يغتنم المسلمون شهر رمضان المعظم للتزاور بينهم وتكثيف اللقاءات بين الأقارب والأصدقاء وفي ذلك زيادة في تقوية العلاقات البشرية ووصل للأرحام التي أمر بها الدين الحنيف، فالله يدعو الناس إلى وصل أرحامهم وعدم قطعها وجعل لهم حقوقا وواجبات نحو بعضهم البعض في حدود الشرع ومكارم الأخلاق حتّى لا يتنكّر الإنسان لأصوله وفروعه, فالروابط الدموية وروابط القرابة من الأخوة والعمومة إلى المصاهرة وغيرها يجب المحافظة عليها وتقويتها بل إن الإسلام يعتبر هذا الصنيع قربى إلى الله من أعظم القربات , فصلة الرحم وإكرام الأقارب وأداء حقوقهم وإعانة محتاجهم ونصرة مظلومهم وتحمّل أذاهم مناط يحقق رضوان الله تعالى . سألت درّة بنت أبي لهب رسول الله عن خيرالناس فقال صلى الله عليه وسلم: «أتقاهم للربّ، وأوصلهم للرحم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر» ولهذا أوصى النبي أصحابه عديد المرات بالإحسان إلى الأقارب وتفقّد أحوالهم والسؤال عنهم وتهنئتهم بالأفراح وتعزيتهم وجبر خواطرهم عند المصائب. لقد بشّر الرسول الكريم هؤلاء الذين يحسنون معاملة أقاربهم ويصلون أرحامهم بالحساب اليسير في الدار الآخرة ودخول الجنّة: قال النبي «ثلاث من كنّ فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته قال وما هي يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال «تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة» كما أن صلة الرحم سبب في زيادة الأعمار وبركة في الأموال والأرزاق. إن الإحسان إلى القريب يجلب رضى الله . فالصدقة على المسلم البعيد صدقة وعلى المسلم القريب صدقتان صدقة وصلة . ولهذا حثّ الإسلام المسلمين على إتباع هذا السلوك الكريم ولو ظلم الأقارب بل ويطلب منهم ترويض أنفسهم على ذلك بالصبر . «وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقٌاها إلا ذو حظ عظيم»(فصلت:35) فالنفس البشرية ميّالة إلى ردّ الفعل والغضب على من أساء إليها وتنكّر لها وظلم القريب أشد وطأة على النفس .ولكن القريب لا بدّ منه محسنا كان أم مسيئا قال الرسول «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح». البعيد يمكن للإنسان أن يبتعد منه فلا هو جاره ولا قريبه ولا شريكه ويمكن أن يشتكيه و يقتص منه وأمّا القريب منه وإليه فهو اختبار له من الله يثيبه على صبره عليه. روى البخاري أن رجلا قال يا رسول الله إنّ لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال: «إن كنت كما قلت فكأنما تسفّهم الملّ ولايزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».