رقمه 23 في قائمة آل الطرابلسي الخاضعين لاجراءات تضييقية والتي نشرها الاتحاد الأوروبي بداية الشهر الجاري.. تلك القائمة ضمّت 48 شخصا من آل بن علي وأصهاره متهمون بسرقة أموال عمومية تونسية.. وهم محلّ تحقيق قضائي من قبل السلطات التونسية لاقتنائهم أشياء حسيّة منقولة وعقارية لحقوق عقارية موجودة بالخارج ووضع تحت نظام آخر من العملات كانت قبل ذلك مرسمة بحساب مفتوح بالخارج ومسك وتصدير عملة أجنبية بصفة غير قانونية وغسل الأموال باستغلال الوظيف والنشاط المهني والاجتماعي من قبل مجموعة منظمة والمشاركة في ذلك. يدعى نبيل بن عبد الرزاق بن محمد الطرابلسي.. وهو ابن الأخ غير الشقيق لزوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي.. محمّلا بوثائقه الكثيرة الى قاعة التحرير ب«الشروق» يطلب توضيحا من العدالة حول تهمته.. وهو الذي لا يمتلك ما جاءت به تلك التهمة من «ثراء مزعوم» على حدّ قوله ووفقا لما تقدم به من وثائق. الانتحار حرقا! بكى مطولا وهو يصف المشهد المأساوي الذي يعيشه وعائلته قائلا إنه مستعدّ لحرق نفسه ما لم يستمع إليه أحد.. فهو مطلوب بتهمة ثراء لا يملكه كما أنه موقوف وزوجته عن العمل ويعاني أبناؤه الثلاثة من الحرمان من الدراسة. يعمل نبيل الطرابلسي المولود في ديسمبر 1965 موظفا بالخطوط التونسية منذ عام 1991 وتولى منذ سنة 2008 خطة رئيس مساعد لفرع مطار بنغازي بالجماهيرية الليبية. قال إنه جاء الى تونس قبل 14 جانفي لحضور جنازة شقيقه.. وبعد استيفاء مدة إجازته بتونس واستقرار الوضع الأمني بشكل تدريجي بالوطن. قصد يوم الخميس 27 جانفي المنقضي مطار تونسقرطاج متوجها الى مدينة بنغازي للالتحاق بعمله لكنه فوجئ باعلام من طرف السلط الأمنية جاء فيه أنه تسلط عليه قرار من السيد عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس (القضية عدد 1/19592) يحجر عليه تحفظيّا السفر الى الخارج وذلك ضمانا لحسن سير الأبحاث الجزائية التي فتحت ضد عائلة آل الطرابلسي. وأشارت السلط الأمنية إليه بضرورة الاتصال بالسلطة القضائية المتعهدة بالنظر لتسوية وضعيته. انتظار اتصل محدثنا بقاضي التحقيق مصحوبا بمحاميه الأستاذ علي عدنان معرّف حسب قوله وكان الردّ «استنّى كي نستحقولك نعيطولك». وفي انتظار ذات صباح تنظر فيه العدالة في وضعيته.. يقبع نبيل الطرابلسي بشقته بدار فضال مرفوقا بزوجته وأطفاله الثلاثة ينتظرون تسوية وضعية «ثرائهم المزعوم» حتى يتمكنوا من العودة الى الحياة. تم ايقافه وزوجته (زميلته في نفس الشركة) مؤقتا عن العمل من الخطوط التونسية وذلك بعدم صرف جرايتيهما والحال أن كليهما بصدد استخلاص ديون لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي وبنك الاسكان. كانا قد حصلا عليها لشراء سيارة شعبية من نوع «رينو كلاسيك» وشقة بالمنطقة المذكورة. قال نبيل باكيا إنه لو كان على «الثراء المزعوم»، وهي التهمة الموجهة إليه بعد أن ادرج اسمه ضمن قائمة آل الطرابلسي الذين نهبوا الأموال العمومية لما تغرب حسب قوله منذ 2008 بدولة ليبيا تاركا زوجته وأبناءه في الوطن.. «لو كنت ثريا ما كنت لأمضي يوما واحدا من دونهم فمثل جميع من هاجروا من أجل لقمة العيش كنت أمضي ليالي شهر رمضان وحيدا أبكي فقداني لعائلتي عند سماع صوت آذان المغرب». أزمة لقب «أحمل اللقب نفسه لكنني لا علاقة لي بليلى الطرابلسي أو بقية أفراد العائلة»، ويضيف بملامح متأثرة جدا مستشهدا بمثل شعبي يقول: «ما انجمش انحّي الخشم من الوجه.. إنهم عائلتي، لكن لا علاقة لي بهم تماما كما