تونس (وات - تحرير مفيدة بن تواتى)- فتحت الأحداث الأخيرة التي عاشتها عدة مناطق مجددا ملف التنمية الجهوية، ودفعت إلى التساؤل من جديد عن كيفية تعاطي الحكومة المؤقتة مع هذا الملف الشائك وعن مدى توفقها من عدمه في تحقيق ما التزمت به في هذا الخصوص وهو إعطاء الأولوية للمناطق التي طالما عانت من التهميش والإقصاء ورد الاعتبار إلى أهاليها الذين كابدوا لسنوات عديدة ضنك العيش وذاقوا مرارة الحيف والظلم. فبعد مضي ستة أشهر على ميلاد الثورة بدأت الأطراف السياسية والحقوقية تتساءل عما قدمته الحكومة المؤقتة إلى اليوم من حلول لمعضلة البطالة وأخذت تقيم أداءها لجهة التوزيع العادل لثمار التنمية وتعاملها مع ظاهرة الانفلات الأمني في الجهات. اياد الدهماني الناطق باسم الحزب الديمقراطي التقدمي يطالب الحكومة بتطبيق إجراءات اجتماعية عاجلة تم الإعلان عنها منذ 14 جانفى فى مناخ من الشفافية يقطع مع تقاليد المحسوبية التي كانت سائدة فى العهد البائد. ويضيف "ان حل مشكل البطالة يمر حتما عبر سياسة اقتصادية عامة جديدة وإعادة النظر في منوال التنمية على المستويين الوطني والجهوي". وبينما يرى ان حل مشكل "البطالة يمر حتما عبر سياسة اقتصادية عامة جديدة وإعادة النظر في منوال التنمية على المستويين الوطني والجهوي" يستبعد الدهماني "أن تعطي أي إجراءات حكومية نتائج فورية. فلا احد اليوم يمتلك عصا سحرية لحل مشكلة البطالة فى مثل هذا الحيز الزمني الضيق ". ويؤكد أن الحزب الديمقراطي التقدمي برئاسة نجيب الشابي الذي تولى حقيبة وزارة التنمية الجهوية فى الحكومة المؤقتة الأولى يدعو إلى فتح مفاوضات اجتماعية فى كل القطاعات التي تشهد احتجاجات والعمل على دراسة الوضعيات حالة بحالة مع إعطاء الأولوية للعائلات الأكثر احتياجاٌ. وفيما يخص الانفلات الأمني يلاحظ الدهماني "تحسنا فى الوضع الامني بشكل عام منذ تسلم حكومة السيد الباجى قائد السبسى لمهامها الا انه مازال هناك الكثير مما يجب فعله خاصة وان جهاز الامن يحتاج الى اصلاح عميق ينزع عنه صبغة التسييس التى تعلقت به منذ عقود. يذكر أن حقيبة التنمية الجهوية هي الآن بيد الأكاديمي عبد الرزاق الزواري (مستقل) بعد ان تسلمها من الشابي. حمزة الاخوة الناطق باسم وزارة التنمية الجهوية يدافع عن سياسة الوزارة مؤكدا سعيها "للتعامل مع مختلف مكونات المجتمع المدني ومؤسسات المساندة فى الجهات بهدف وضع استراتيجية واضحة الملامح فى مجال التنمية الجهوية". إلى ذلك يعتبر "ان عدم وجود احصائيات دقيقة حول مؤشرات الفقر والبطالة فى الجهات يشكل عائقا امام امكانية وضع تصور مستقبلي لمسالة التنمية الجهويةٌ. وحول خطة الوزارة الاضافية يبين الأخوة "انه تم تخصيص اعتمادات ب 251 مليون و300 الف دينار 80 بالمائة منها الى الجهات الداخلية و20 بالمائة الى المناطق الساحلية وذلك بهدف التقليص من الفوارق بين الجهات فى انتظار تحقيق التنمية المتوازنة". من جانبه اعتبر الحقوقي وكاتب عام نقابة اساتذة التعليم الثانوي سامى الطاهرى ان الأحداث التى شهدتها قفصة وسبيطلة /القصرين/ وجندوبة وسيدى بوزيد وبن قردان /مدنين/ تنبع من ثلاثة عوامل رئيسية وهي عدم "تقديم الحكومة المؤقتة حلولا مقنعة للناس ما ولد غضبا على النظام السياسي القائم ودفع الناس إلى اشكال احتجاج سلبية، وتورط فلول حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ممن فقدوا امتيازاتهم بعد الثورة فى تأجيج النعرات العشائرية والفئوية". أما العامل الثالث فيتعلق "بحالة الاحباط التى اصابت جهات قدمت شهداء فى سبيل الثورة". ويدعو الطاهرى الحكومة المؤقتة لمعالجة الانفلات الامنى الذي خلف حالة من الفزع لدى التونسيين والتدخل بنجاعة فى الجهات التى ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر عبر مشاريع تشغيلية مؤكدة ودائمة بخاصة بعد القروض والهبات التى تحصلت عليها الحكومة من المجموعة الدولية. ويرى "ان الحكومة تتصرف من دون رقيب وتسعى الى فرض ارائها دون محاسبة" مقترحا احداث مجلس احزاب او توسيع صلاحية الهيئة العليا".