لوحة أولى المحاصرون، الصابرون، الصامدون في غزّة يحاصرون حصارهم... ويحاصرون جلاّدهم.. في صراع الارادات هزموه بالضربة القاضية... وعلّموه أن صوت الحق أقوى وأعتى من صوت الدبابة... وأن نسمات الحرية أقوى من كل الزنازين ومن غطرسة الجلادين. منع الخبز والأرز والماء والدواء... منع بنزين السيارات ومواد البناء... منع كل ما يهب لأهل غزة الحياة... شهر... شهران... سنة سنتان... كل يوم يمنّي نفسه برؤية الرايات البيضاء ترتفع على مباني القطاع... هيهات هيهات... المحاصرون الصابرون ارادتهم حديد لا تلين ولا تكسر... يعلّمون الصبر للصبر ويرسمون للانسانية طريق الخلاص من غطرسة الجبابرة... تعب الجلاّد ولم يتعب الصابرون... لوحة ثانية أصداء ملحمة الصبر والارادة تخترق جدران الزنازين وتطوي الافاق، بالطول والعرض... تهزّ ضمير العالم هزّا... وفي العالم ضمير لم يمت بعد... ضمير كوني المشاعر والأحاسيس... لا يعترف بالجنسيات ولا بالألوان... ولا يخضع لعسس البوابات على الحدود... في العالم ضمير... ينبض انسانية تمرّد على حسابات الدول وعلى صمت الانظمة وعلى نفاق المجتمع الدولي... ائتلف، تشكل وركب البحر بعد أن سدّت في وجهه كل منافذ البرّ... 700 انسان شريف حرّ، يزيدون أو ينقصون... يركبون بعض السفن المحمّلة بالغذاء والدواء... بما يسدّ الرمق... وبالكثير من المعاني والقيم الخالدة... كم سيحملون من الادوية ومن الأغذية ومن وسائل الحياة لمليون ونصف المليون بشر... لا شيء يذكر... غير حركة تضامنية نبيلة... وغير رسالة انسانية تطفح بالمشاعر للمحاصرين الصابرين في غزّة... وتستنهض ضمير العالم عساه يتحرّك لانهاء مأساة الحصار مأساة الاحتلال. لوحة ثالثة الجلادون، مدججون بكل أنواع الاسلحة لكنهم خائفون مرعوبون... ويدركون انهم في صراع الارادات مهزومون... وبمعاني القيم والمبادئ الكونية مهزومون... لم يبق لهم الا غطرستهم يغلّفون بها جبنهم وهزيمتهم... اطلقوا كلاب البحر والجو تنشر الرعب والجريمة... وفاء لطبع لا يتغيّر... وانسجاما مع جبلّة رافقتهم منذ أن زرعوا على أرض فلسطين الحبيبة... استعرضوا مهاراتهم في قتل الأبرياء العزّل وهم في هذا الباب مهرة لا يفوقهم أحد... واستعرضوا مهاراتهم في التنكيل بالمدنيين...وهم في هذه وتلك أساتذة. لوحة رابعة انجلى دخان العدوان الجائر... استشهد من استشهد وأصيب من أصيب... واقتيد الباقون الى المعتقل... للتحقيق يقولون... التهمة: التلبّس بمساعدة المحاصرين والتواجد في المياه الدولية بنيّة التوجه الى غزة... وفوق هذا حيازة حجج أقوى من سطوة الجلاد ومن ترسانته... كيف يهزم الحق الجور؟ وكيف تنتصر الحرية على الجبروت؟ وكيف تهزم الارادة سطوة السجن والسجان؟ ومع هذا، فيا أيها الحاقدون شكرا... لقد فعلتم ما فعلتم واعتقلتم وقتلتم، لكنكم أبدا لن تعتقلوا رسالة المتضامنين ولن تمنعوها من بلوغ كل ضمير حي على وجه البسيطة... شكرا لكم لأنكم كشفتم كل عوراتكم أمام العالم: كيان مارق عن القانون الدولي، يقع على هامش القيم الانسانية والمبادئ الكونية... شكرا لكم لانكم قدمتم أفضل خدمة للمحاصرين الصابرين في غزة ولقضية الشعب الفلسطيني الرازح تحت احتلالكم البغيض. لوحة خامسة تتعالى أصوات المنددين... يتداعى اعضاء مجلس الأمن الى اجتماع عاجل... تتصدى الادارة الامريكية ككل مرة لقرارات الادانة الصريحة للعدوان الصهيوني... تنشط ديبلوماسية الأروقة والغرف المغلقة... يخرج بيان غامض يحتمل عديد القراءات... يكاد يساوي بين الضحية والجلاد... تجهض لجنة التحقيق الدولية... ويكتفي «جماعة الخير» بهذا القرار الذي يساوي أفضل الممكن... والذي يبقى أفضل من لا شيء... لوحة سادسة تزمجر تركيا... ويغضب اردوغان... فلا يلوك كلماته ولا تخونه الأوصاف ولا العبارات... يندد بإرهاب الدولة الذي مارسته اسرائيل ويتوعدها بأن فعلتها الدنيئة لن تمر بدون عقاب... يخاطب ضميرهم... إن كان لهم ضمير: كونوا نزهاء ولو مرّة واحدة... فقد سئم العالم تلاعبكم وسئم مناوراتكم وتعلاتكم الواهية: اعترفوا واعتذروا... لقد قال أردوغان بصوت الواثق ما يهمهم به ويهمس به آخرون... ليرتقي وترتقي تركيا الى مستوى الحدث والى مستوى التحدي... فيدكّ الصهاينة رؤوسهم في الرمل في انتظار ان تمرّ العاصفة. لوحة سابعة يطلع أوباما شاحب الوجه متلعثما... منفصم الشخصية بين قيم ومبادئ وشعارات رفعها وأرادها عناوين لفترة حكمه... وبين سطوة لوبي صهيوني سلبه كل شيء... يطلع ليبرّر الجريمة... ويحاول تبرئة المجرمين القتلة... وليحاول مساعدتهم على حصد ثمار غطرسة القوة: أيها الغزاويون المحاصرون... ايها الشعب الفلسطيني المحتل انظموا قصائد الشعر في مدح جلاديكم.. اديروا له الخد الأيسر إذا صفعكم علي الأيمن... أيها العرب هرولوا الى الاستسلام يخلص لكم وجه امريكا وتسلموا من غطرسة الوكيل الصهيوني... وتسأل الادارة الامريكية بعد كل هذا: لماذا يكرهوننا؟ وهل يحتاج جواب هذا السؤال الى عبقرية حارقة؟