تجمعني بالأستاذ الكبير رضا عياد علاقة صداقة من نوع خاص جدّا.. ولأنّها تواصلت على امتداد كل هذه السنوات فلأنّها كانت مبنية على الصدقيّة والوضوح أكثر منها أيّ شيء آخر.. فأنا وعلى امتداد كل هذه السنوات كنت ولا أزال أتعامل مع سي رضا برمزية كبيرة وباحترام وبإجلال.. لأنّ الرجل يستحق كل هذا بما أنّه من نوعية نادرة جدّا في هذا العالم ان لم نقل في المجتمع التونسي الذي أصبح غريبا في شكله ومضمونه... (!) 2 ... وبما أنّ علاقتي بسي رضا كانت انسانية أكثر منها مهنية استفادية.. فانّني لن أذيع سرّا إذا قلت أنّني ذهبت في أكثر من مرّة إلى قصر هلال مسقط رأسه لأتوقّف أمام انجازات ومنجزات آل عياد لهذا الوطن ولأهله، وكنت في كلّ مرّة أزيد في احترام سي رضا من خلال آرائه وطرق حديثه عن أناس كان عرفهم أيّام دراسته بفرنسا أو من خلال المسؤوليات التي تقلّدها، سي رضا عياد وحين يحدّثك لابدّ أن تستمع وتنصت إليه باهتمام كبير لأنّه يتحدّث ضمن سياق الجزئيات وأهمّية الحدث أو التأريخ باعتقادي الخاص تكمن في تلك الجزئيات.. 3 ... سي رضا عياد قيمة ثابتة لا يكاد يختلف فيها اثنان، فهو انسان رائع بكل المقاييس، تخرّج من قدسية الحرم الجامعي على يديه الكثير ممّن يتحمّلون مسؤوليات سامية في الدولة.. سي رضا عياد عبقري، واحد في صيغة الجمع.. شاءت الظروف أن يغادر مشهد كرتنا هكذا في لحظة غضب، أو هكذا ضمن خطّة ابعاد رسمها بعضهم بإمعان وسقط سي رضا في المحظور في لحظة سرعة وتسرّع.. ليذهب ليقدّم استقالته من مكتب فهم منذ الوهلة الأولى أنّه جاء ليخرق القانون.. هذا المكتب الجامعي الحالي الذي جاؤوا به ليكون مصيّرا لا مسيّرا.. نعم هذا الذي حصل!! 4 بعد 8 أشهر تكلّم سي رضا عن خروقات الطاهر صيود ومن معه للكثير من القوانين.. بعد 8 أشهر وعلى امتداد 3 أجزاء كشف سي رضا ما تستّر عنه أهل جامعة المنزه.. لكنّني هنا أودّ أن أسأل ما الذي تغيّر؟! هل قالوا للطاهر صيود أو من معه اليوم لقد حان وقت الحساب...!! لماذا لم تفعل هذا؟! أو أنّ طريقة تناولك لهذا الملف «غالطة»!! الأكيد أنّ هذا لم يحصل يا سي رضا؟! وأنت السياسي المحنّك... وأنت الانسان المشهود له بنظافة اليدين، وأنت الأستاذ الجامعي الذي يعلّم ويتعلّم من الآخرين... سي رضا اسمح لي بالقول: انّه كان عليك أن تكتفي بالفرجة كما فعل أعضاء القائمة الأخرى حين أسقطوهم لأنّهم فهموا خيوط اللعبة!! كان عليك أن تجعل من تلك الحقائق درسا آخرا في أن تتركهم وشأنهم بما أنّك تركتهم بإرادتك وقد كان من الضروري أن تحافظ على كرسيّك مثلهم على أن تقف لهم «كالشّوكة» ولأنّك رميت المنديل من أوّل مواجهة فقد فهمت أنّهم سيتجاوزون القانون وسلطاته.. فلماذا العودة إلى فعل مضى؟! 5 سي رضا، اعذرني ان قلت أنّ حديثك لم يعجبني لأنّ توقيت صدوره لم يكن لا في صالحك ولا في صالحنا نحن من نعرفك ونقف إلى جانبك ونساند مواقفك التي نشاطرك الرأي فيها.. هل تعرف لماذا؟ فقط لأنّ الذي جاء بالطاهر صيود؟! كان يعرف مسبّقا أنّه سيخترق القوانين والأعراف وحتّى ان لم يخترقها فانّه كان هناك ليدفعه لها.. فالذي أتى به ونصّبه قال له في السّر والجهر افعل ما تشاء...!! المهم ها أنّك موجود في هذا المشهد؟! والمشهد على قتامته لن يقف فيه إلاّ من سيخرق هذه القوانين التي وضعت على قياس من سيدوسها ويتجاوزها..!! 6 سي رضا كنت أتمنّى لو خيّرت الاكتفاء بالمتابعة كغيرك من التونسيين، كنت أتمنّى أن لا يصدر ذلك الحديث لأنّه ضدّك وليس في صالحك.. ومثلما تسرّعت في اعلان الاستقالة من المكتب الجامعي فانّك تسرّعت مرّة أخرى في أن كشفت حقيقة المشروع الوهم الذي بشّر به صيود ومن معه.. وبما أنّك أصبحت من فعل ماضي الجامعة فانّه كان عليك أن تتحلّى بشيء من الحكمة في التعامل مع هذه المجموعة بما انّنا كنّا على يقين انّهم لن يذهبوا بعيدا وانّ ما قالوه سيظل هكذا حبرا على ورق لأنّهم ليسوا بقادرين على النجاح ولو في فتح ملف واحد..!!