مثل سائر خلق الله مرتبي عندما أقبضه يُسمّى «شهرية» وعندما أصرفه يصبح «أسبوعية»... مثل سائر خلق الله الذين تراسلهم شركة الستاغ وشركة الهاتف وشركة الماء بانتظام أدعو على الشهر بالموت قبل الأوان... مثل سائر خلق الله الذين يصل بهم الامر الى حد تسديد الكريدي بالسلفة... القروض... بقروض إضافية... هذا الوضع الغريب فجر في من هم مثلي طاقات مخفيّة... فالموظف صاحب البدلة الواحدة وعديد ربطات العنق يتحول فجأة قبيل عيد الاضحى الى بائع خرفان... من المكتب الى «الرحبة» هناك مسافة اسمها الحاجة تولد الاختراع... وهناك من يحمل في حقيبة تدريسه ملفات تلاميذه... ونماذج للألبسة الداخلية يعرضها في وقت فراغه على التجار... ممثل مصانع متجوّل... وهناك من فتح في بيته دكانا يعمل كما التلفزة... لكل موسم شبكته وهو لكل موسم سلعته... مكتبة عند العودة المدرسية... موالح و»ملصوقة» في شهر رمضان... لبلابي في الشتاء... ومرطبات ومثلجات في الصيف... وهذا الهاتف الجوال وسّع في آفاق هذه العبقرية والمهم هو «الرّيزو والزّيرو»... «الرّيزو» يدور جيدا وهو «يدوّر الزّيرو» جيدا... لهذا كله قلت لكم ذات مرة أن التونسي يتقاضى 400 دينار. يصرف 400 دينار و»يفضل» 400 دينار... للأسف تعوزني هذه الطاقة رغم أني أعمل سائقا قبل وبعد عملي... سائقا بدون مرتب... سائقا عند أولادي... وللحديث بقية.