على عكس ما هو معمول به فان ادارة الكنام بالقيروان ابتدعت لنفسها توقيتا للعمل خاص بها، اذ تغلق ابوابها في وجه المواطنين في منتصف النهار، فلا الذي خارجها يستطيع ان يدخل ولا الذي داخلها يستطيع ان يخرج ويعود. وفي واقع الحال فان هذه الممارسة لها ما يبررها، فهي ناجمة عن الضغط الكبير للسلط على هذه الادارة من قبل اعداد هائلة من المواطنين يقصدونها لقضاء حاجاتهم، وهي ناجمة كذلك عن تخلف الخدمات المقدمة من قبلها وانعدام الارشاد السليم للمواطن الشيء الذي يجعل هذا الاخير يعود مرارا وتكرارا لقضاء شأن ما. ففي الباب الاول لا يمكن لأي ادارة بمقر واحد، ان تعالج ملفات وطلبات الاف المواطنين مهما كانت كفاءة موظفيها، ولهذا فان المواطن الذي يصاب بحاجة لدى هذه الادارة عليه ان يهيأ نفسه لكل المصائب من انتظار لساعات عديدة الى الصداع والى انهيار جسدي خاصة لدى كبار السن، وبسبب هذا الاقبال الكبير اصبحت ادارة الكنام تغلق الابواب في منتصف النهار، هذا الحل السهل يحرم كل مواطن يأتي بعد هذا الوقت من الحصول على خدمات احيانا بسيطة مثل استلام مطبوعة او الحصول على معلومة حول مسألة ما. اما في باب تخلف الخدمات، فحدث ولا حرج، بدءا بدفاتر العلاج التي لم تصل اصحابها رغم وجود العنوانين البريدية، وعندما ننتظر ثلاث ساعات او اكثر يقال لك ان دفترك موجود لدى الادارة التي تعود لها بالنظر ولك ان تتخيل مثلا الجهد الذي يجب ان تبذله الادارة الجهوية للتعليم لايصال الدفاتر لاصحابها هذا اذا اعتبرت انها ملزمة بهذا العمل. ان ادارة الكنام بالقيروان ملزمة في نظر المواطن بأن تحترم وقته وان تقدم له الخدمة الجيدة وان تستقبله طيلة التوقيت الرسمي للعمل، وعليها وحدها تقع مسؤولية ايجاد الحلول للايفاء بهذه الالتزامات بعيدا عن ارهاق المواطنين واهدار وقتهم قد لا يكون ثمينا ولكنهم غير مستعدين لقضائه في فضاء مغلق يضيق فيه التنفس.