أخيرا، نطقت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان لتقول بأن الحصار على غزة هو حصار غير قانوني مطالبة برفعه... المسؤولة الأممية أكدت أيضا أن «القانون الدولي الإنساني يحظر تجويع المدنيين كوسيلة حرب كما يحظر فرض عقوبة جماعية على المدنيين»... وهذا توصيف دقيق لجريمة حرب يرتكبها الاحتلال الصهيوني في حق مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر منذ 4 سنوات... ومع ذلك فإن المأساة تتواصل والصمت الدولي يتمادى وكأن الجياع يقعون على كوكب آخر... وهو ما يطرح سؤالا حارقا وخطيرا : ماذا لو كان الطرف الذي يحاصر (اسم فاعل) عربيا وماذا لو كان المتضررون من جنس غير عربي؟ هل كان «القائمون» على المجتمع الدولي و«القيّمون» على الضمير الانساني سيسكتون كل هذا الوقت؟ والجواب بكل تأكيد هو بالنفي... لأننا رأينا في مواضع أخرى كيف يهرول مجلس الأمن الموقر ومحكمة الجنايات الدولية لفرض العقوبات واصدار القرارات الجائرة حتى في حق رئيس عربي... كما رأينا كيف تنشأ لجان التحقيق على المقاس لتوريط هذا الطرف العربي او ذاك في حوادث لا تكاد تذكر مقارنة بحجم الجرائم الصهيونية سواء بالعدوان على غزة او حصار سكانها أو بالعدوان الهمجي على قافلة اسطول الحرية وما خلّفه من شهداء وجرحى ومن جرح في قلب الضمير الإنساني.. وهو مشهد تكرر يوم أمس مع سفينة «راشيل كوري» التي كانت تحمل هي الأخرى مساعدات انسانية لسكان القطاع المحاصرين. إن هذه الازدواجية المقيتة تؤكد ان الكيان الصهيوني يقع فوق القانون الدولي وعلى هامش القيم الإنسانية والمبادئ الكونية... وهو وضع آن له ان ينتهي وآن للشرعية الدولية ان تطبّق على الجميع بنفس الموازين والمكاييل بعيدا عن الازدواجية التي باتت تشكّل استفزازا صارخا للرأي العام العربي والعالمي. والمفترض بعد شهادة مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الانسان وتشخيصها الواضح والصريح لجريمة الحصار الصهيوني على غزة هو ان يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته عبر هياكله القائمة سواء مجلس الامن أو محكمة الجنايات (حتى وان كان الصهاينة غير موقعين عليها ولا يعترفون بها) وأن يعمد الى اتخاذ الاجراءات الرادعة ضد هذا الكيان المارق على كل القوانين والأعراف والقيم والمبادئ...