يحدث نفور في كل العائلات التونسية». قال نبيل إنّ والدته تدعى شريفة بنت حسين باش حانبة شهرت جنينة وهي الزوجة الأولى لمحمد الطرابلسي.. حين توفيت كان والده عبد الرزاق الطرابلسي يبلغ من العمر 40 عاما. تزوج جدّه بسيدة والدة ليلى فرفضت حسب قوله الاهتمام بالطفل عبد الرزاق الذي تولى عمّه عبد الكريم الطرابلسي صاحب مكتبة بسوق البلاط تنشئته. نشأ عبد الرزاق بعيدا عن والده وإخوته غير الأشقاء ومنهم ليلى وبلحسن الطرابلسي وانتقل عام 1964 للسكن بمنطقة الكرم ثم توفي عام 1994. بعد 14 جانفي قال نبيل إنّ عددا من المواطنين اقتحموا منزل والده وافتكوه بدعوة أنه شقيق ليلى زوجة الرئيس المخلوع وهو الذي كان بعيدا كل البعد عن أشقائه. قال إنه بحكم وظيفته في الخطوط التونسية ظل على دراية بتجاوزات عدد من آل الطرابلسي وإنه كان يخجل لحمله ذات اللقب ولولا تعلقه الشديد بوالده لكان غير لقبه. اجراءات غير مبرّرة دون أن تتغيّر ملامحه المتأثرة جدّا بالوضع الذي أصبح يعيش عليه ودون أن يستطيع كفكفة دموعه يقول نبيل بن عبد الرزاق الطرابلسي إنه على استعداد للمحاكمة وتحمّل مسؤوليته القانونية ما إن ثبت استعماله يوما للقبه من أجل الحصول على الرشاوى أو ارتكاب تجاوزات.. فمثلي مثل كل التونسيين المنتمين للطبقة المتوسطة بنيت حياتي وزوجتي بالتداين والاقتراض البنكي وكنت أنصح أبنائي بالاجتهاد في العلم لبناء حياة مستقلة نظيفة ومتميزة بالعلم وليس افتكاك حقوق الآخرين. كما ذكر محدثنا أنه يخشى تواصل عدم صرف جرايته وجراية زوجته وبالتالي عجزهما عن سداد قرض السيارة والشقة.. بعد أن قلب لقبه حياته. دفاعا عن موكله راسل الأستاذ علي عدنان معرّف الخطوط التونسية راجيا من رئيسها المدير العام مراعاة الوضع الاستثنائي لأحد موظفي الشركة، نبيل الطرابلسي وذلك بعد تعذّر سفره للالتحاق بعمله ببنغازي وطلب نقلته للعمل بتونس حتى يتمكن من العودة للعمل لكن الشركة ردّت شفويا لنبيل بالقول: «هناك اجراءات وجب اتخاذها». ويتساءل نبيل عن مصيره وعائلته خاصة بعد صدور اسمه ضمن قائمة آل الطرابلسي الخاضعين لاجراءات تضييقية والمتهمين بسرقة أموال عمومية في تونس وفي عدد من الدول الأوروبية. تتبع وعلمنا من الأستاذ معرف أنه قام يوم الثلاثاء الماضي بمراسلة سفارة سويسرا بتونس ينفي فيها أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة لموكّله بالسرقات التي قام بها بعض من آل الطرابلسي رغم حمله لنفس اللقب ورغم أنه ابن أخ غير شقيق لزوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي. كما جاء في المراسلة استنكار موكّله لادراج اسمه ضمن قائمة الأفراد الخاضعين لاجراءات تضييقية ولتجميد أرصدة في سويسرا والحال أن لا أرصدة له خارج البلاد. ذات المراسلة تم بعثها أمس إلى مكتب مفوضيّة الأممالمتحدةبتونس وفيها احتجاج رسمي على ادراج اسم موكله نبيل الطرابلسي ضمن قائمة المطلوبين من آل الطرابلسي. ويقول الأستاذ معرّف ل«الشروق» إنه من غير المعقول توجيه تهم لموكله دون أدلة مؤكدا أنه متمسك ببراءة نبيل ويطلب من القضاء انصافه بالاستماع إليه في أقرب الآجال حتى يستطيع موكله العودة الى الحياة وحتى يعود أبناؤه الى مقاعد الدراسة. كما قال إنّ التحقيقات الجزائية لا يجب أن تعتمد فقط على مجرّد حمل موكّله لذات اللقب. وذكر الأستاذ معرّف ل«الشروق» إنه سيتم تتبّع بعض الصحف ووكالة الأنباء قضائيا لنشرها لاسم موكله. كما وجه نبيل الطرابلسي شكره لأجواره الذين تولوا حمايته إبّان «الثورة» على لقب الطرابلسي.