طيلة أسبوع، كانت دار الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان مركزا لفعاليات متنوعة جسّدت تضامن النقابيين على مختلف مشاربهم مع أهالينا في غزة وبيّنت أنّ القضية الفلسطينية وان غارت أحيانا في زحمة الأحداث اليومية فهي بلا شك مازالت جرحا لا يندمل في وجدان المناضلين والنقابيين. طيلة أسبوع، وعلى وقع الأغاني الملتزمة والقصائد الملتهبة التي كانت تبث من اذاعة داخلية بدار الاتحاد لم تهدأ التجمعات والحوارات وفي كل يوم كان الغضب يتراكم ومساحة العجز تضيق، وفي كل يوم يقضم النقابيون حيزا من الفضاء العام في محاولة لتنظيم مسيرة تصطدم بحاجز أمني كثيف رابط يوميا أمام دار الاتحاد لكنّه والحق يقال لم يكن مستفزا، بل لعلّه كباقي المواطنين الذين استقطبتهم ساحة الاتحاد، كان يرى عدالة القضية من خلال الشعارات التي تردّدت يوميا وهي شعارات تندّد بالعدوان الغاشم وبالصمت الرسمي المريب وتذكر بأنّنا سنقتل يوم يقتل الثور الأبيض (غزة لا قدر الله). أسبوع كامل تغطّت فيه أروقة الاتحاد بصور ومقالات ورسوم تذكر بأمجاد الشهداء وجرائم الصهيونية وزينت فيه واجهة الاتحاد بلافتات تعبوية وأعلام فلسطين والعراق باعتبارهما وجهين لجرح العرب الواحد. هذا الأسبوع الحافل بالحزن والغضب توّج بمسيرة حاشدة أطرها الاتحاد الجهوي يوم السبت 3 جانفي ضمّت قرابة ثلاثة آلاف شخص انطلقت من أمام دار الاتحاد وجابت لأكثر من ساعة الشوارع الرئيسية لمدينة القيروان، وكانت بحق مسيرة مناضلة ومنضبطة أكدت أنّ الطرف النقابي قادر على تحمّل المسؤولية وحريص على استقلاليته بعيدا عن كل أشكال التهييج. كما أكدت مسيرة يوم السبت أنّ القضية الفلسطينية تسكن وجدان الشعب كما يسكن الاتحاد العام التونسي للشغل قلب المجتمع المدني.