رشيد بن منصور شهيد اخر من جحافل الشهداء الذين يقدمهم اعوان الكهرباء والغاز في سبيل استرسال وصول النور الكهربائي للجميع. رشيد هذا الاب لطفلين وافاه الاجل المحتوم معلقا على العمود الكهربائي حتى الموت يوم 2/2/2008 وهو يحاول التدخل من اجل اصلاح عطب لكي لا يحرم متساكنو تلك المنطقة من هذا المرفق الحيوي الذي لا غنى لأحد عنه، الى هنا يمكن لقائل ان يقول وما الغريب في ذلك تلك هي مخاطر الشغل ولا يخلو عمل في الدنيا من مخاطر لكنها تتفاوت في الخطورة حسب طبيعة العمل، غير ان ما لا يعرفه الجميع هو حس المواطنة المتزايد عند عون الكهرباء والغاز الذي يعتبر ان مثل هذه الحالات فيها مساس بالشركة وسمعتها وان واجبه الوطني والانساني يحتمان عليه ضرورة ارجاع النور الكهربائي المقطوع في اسرع الاوقات وانه في مثل هذه الظروف تلغى الالقاب والرتب ولا وجود لكلمة هذا ليس من مشمولاتي ولابد من انتظار اصحاب الشأن او العون المسؤول عن ذلك وما يتطلبه الامر من تراتيب واجراءات خاصة في بعض المناطق التي تصنف حساسة نوعا ما نظرا لطابعها السياسي او الاقتصادي او السياحي مثل قضية الحال من اجل ذلك اندفع رشيد نحو العمود الكهربائي لاصلاح العطب دون ان يجول بخلده ان ملك الموت في انتظاره على القمة ليفجع فيه عائلته وزملاءه والشركة بصفة أشمل والاتحاد العام التونسي للشغل بصفته عضوا للنقابة الاساسية بأقليم جربة سابقا. ان مثل هذه الفواجع عندما تحدث تثير قلقا كبيرا في نفوس العمال خاصة منهم زملاء الشهيد الذين يقضون فترة من الزمن وهم تحت تأثير تلك الفاجعة والسؤال المطروح هو ما سبب هذه الحوادث القاتلة التي تحدث من حين لآخر بالشركة؟ ثم الى متى واعوان الكهرباء والغاز يحصون شهداءهم؟ وهل ينتهي الامر باجراء تحقيق في الغرض دون التركيز على العوائق التي تتسبب في مثل هذه الكوارث العائلية والتي لا يمكن تعويضها مهما كان حجم التعويضات التي تقدم لمن يهمهم الامر، وحتى نكون منصفين في حديثنا وان نعطي كل ذي حق حقه فان الادارة العامة للشركة والدوائر المسؤولة توفر كل اسباب السلامة ومستلزماتها حتى يقوم الاعوان بعملهم بكل راحة نفسية وسلامة جسدية وهذا ما لا ينكره احد لكن هناك انواع اخرى من الضغوط والتي كان الطرف النقابي قد لفت النظر اليها في عديد المناسبات وفي مستويات كبيرة لكن بقي الامر متعثرا نسبيا والامر هنا يتعلق بعملية الانتدابات وسد الشغورات وتلبية الحاجيات المتزايدة مع تزايد التطور الكبير الذي تشهده الشركة على جميع المستويات والانشطة التي تقوم بها والتوسع الكبير الذي تشهده شبكتا الكهرباء والغاز ووحدات الانتاج اضافة الى ذلك ضعوطات شهائد الجودة والعمل حسب المواصفات الدولية التي اصبح يعمل بمقتضاها كل اقاليم الشركة وهو شيء ظاهر للعيان يلمسه المواطن العادي في كل تعاملاته مع جميع مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز، ان الاعوان الذين تعاملوا بكل حرفية مسؤولية مع الجودة والعلاقة مع الحريف وتحسين الخدمات كمًا وكيفًا وكسب كل الرهانات والتغلب على كل الصعاب التي تعترضهم كل ذلك من اجل الوطن ومن اجل تونس هذا الشعار الذي مازال مرفوعا ويتعامل معه جميع اعوان الستاغ بكل جدية وتفان حتى نكسب جميعا رهان المستقبل وكذلك نحافظ على شباب البلاد ورجالاتها لان المتعارف عليه ان ثروة البلاد الحقيقية تكمن في العنصر البشري. اذا فلا مجال بأن يهدر هذا العنصر الهام والبناء من اجل قرار او نوع من المماطلة في فتح عملية الانتدابات وكذلك التقليل من الاجراءات الروتينية التي كثيرا ما تعوق تنفيذ بعض البرامج التنموية والتي تكون سببا في خسائر مادية وبشرية جسيمة. ان ما يشكوه اعوان الكهرباء والغاز ليس نقصا فنيا او معدات سلامة ابدا ان ما ينقصهم ويعوق مسيرتهم هو العنصر البشري المضغوط عليه لدى عديد الدوائر المسؤولة والتي تعالج الامور من المكاتب وليس على أرض الواقع، فلا مجال اذا ولا نقبل مستقبلا بأن نخسر مزيدا من زملائنا معلقين على الاعمدة والنار تسري في أجسادهم والمارة متجمهرون حولهم. واننا نعتبر رشيد بن منصور والذين سبقوه شهداء للوطن ولكننا سوف نعتبر في المستقبل من يلقى نفس المصير من زملائنا لا قدر الله قتيل عملية الانتدابات ومن وراءها ونحمله المسؤولية كاملة. فهل يستحق الموت من يسعى للنور ام ان للنور شهداءه مثل ما أن للوطن شهداءه؟ عبد الخالق قفراش عضو الجامعة العامة للكهرباء والغاز