الهوية الجنسية في المخيال الشعبي والموروث اللغوي هو موضوع الكتاب الجديد لألفة يوسف "وليس الذكر كالأنثى" الذي انتضم حفل توقيعه يوم أمس الأحد 23 مارس 2014، بمدار قرطاج. هذا الكتاب هوعبارة عن اجتهاد ذاتي وقراءة شخصية لألفة يوسف حول التمثلات والهوية الجنسية رجوعا للمخيال الشعبي الذي يصور الرجل فاعلا والمرأة منفعلة بدءا من الحياة الجنسية إلى الحياة اليومية، ويقرأ منه كيف أن المرأة في المجتمعات العربية الإسلامية عامة وفي تونس خاصة تابعة وخانعة لكنها راضية. وركزت ألفة يوسف في هذا الكتاب على ما يحمله المخيال الشعبي والزاد اللغوي من تناقضات تصحب الرجل الذي يصف المرأة بالضعيفة والناقصة عقلا ثم يصفها في وضع آخر بالكيدية التي تتواطأ عليه فتغلبه وتدفعه للخطيئة. ويبدو أن الكاتبة أرادت بتحليلها للهوية الجنسية عبر المخيال الشعبي والتعبير اللغوي أن تصور لنا بعض المشاهد الحية والمعاشة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية عامة وفي تونس خاصة استنادا إلى شاهدة عيان سردت عليها ما عاشته وما تحصلت عليه من انطباعات انطلاقا من تجاربها الجنسية. الرجل الفاعل والمرأة المنفعلة أبرزت ألفة يوسف ما يحمله المخيال الشعبي والثقافي من نظرة دونية للمرأة فيجعل منها كائنا خلق من الضلع الأعوج للرجل وبينت كيف أن المرأة نفسها تقبل هذه النظرة الدونية وتجسدها في تبنيها لبعض أفكار الرجل كأن تصف إمرأة مثلها بالعاهرة. وركزت على التناقضات العديدة التي تطغى على الرجل التونسي هذا الفاعل باستمرار الذي فجأة يقلب الأدوار ويسمح للمرأة بأن تكون فاعلة حتى يحملها مسؤولية غلطاته وضعفه فهي حسب زعمه تتبرج وتتزين لتغريه وتسقطه في شباكها فتجبره على الخطيئة. وترى مؤلفة هذا الكتاب أن تبرئة الرجل وتذنيب المرأة في مجتمعنا هو تصور ذكوري يسيطر على المجتمعات الإسلامية وتتبناه المرأة كما تستسيغه بفعل تلك التراكمات الثقافية والتاريخية التي تتلقاها أما عن جدة. " كيد الرجال كيدين وكيد النساء 16 " عبرت ألفة يوسف عن بعض المفارقات والتناقضات المخزونة في ذهن الرجل التي تفهم من المخيال الشعبي والزاد اللغوي كأن يقر الرجل ويتبجح بضعف المرأة ودونيتها، وفي الآن نفسه يصفها بالداهية والماكرة، ملخصة هذا التناقض في المثل الشعبي القائل: "كيد الرجال كيدين وكيد النساء سطاش". وتحدثت كذلك عن تناقض آخر يسكن عقل الرجل فيرسخ في اعتقاده أن النساء جميعا لسن جديرات بالإعجاب والتقدير مستثنيا واحدة هي أمه، وكأن أمه لا تصطف في صف النساء، مضيفة أن المخيال الشعبي يعلي من شأن الأمهات مقابل استهجانه لبقية النساء ويرى فيهن سبب كل المصائب، معتمدة في ذلك على المثال الشعبي".هذا حال إلي يتبع النساء". تبرز ألفة يوسف كيف تشكو المراة أيضا من الرجل وأنانيته لكنها لا تقدر على مفارقته لأنها حسب ألفة يوسف تريد إثبات الشيء بنفيه فترحب بتبعيتها له لذلك تحذف لقبها وتغيره بلقب زوجها كإعلانا منها مباشرا وإعترافا بهذه التبعية. وأرجعت ألفة يوسف هذه التناقضات إلى ما تعيشه المجتمعات الإسلامية من مغالطات وإنحرافات جاءت نتيجة تراكمات تاريخية وحضارية وهي صور ترى ألفة يوسف أنها وهمية وخاطئة والإسلام منها براء. جدير بالذكر أن ألفة يوسف أصدرت عديد المؤلفات من بينها "حيرة مسلمة" و"ناقصات عقل ودين".. وعرفت بجرأتها في اختيار مواضيع ذات صبغة حداثية مع موروث ديني فتحدثت في كتاباتها عن اللواط وعن المثلية الجنسية، وعن قانون الإرث الذي يفضل الرجل على المرأة فأثارت كتاباتها جدلا حادا وأسالت حبرا كثيرا.