ابتدع أنصار النادي الإفريقي أسلوبا هزليّا للفخر على منافسيهم من الأندية الكبرى خاصة ببعض انتصارات مباريات البطولة التونسية لكرة القدم، نسخوه عن ومضات الخبر العاجل بقناة الجزيرة. فقد زيّنت بطاقات صور مركّبة واجهات محلاّت تصوير فوتوغرافي قرب حيّ باب الجديد بالعاصمة مقرّ النادي الإفريقي. وتحمل إحدى البطاقات صورة مذيع قناة الجزيرة عبد الصمد ناصر وفي خلفيته مشهد لجمهور الإفريقي وفي أسفل البطاقة شريط "عاجل" كتب عليه "تسجيل منسوب للجنرال بن شيخة يؤكّد فيه القضاء على آخر معقل للمتمردين في البطولة التونسية" (عبد الحق بن شيخة مدرب النادي الإفريقي، الجزائري الجنسية). وعلى بطاقة أخرى صورة لشاشة الملعب تخلّد الانتصار العريض للنادي الإفريقي على جاره وخصمه اللدود الترجي الرياضي. وكانت نتيجة لقاء الإياب بين الفريقين قد انتهت منذ أسابيع لصالح الإفريقي ثلاثة أهداف نظيفة. وحمل شريط الخبر العاجل أسفل البطاقة رمز النادي وشعار الجزيرة إضافة إلى خبر مفاده "تسجيل منسوب لفيراج (مدارج) الإفريقي يعلن عن منفّذي التفجيرات الثلاث، وهما الكابتن الذوّادي والعقيد السلاّمي بقيادة الجنرال بن شيخة". وذكر لنا مصوّر فوتوغرافي أنّ أوّل من صمّم نموذج بطاقة الخبر العاجل لا علاقة له بالرياضة، حيث عمد مواطن من مدينة صفاقس إلى ترويج خبر طلاقه عبر بطاقة وزّعها على شبكة الانترنت يظهر فيها مذيع الجزيرة عبد الصمد ناصر وفي خلفيته صورة عشوائية لعريسين وكتب في الشريط أسفل البطاقة خبر طلاق الرجل من زوجته. ويشير هذا المصوّر إلى أنّ الغرض من ترويج الخبر العاجل بالنسبة إليه تجاريّ بالأساس حيث تباع البطاقة بدينار واحد، كما لاحظ أنّ هذه الطريقة في التفاخر بين أنصار الفرق الرياضية أصبحت راقية في ذوقها، على حدّ تعبيره، وذلك عبر ابتعادها عمّا يشوب تلاسن مشجعي الأندية داخل الملاعب وفي الشوارع من عبارات قبيحة وشتائم تؤدّي في كثير من الأحيان إلى حصول اشتباكات عنيفة . ما تجدر الإشارة إليه هنا هو اعتماد مروّجي هذه البطاقات على قناة فضائية جاءت في مرتبة متأخرة عن القنوات المحلية حسب آخر استبيان لنسب المشاهدة، حيث حازت قناة "تونس7" الرسمية على المرتبة الأولى ب 34 بالمائة من نسبة المشاهدة فيما جاءت الجزيرة في المرتبة الرابعة بثمانية بالمائة. لكنّ هذا المنحى الجديد في مناصرة الأندية الرياضية كشف أنّ الفئة العريضة من الشباب المولع بكرة القدم ليست بعيدة عن الاهتمام بما يجري في العالم، وأنّ فضائية إخبارية كالجزيرة لها جمهور هام بينهم وتأثير فيهم وتزوّدهم بهذا المستوى "الراقي" من ساحات العالم الحيّة والمهتزّة، فيما تظلّ "الإبداعات" المحلّية من شعارات وأهازيج وقود شرارة العنف ما حوّل بعض الميادين إلى ساحات دمويّة اقرب إلى الحروب الأهلية الوقتية بين طوائف رياضية. وقد فرضت أحداث كبرى في العالم قاموس تنافس جديد بين المشجّعين فعقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر كانت بعض المدارج الرياضية تهتف في وجوه المنافسين باسم أسامة بن لادن بشعار "هاتو أمريكا، عندنا ابن لادن". وبعد حرب صيف 2006 في جنوب لبنان صار جمهور الترجي الرياضي يهتف "جمهورنا حزب الله". وهكذا استهدف مروّجو بطاقات الخبر العاجل جمهورا "مسيّسا رياضيّا" منقسما إلى جماعات تعشق الانتصارات الخالدة التي لم تتحقّق محلّيا إلاّ كرويّا! كانت إحصائيات حول العنف في الملاعب في تونس سجّلت خلال الموسم الرياضي (2007 / 2008) 797 تجاوزا غير رياضي وبلغت حالات العنف المتبادل بين اللاعبين 327 حالة وتم الاعتداء على الحكام من قبل اللاعبين بالعنف الجسدي في 68 حالة وبالعنف اللفظي في 221 مرة، كما سجلت حالات اعتداء المسيرين الرياضيين بالعنف المادي وبالعنف اللفظي.