بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي نتمنى أن يكون النبأ الذي جاء من بغداد أخيرا صحيحا بخصوص المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمتواصلة عن طريق لعبة الشد والجذب بين قائمته والقائمات الأخرى. ويقول النبأ إنه كفّ عن ركب رأسه وأذعن لحقيقة أنه مرفوض، وأنّ عناده لا معنى له ما دام البلد يواصل الغرق وقد اعترف بنفسه أنه (جزء من المشكلة). لكن الناطق باسم قائمة المالكي يصرّ على أن المرشح لرئاسة الوزارة يجب أن يكون من حزب الدعوة (حزب المالكي)، فهل سيكون الرئيس الفعلي بواجهة شخص آخر؟ وعندما أنقل هذا النبأ فليس من باب التفاؤل، فالتفاؤل غاب بل ومسح من القاموس العراقي. كما أن لا أحد يتفاءل بهؤلاء الذين لولا الاحتلال الذي لا بدّ له من أعوان يحملون جنسية العراق ولم تكن تهمه أهميتهم ولا مستواهم الفكري ووعيهم السياسي، بل يهمه أنهم مطيعون له، ينفذون ما يريده منهم. والاحتلال يعلم أن نسبة كبيرة من الساسة الجدد شهاداتهم مزورة وكلها من (جامعة سوق مريدي) وهو أشهر سوق للتزوير في بغداد، يزور أي شيء، وثائق شخصية، بطاقات الحالة المدنية، سندات تملك الدور والعقارات، اضافة الى أنه بامكان من يود الحصول على شهادة دراسية أن يجدها وبنسخة مشابهة للأصل في «سوق مريدي» العجيب، هذا الذي انتفع من وجوده أي انتفاع نواب ووزراء ومديرون عامون وما شابه. والمضحك أن احدى النائبات كانت سيئة الحظ فلم تجد إلا شهادة مزورة كخريجة من المعهد الزراعي في «أبو غريب». فكانت الفضيحة «بجلاجل» كما يقال ولكنها تظل فضيحة صغيرة أمام الفضائح الكبرى. جاء هذا الخبر حول تخلي المالكي إن صحّ بعد أن توقفت كل محطات توليد الكهرباء أو ما تبقى من هذه المحطات عن العمل في كل أنحاء العراق عند المناطق الكردية (الخمس نجوم). ولم يقولوا السبب الحقيقي في أنها تعمل بقدرة قادر ما دامت «شبه خردة» ولم يجر تجديدها. والمبالغ المليارية التي رصدت لذلك ذهبت الى الحسابات الخاصة، يقول الخبر إن السبب ارتفاع درجة الحرارة فكأن الحرارة لم تكن ترتفع في مثل هذا الموسم، كأنها أمر طارئ على بلد صيفه لا يقاوم حتى إن محدثكم يتذكر صيف العراق أكثر من شتائه فهو ينسحب على ثلثي العام. ولعل المصائب إذا جاءت فإنها تتلاحق وتترادف اذ الأخبار الواردة من هناك تقول بأن هذا التوقف التام لمولدات الكهرباء اقترن بعواصف رملية قوية سببها تصحّر البلد بعد قتل الزرع والضرع، ولنا أن نسأل: كيف حال أهلنا الذين هناك؟ كيف حال الشيوخ والأطفال والمرضى؟ أي موت خانق يسكن تلك الأرض النبيلة التي ظهرت فوقها أقدم الحضارات؟ وأي لعنة حلت ببلد تباهى أبناؤه وبناء على تقارير اليونسكو أنه قد قضى على الأمية في أواخر سبعينات القرن الماضي. وإذا به يضم اليوم بفضل الاحتلال أكبر نسبة من الأمية وأطفال البلد لا يجدون حتى مكانا في المدارس التي كانت مجانية التعليم فيها تبعد أسرهم عن أي مسؤولية في شراء الكتب والدفاتر وكل ما يحتاجه الطالب إلا طعامه وثيابه. لا كهرباء، لا ماء صالح للشرب، لا أمن، لا كرامة، معتقلات تتعبأ بالبشر، وأمريكا تريد أن تخرج نسبة كبيرة من جنودها نهاية هذا الشهر. ورغم أن القواعد العسكرية باقية والسفارة الأمريكية ببغداد أكبر من الفاتيكان بألوف موظفيها وألوف القوات الأمنية فإن فرائص الحاكمين بدأت ترتجف، ويصيبهم الهلع المبكر لذا سارع رئيس أركان الجيش (كزدي وفقا لنظام المحاصصة) واسمه بابكر زيباري الى التصريح بأن الجيش العراقي! هكذا غير مستعد لتولي الأمن وتجهيزاته لن تكتمل إلا عام 2020 أي انها دعوة للأمريكان بأن لا يسحبوا أيا من قواتهم وهناك من استاء من هذا فأدلى بالتصريحات المضادة. ونقول ان تحويل المليشيات الى جيش مسألة لا تقنع أحدا، فمن تربى بعقلية الميليشيات وتعبأ بالطائفية العمياء والولاء لحزبه أو فيلقه هو في الأصل غير مؤمن بالعراق الموحد. وأن تجميع المليشيات في جيش مهما بلغ تعداده لن يجعل منه جيشا بمعنى الكلمة. كما كان عليه الجيش العراقي الأصيل الذي حلّه بريمر باصرار وبمباركة من الحاكمين الأتباع. تجميع الميليشيات سيجعلها تتفاعل إذا ما اصطدم أولياء الأمر ببعضهم. وفي هذا الجحيم يتوعد السفير الايراني الجديد الحامل لرتبة عميد في الحرس الثوري يتوعد في أول تصريح له بعد أن سلم أوراق اعتماده للطالباني كل الذين يشككون في الدور الايراني ويعلن أن أي مسؤول يدلي بآراء ضد الدور الايراني سيقاضى والمقاضاة هنا كلمة مخففة للفعل الحقيقي أو التهديد الذي لا يسمي الأشياء بأسمائها وللسامع أن يفهم (اياد علاوي طلب سحب اعتماده وتعيين سفير آخر غيره). فما الذي أبقوه من العراق؟ ما الذي أبقوه للعراقيين؟ قاتلهم اللّه جميعا.