تونس (وات) - مثل موضوع "أي سلوك انتخابي تأسيسي" محور ندوة نظمها بعد ظهر الجمعة مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية بالعاصمة بالتعاون مع شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة وشارك في أشغالها عدد من ممثلي الأحزاب السياسية ومن الشخصيات الأكاديمية والحقوقية. وأكد المشاركون في الندوة على ضرورة توفير جميع الضمانات التنظيمية واللوجستية لضمان إنجاح هذا الاستحقاق السياسي مع السعي لتأسيس سلوك انتخابي لدى القاعدة الانتخابية بمختلف مكوناتها من ناخبين ومرشحين وإدارة يعكس عمق التحول الذي تعيشه البلاد بعد 14 جانفي. وفي هذا الإطار أبرز العميد الأسبق لكلية الحقوق والعلوم السياسية الصادق بالعيد أن الانتخابات "هي أخلاق بالأساس، وهي ليست تشريعات وتطبيقات قانونية فحسب" مطالبا بضرورة وضع مرجعيات أخلاقية وإرساء مبادئ مشتركة لجميع الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية لضمان إجراء الانتخابات في أفضل الظروف. وأوضح أن مبادئ السلوك الانتخابي تتلخص في شفافية التعامل بين الأطراف المشاركة في الانتخابات وإرساء احترام متبادل بين هذه الأطراف وتكريس مفهوم المواطنة بما يتضمنه من اجتناب للعنف. ومن جهته أكد الأمين العام للمنظمة العربية للديمقراطية ورئيس اللجنة التنفيذية لمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية محسن مرزوق أهمية الاستحقاق الذي تقدم عليه البلاد موضحا أن الحالة التأسيسية التي تقبل عليها تونس لا تعني بالضرورة القطع مع الماضي وتأسيس كل شيء من جديد. وأوضح أن "الكيان السياسي في تونس هو بصدد إعادة التشكل على أساس القطع مع الاستبداد السياسي الذي طبع تاريخ تونس الحديث". وأشار إلى أن حداثة عهد التونسيين بالمناخ الديمقراطي وبالممارسة السياسية الحرة يفترض خفض سقف الانتظارات لجهة "الاعتقاد بأن السلوك الانتخابي سيكون مثاليا". وأوضح ممثل حركة النهضة مراد العبيدي أن المجلس التأسيسي القادم "لن يعبر عن طرح سياسي معين لحزب ما ولكنه سيعبر بالضرورة عن رؤية مؤسسة وطنية مكونة من عديد الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومستقلين تؤسس لمرحلة يراد لها الديمومة". وشدد على ضرورة تفاعل أضلاع "المثلث المدني" الثلاثة المتمثلة في /الإدارة والمؤسسة المشرفة على العملية الانتخابية برمتها/ و/الناخبين/ و/المترشحين/ لتأسيس سلوك انتخابي سليم معتبرا أن كل اختلال في عمل أضلاع هذا المثلث "سيخلق وضعا متوترا". ودعا العبيدي إلى تحييد المساجد عن كل عمل سياسي حتى لا تتحول دور العبادة إلى "مكان للتثاقف السياسي والدعاية الحزبية وحتى لا يلعب الإعلام دور الجهاز التعبوي لفائدة أطراف دون أخرى". وبدوره اعتبر الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني أنه من الصعب انجاز انتخابات "دون تكريس لمفهوم المواطنة" داعيا إلى إرساء نوع جديد من سلوك المواطنة لدى جميع أطراف العملية الانتخابية وإلى القبول بنتائج الانتخابات وهو ما أيده فيه الناطق الرسمي باسم حركة الشعب الوحدوية التقدمية خالد الكريشي الذي طالب بوضع مدونة سلوك انتخابي علاوة على عدم إخافة الشعب من نتائج الانتخابات المقبلة. كما دعا الكريشي إلى التقليل من عدد القائمات المترشحة للانتخابات ومن عدد الأحزاب السياسية عبر التشجيع على العمل الجهوي والتحالفات مع تجنب شخصنة الانتخابات. وحصر الناطق الرسمي لحزب العمل الوطني الديمقراطي عبد الرزاق الهمامي مسألة حسن تنظيم الانتخابات التأسيسية المقبلة والحيلولة دون وقوعها في منزلقات تفسد غاياتها، في ابتعاد الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية عن التراشق بالتهم وعن الخطابات التي تؤسس للتنافر إلى جانب توفر مناخ أمني يشجع الناخبين على ممارسة واجبهم الانتخابي وتحييد وسائل الإعلام عن كل توظيف سياسي وضمان حياد الادراة وإرساء مدونة سلوك أخلاقي تلتزم بها جميع الأطراف طيلة مراحل العملية الانتخابية. وطالب ممثل حركة الوحدة الشعبية الوحدوية عادل القادري بضرورة وضع سقف زمني لعمل المجلس الوطني التأسيسي وبمجلس وطني للأحزاب تكون له صلاحيات مراقبة عمل الحكومة. ومن جهته اعتبر الأستاذ المحاضر بجامعة منوبة عبد العزيز الجزيري أن الوقت قد حان "لإعادة النظر في مسألة تحييد بعض الأطراف والأجهزة عن العملية الانتخابية مثل سلك الجيش الوطني والقضاة وأجهزة الأمن" قائلا إن "هذا التحييد السلبي يعد إقصاء لشريحة هامة لها تصوراتها الخاصة حيال الشأن السياسي الوطني". وشدد القاضي بالمحكمة الإدارية أحمد صواب على أهمية إحالة النزاع الانتخابي إلى القضاء الإداري وتخلصيه من سيطرة الإدارة معتبرا الأمر لبنة أولى على طريق إرساء مسار ديمقراطي سليم.