حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي جبهة التحرير الجزائرية التي تعرّضت في الخمسينات إلى تهمة من «قي موليه» وميتران (وزير الداخلية) بأنها ثورة بلشفية، طلبت من «سي أحمد» بن صالح بوصفه كاتبا عاما للاتحاد العام التونسي للشغل، بأن يعمل لدى السيزل، حتى ينضمّ اتحاد العمّال الجزائري إلى السيزل CISL، «وعندها يمكن إثبات أن الثورة الجزائرية ليست ثورة بلشفية (شيوعية)، وبالتالي فإن الاتهام يرفع عن النقابة الجزائرية». ويواصل «سي أحمد»: كلّفني الاخوة الجزائريون، وكنت عضوا في المكتب التنفيذي بالسيزل CISL، حتى أقدّم ملف ترشح اتحاد العمّال الجزائري، للانضمام إلى السيزل.. قبلت هذه المهمة التي لم تكن سهلة.. لأنه من جهة النّاس، لم يكونوا متعوّدين على هكذا قضايا، ثم ومن ناحية أخرى، أي من الناحية الداخلية الجزائرية، تكوّنت معارضة، ضدّ جبهة التحرير (الجزائرية)، حيث انقسمت المقاومة الجزائرية في ذاك الوقت (منتصف الخمسينات) وتجاه النقابة التي تعمل على الدخول إلى السيزل.. ومن هنا أصبح عدوّ النقابة الجزائرية المنفصلة عن اتحاد العمّال الجزائري (النقابة الأم) هو «أحمد بن صالح».. ولكن كيف كانت مهمّة «سي أحمد»بن صالح الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل (كان ذلك سنة 1956) لدى السيزل، من أجل أن تنضمّ النقابة الجزائرية إلى السيزل؟ عن هذا السؤال، يقول صاحب هذه المذكرات: «في جلسة تحضيرية للمكتب التنفيذي للسيزل، قلت للحضور، وهم الهيئة التحضيرية (السيزل) أعتقد أنه من الضروري، أو بالإمكان أن نستمع إلى أحد ممثلي تلك النقابة (الجزائرية) هذا الحضور، سبق تدخّلي هذا بأن استمع إلى ممثل للنقابة الجزائرية، ولم يكن خطابه مقنعا.. وعندما اقترحت ممثلا عن النقابة الجزائرية، قلت إنه يجب أن يكون عضوا من المكتب التنفيذي لاتحاد العمال الجزائري، وكنت وأنا أتحدّث عن الجزائري، كما لو كنت أنا صاحب القضية الجزائرية، وكان مولود قائد عضو المكتب التنفيذي إلى جانبي. كنت أعتبره قريبا منّي.. وتواصلت علاقاتنا إلى ما بعد الاستقلال.. (توفي رحمة اللّه). والحقيقة، وردّا على سؤالك، أقول فعلا، لقد هيأت الأجواء مع النقابات التابعة للبلدان الاسكندينافية وكذلك اليابانية، وكانوا أصدقاء لي وللاتحاد.. وجزء من النقابات الغربية الأخرى.. وقد حدثت ضغوط، من النقابات الفرنسية باتجاه عدم قبول النقابة الجزائرية كعضو بالسيزل CISL، ولكن باعتماد التصويت، نجحنا في قبول النقابة الجزائرية، وأذكر أن رئيس نقابات القوى العمالية «Force ouvrière» الفرنسية، المنفصلة عن CGT (الشيوعية)، غادر قاعة الاجتماع، أين وقع التصويت بالقبول، لفائدة النقابة الجزائرية، غادرنا وهو في حالة غضب، مما جعله يغلق باب القاعة بعد الخروج منها، بشكل عنيف جدّا.. كردّ فعل على دخول النقابة الجزائرية إلى السيزل CISL.. وبذلك تقشّعت السحب التي أراد المسؤولون الفرنسيون (قي مولّيه وفرنسوا ميتران على رأسهم) أن يلحقوها بالنقابة الجزائرية، هذا ما جعلني أعتبر نفسي وهم كذلك، أنني واحد منهم (الجزائريون) في تلك الثورة».. من جهة أخرى يواصل «سي أحمد بن صالح»، ذكرياته عن النقابات في المغرب العربي، وما أمكن له تقديمه لهذه البلدان، عبر عضوية الاتحاد العام التونسي للشغل في السيزل ليكشف: كنت الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل وعضو المكتب التنفيذي للسيزل CISL، ودُعيت إلى المؤتمر التأسيسي لحركة نقابية تكوّنت في ليبيا.. جاءتني الدعوة من الأشقاء الليبيين بصفتي كاتبا عاما للاتحاد العام التونسي للشغل، ولما طلب الليبيون من «السيزل» بأن يوفد ممثلا عنه إلى هذا المؤتمر التأسيسي، كلّفني المكتب التنفيذي ل«السيزل» بأن أمثل المنظمة العمالية العالمية، كان ذلك بداية 1956، وقد ترأست وفد السيزل في المؤتمر، وتكوّنت النقابات الليبية، وكان الأخ «سالم شيتة» هو الكاتب العام لاتحاد النقابات الليبية».. وعن مدى تنسيق النقابات المغاربية، فيما بينها، قال «سي أحمد بن صالح» كنّا دائما نجتمع كنقابات مغاربية في السيزل، وهذا ما كان يسعى إليه حشّاد.. وكان هدفه، بداية الخمسين من القرن الماضي، أن تنفصل الحركة النقابية الجزائرية والمغربية كذلك، عن «الكنفدرالية العامة للعمّال» CGT، وهذا ما تم في الجزائر.. من خلال مجهوداتنا وتنسيقنا مع الأشقاء في المغرب العربي عموما».. فإلى محطة أخرى من مذكرات «سي أحمد بن صالح»..