقتضيلت القانون عدد 5 لسنة 2016 وما تقتضيه حقوق الانسان .
والملاحظ ان القوانين المنقحة لاحكام الاحتفاظ تظهر تقدما في ميدان الحريات العامة لانها تنقص على التوالي من مدة الاحتفاظ وتقلل تدريجيا من إمكانية وقوعه والتمديد فيه بفرض شرط الاذن القضائي والتعليل. الا انها كثيرا ما تخفي صراعا بين القضاء والضابطة العدلية يفيد ان الأول يغار على كل نفوذ يسند لغيره ويتولى « استرجاعه « عندما تسمح الفرصة بذلك، مثل شان الاذن بالاحتفاظ فانه يتارجح بين الاذن به من القاضي او اعلامه به بعد اتخاذه من مامور الضابطة العدلية في حين ان الموضوع يتعلق بلزوم الاحتفاظ من عدمه علما وانه من مقتضيات البحث وحسن سيره بعيدا عن التنكيل والشماتة ولا يحس بنجاعته الا من يباشر البحث ويعيش ظروفه .
ومن المؤمل تفاديا لكل التجاذبات ان تنشا عن مؤسستي النيابة العمومية والضابطة العدلية في المستقبل القريب هيئة قضائية قائمة بذاتها يرجع تسلسلها الهرمي بالنظر لوزارة ذات سيادة لها من العدة والعتاد ما يجعلها مؤهلة بشريا وماديا لاجراء البحث والقيام بما تقتضيه النازلة من اعمال بغض النظر عن وجود الهيئة العليا للقضاء العدلي المحدثة مؤخرا .
والملاحظ ان هذا التطور ينطبق عليه المثل القائل « رمية بدون رام « لان ما حدث لمهام الضابطة العدلية لم يفكر اهل الشأن في آثاره البعيدة ومراميه آلثورية، وانما جاء نتيجة عفوية لتظاهرهم غير الصادق بالدمقراطية وتشبثهم بمبادئها وسعيهم في تدعيم حقوق الدفاع خدمة لمصالحهم الشخصية. فاذا بالامر يتجاوز طموحهم السياسي فيتوطد التقارب بين الضابطة العدلية والمحاماة، وتتعزز الصلة بين الضابطة العدلية والقضاء، ويدخل بذلك على النظام القضائي تغييرا جوهريا تكون له دون شك آثار حميدة عند ما يتحقق التغيير المقترح وينعدم بذلك مرج القضية الجزائية وطول نشرها .
من الثابت ان التنقيح الذي ادخل على الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية احدث تطورا ومفهوما جديدين للقضية الجزائية يمكن الجزم على ضوئهما ان القضية الجزائية كانت من الاساس من وضع وتصميم الضابطة العدلية. وقد تدعم الشأن بحضور الدفاع اعمال البحث الذي يقوم به مأموروها .
من الثابت انه رغم مبادرة أعوان الضابطة العدلية باعداد ملف القضية وتجهيزه للفصل بحضور المحامي في نطاق البحث (الأولي) المتمثل في القيام وجوبا باعمال وكيل الجمهورية وحاكم التحقيق ودائرة الإتهام عند الاقتضاء والمحكمة باستثناء اصدار البطاقات القضائية والنطق بالحكم، فانه لا بد ان تمر القضية الجزائية حتما وحسب الأحوال بالهيئات القضائية المرصودة لها من مجلة الإجراءات الجزائية والتي تشكل بعد البحث الاولي محطات عديمة الجدوى تتسبب في طول مدة نشر القضية وبقاء المتهم قابعا بالسجن ظلما اذا كان موقوفا تحفظيا.
لذا، وبعد ان اتضح ان سبب طول القضية الجزائية ومرجها يكمنان في وجوب مرورها بعد بحث الضابطة العدلية بهيئات قضائية لا فائدة ترجى من اعمالها وان الاستغناء عنها لا تاثير له على سلامة بحث الضابطة العدلية وأن الإختصار المقترح تمليه الحقائق التالية:
أولا: إنه من قبيل القوى المضاعة أن يمرّ ملف القضية الجزائية من اجل البحث على الضابطة العدلية أولا وبالاساس ثم على النيابة العمومية والتحقيق ودائرة الإتهام طبقا للقانون ليصل في النهاية الى المحكمة لتبحث فيه وتحكم على ضوء اعمالها حسبما يقتضيه القانون
ثانيا: أنه مهما كثرت الجرائم وتنوعت فإن مأموري الضابطة العدلية من الشرطة والحرس قادرون على مجابهتها لإنتمائهم إلى قوات الأمن الداخلي. وهي قوّة مسلّحة مدنية لها من المعدّات البشرية والمادية ما يمكنها من القيام بالاعمال المنوطة بعهدتها في حين تشكو الهيئات القضائية نقصا كبيرا في الرجال والعتاد.
ثالثا: أن النظام الحالي للسلط المتكونة منها الدولة تفرض التعايش بين الشرطة والقضاء لأن في غياب الشرطة عن القضاء تعطيل للقضاء وبطالة للقضاء وفي غياب القضاء عن الشرطة بقاء للسلطة وتمسك بالنفوذ.
رابعا: لم يبق مبرّر لبقاء مؤسسة التحقيق بدرجتيها في قضايا سبق ان باشرت الضابطة العدلية بحضور المحامي أعمال البحث والتحقيق فيها.
الاقتراح الاول
أن الإكتفاء بإحالة القضية الجزائية مهما كان نوعها ومهما كان وصف الجريمة من وكيل الجمهورية الى المحكمة المختصة للنطق بالحكم فيها بعد بحث الضابطة العدلية بحضور المحامي ينقص حتما من البطء العالق بها والسلام ./.
* الأستاذ الهادي كرّو (المحامي لدى التعقيب بتونس
والأستاذ المتقاعد بكلية الحقوق بتونس)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.