تونس (وات)- أكد السيد عبد الرزاق الزواري وزير التنمية الجهوية، ان "الكتاب الابيض" الذي اعدته الوزارة والذي يتضمن تصورا لاستراتيجية وطنية للتنمية الجهوية، بات جاهزا وسيصدر يوم الاثنين القادم. وبين الزواري الذي حل ضيفا على وكالة تونس افريقيا للانباء يوم الاربعاء، ان الكتاب الابيض، الذي اثار عديد التعاليق على الشبكة الاجتماعية، لا يتعدى ان يكون وثيقة تتضمن ملامح استراتيجية وطنية للنهوض بالتنمية الجهوية. واوضح ان هذه الوثيقة التي ستوضع تحت تصرف الحكومة المقبلة تتكون من 46 مقترحا، اعدتها وزارة التنمية الجهوية بالتعاون مع عدد من الخبراء والجامعيين. وافاد الوزير في هذا الصدد ان اختيار هذه التسمية ليس بدعة وهي معمول بها في عديد الدول وتعني "جمع المعلومات الموجهة لجمهور محدد لحمله على اتخاذ قرار حول موضوع معين. وأفاد الوزير في حديثه مع صحفيي الوكالة انه تلقى لدى تسلمه مهامه على راس وزارة التنمية الجهوية في شهر مارس الماضي "صدمة كبيرة حيث اكتشف واقعا مغايرا تماما لما تقدمه الجهات الرسمية سابقا و" خاصة في ما يتعلق بالفوراق التنموية بين الجهات. واضاف انه خبر منذ زيارته الاولى لكل من القصرين وسيدي بوزيد حقيقة معاناة الجهات المحرومة واكتشف وجود تفاوت مجحف في التنمية بين الجهات وتعرف على وجه اخر لتونس المحرومة، وهو ما اعتبره الزواري، غير معقول ولا يمكن القبول به بعد 50 سنة من الاستقلال. واكد في هذا السياق على اهمية توفير حد ادنى من الخدمات ومن مقومات العيش الكريم لكل مناطق البلاد ولجميع المواطنين التونسيين اين ما كانوا. ولاحظ الوزير انه من بين المشاكل الاساسية التي تعيق تحقيق تنمية جهوية متوازنة غياب المؤشرات الاحصائية القطاعية المتعلقة بالجهات، مشيرا الى ان ما يتم نشره من احصائيات يتعلق اساسا بالمعدلات الوطنية وهو ما لا يعكس حقيقة الواقع في المناطق الداخلية. ودعا الوزير في هذا الصدد الى اصلاح المنظومة الاحصائية في تونس وادخال تعديلات جوهرية على طرق عمل المعهد الوطني للاحصاء. وافاد الوزير ان من ابرز محاور الاستراتيجية الوطنية للتنمية الجهوية التي تضمنها "الكتاب الابيض" تقليص الفوارق بين الجهات وارساء تنمية اكثر عدلا، مشيرا الى ان نجاح هذه الاستراتيجية لا يمكن ان يتحقق الا بانجاز اربعة اهداف كبرى هي التماسك والنجاعة والتنافسية والديقراطية المحلية. ويقترح الكتاب الابيض في مجال دعم "التماسك" الجهوي، مخططا على غرار مخطط "مارشال" للنهوض بالجهات من خلال احداث تجانس وتناغم بين جميع الجهات في مجال البنية التحتية الاساسية وعلى مستوى توفير الخدمات . واوضح السيد عبد الرزاق الزواري ان تقسيم تونس ترابيا الى ولايات عديدة، والذي كان يخضع في عهد بورقيبة الى اعتبارات سياسية وفي عهد بن علي الى اعتبارات امنية، اثبت عدم جدواه وافرز مناطق متنافرة اقتصاديا. ويقترح الكتاب الابيض لتحقيق "النجاعة" المطلوبة اعتماد تقسيم جديد للبلاد الى خمس او سبع اقاليم تنموية على الاكثر تتعايش اقتصاديا وتتكامل في ما بينها وتكون قادرة على تحقيق تنمية ذاتية كفيلة بخلق فرص تشغيل اضافية. وفي ما يتعلق بالتنافسية، تقترح الوثيقة مخططا جذابا لاستقطاب الاستثمارات بالجهات الداخلية من خلال مراجعة مجلة تشجيع الاستثمارات في اتجاه مزيد تحفيز المستثمرين ورؤوس الاموال على الانتصاب بالجهات الداخلية. وأكد الوزير ان " نجاح الانتقال الديمقراطي لا يمكن ان يتحقق الا من خلال ترسيخ مقومات الديمقراطية المحلية"، مبرزا اهمية ان يكون الساهرون على تحقيق التنمية في الجهات منتخبون من قبل مواطني جهاتهم، وهو ما يمكن من تحقيق التصرف الرشيد في الموارد المرصودة للجهات ويتيح مراقبة ومحاسبة كل المسؤولين ويرسي نوعا من الثقة المفقودة بين المواطن والدولة.