مثل الشباب إحدى أهم أولويات قيادة الاتحاد منذ عدة سنوات فتم العمل على إعطائه فرصة تامة في تحمل المسؤولية وإستقطابه للعمل النقابي، وقد أتت الجهود المبذولة في هذا المجال بثمارها خاصة مع ظهور مكتب الشباب العامل الذي يضم نخبة من أفضل شبابنا العامل المهتمين بالعمل النقابي والمدافعين عن زملائهم من الشباب، ولمعرفة واقع الشباب العامل ومدى حضوره في الأطر النقابية، إلتقينا الأخ مروان الشريف الكاتب العام لمكتب الشباب العامل فكان لنا معه الحوار التالي: الأخ مروان الشريف ، ما هو مكتب الشباب العامل وما هي أهدافه؟ جاءت فكرة مكتب الشباب العامل لتعزيز العمل النقابي الشبابي ولدعم حضوره في هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل. وهذا الهيكل النقابي المهتم بالشباب يتطور بإستمرار حيث يتم الآن تركيز لجان جهوية للشباب العامل تتكون من عضو عن كل قطاع وتنتخب هذه اللجنة مكتبا جهويا للشباب وعلى المستوى الوطني تتشكل لجان قطاعية تتكون من 7 أفراد تقرر منسقا ويجتمع كافة المنسقين في اطار مؤتمر يقع خلاله انتخاب المكتب الوطني وللإشارة فإننا بصدد الإعداد لتعويض تعيين اللجان الجهوية أو القطاعية بالإنتخاب لمزيد تعزيز الديمقراطية داخل هياكل الاتحاد. وبالنسبة لمهام المكتب فتتمثل في استقطاب الشباب العامل وتحفيزه على العمل النقابي وتأطيره وتكوينه مع التركيز على المكاسب التي تحققها الحركة النقابية والرجوع الى تاريخها وأعلامها ودورها الوطني الهام. كيف تقيمون واقع الشباب العامل؟ إن واقع الشباب العامل لا يختلف عن أوضاع باقي العمال إلا أنه يشكو من بعض المشاكل الخاصة وعلى رأسها الوضع الشغلي الهشّ فالعديد من شبابنا العامل يعاني من العمل الموسمي وضعف الأجر والابطاء في عملية الترسيم وهو ما يجعله غير مستقر ومشوش الذهن، وقد يكون هذا سبب عزوف الشباب عن العمل الجمعياتي والاهتمام بالشأن العام. ويمثل الجري وراء لقمة العيش والإنكباب على هموم الحياة وصعوبة ظروف التشغيل وتفادي المشاكل أسبابا مؤثرة في عزوف الشباب عن العمل النقابي، إضافة الى ما يمارسه بعض الأعراف أساسا في القطاع الخاص أهم أسباب تنامي ظاهرة العزوف على العمل النقابي والجمعياتي عموما. إلا أن هذه الأسباب لا تعفي مؤسسات المجتمع المدني من المسؤولية وقد لاحظنا في هذا الصدد غياب إستراتيجية واضحة لإستقطاب الشباب إذ لا تؤدي النشاطات الحالية الى نتائج جيدة، وفي المقابل فقد لمسنا من خلال العمل الميداني الذي نقوم به أن ملامسة مشاغل الشباب والحوار المباشر والفردي والدائم معه يؤدي نتائج إيجابية خاصة إذا ما تم منحه المعلومة الكاملة والمفيدة التي ترفع اللبس لديه وتجعله أقدر على التصنيف والفهم، وللأمانة فقد لاحظنا أن شبابنا يملك طاقات هائلة واستعدادات كبيرة للعمل النقابي بدافع الحاجة لمن يدافع عن مصالحه. والحقيقة أن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وكافة هياكله قد انتبهت لمسألة عزوف الشباب عن العمل النقابي ولشواغل الشباب عموما وذلك عبر تبني مسألة التشغيل وإيلائها الاهتمام اللازم إذ من المنتظر أن تكون هذه المسألة حاضرة في المفاوضات الاجتماعية القادمة ، ونحن نثمن هذه السياسة وهذا الاهتمام بالشباب من موقع معرفتنا بظروف الشباب وبأهمية مسألة تشغيله على الصعيد الاجتماعي. ماذا عنيتم بمنح الشباب المعلومة؟ المسألة بسيطة فالاتحاد العام التونسي للشغل وكافة نقاباته تقدم بدورها وتحقق نتائج ومكاسب نقابية واتفاقات إلا أن الشباب ليس على علم بها نظرا لقلة الإشهار وغياب النقابات عن عديد الفضاءات الإعلامية. ومن هنا يتكون شعور لدى الشباب العامل بعدم العلم به، فإذا ما تم إعلامه بالمكاسب التي تحققها النقابة، فإن رؤيته للنقابة تتغير وإحساسه بضرورتها يتعزز. لذلك فإننا نعمل على تحقيق اتصال مباشر ودائم مع الشباب العامل والتخاطب معه واصدار المطويات لمزيد تعميق الوعي بدور النقابة وتتضمن المطويات التي تصدرها لمحات من تاريخ الحركة النقابية ودور رموزها الفاعل في الحياة الوطنية فضلا عن مقتطفات من الاتفاقيات والقوانين. وقد سهل الدعم الذي نلقاه من قيادة الاتحاد مهامنا ودفعنا لمزيد العمل على تحقيق نتائج أفضل ونحن نقدر هذا الدعم ونطالب بالمزيد ولا بد من الإشارة أيضا الى أن ندعم مجهودنا وعملنا عبر الانفتاح والتعاون مع المنظمات والجمعيات الصديقة للاتحاد. وماذا عن تعاملكم مع الشباب العاطل ؟ من المؤكد أننا نهتم كثيرا لمسألة البطالة ذلك أن نقص التشغيل يعد بمثابة نقص في عدد المنخرطين في الاتحاد لذلك فإن كل العاطلين هم خسارة للجميع وخسارة للاتحاد. وفي هذا السياق قمنا بندوة سنة 2008 لطرح مسألة تشغيل الشباب وايجاد الحلول الممكنة. رغم إهتمام الاتحاد العام التونسي للشغل بالشباب نلاحظ غيابه عن الهياكل القيادية فكيف تفسرون ذلك؟ هناك عاملان يفسران غياب الشباب عن القيادة النقابية، العامل الأول هو عامل موضوعي يتمثل في دخول الشباب الى سوق الشغل في سن متأخرة بسبب تمطط دورة الحياة وسبب طول فترة البحث، ثم يكون على الشباب انتظار سنوات للترسيم وإكتساب الحق في الترشح وهذا يعطل بشكل ملحوظ سن تحمل المسؤولية النقابية بصفة عامة، أما العامل الثاني فهو مرتبط بشروط الترشح إذ يشترط للترشح للهياكل القيادية قضاء دورتين في نقابة أساسية تخول الترشح لانتخابات الاتحاد الجهوي أو الجامعة العامة وفي صورة الفوز يجب على النقابي قضاء دورتين في هذه الهياكل ليتمكن من الترشح للهيكل القيادي. لذلك من الطبيعي أن لا نجد وجوها شابة في الهياكل القيادية، ونحن نطالب في هذا المجال بتخفيف الشروط بما يسمح للشباب بالتواجد في قيادة المنظمة. وعلى صعيد أشمل فإننا نعمل على تكوين جيل من القيادات النقابية الشابة في اطار برنامج نعدّه بالاشتراك مع قسم التكوين ويشرف عليه خبراء تونسيون وأجانب قصد تكوين 40 مسؤولا ممن تقل أعمارهم عن 40 سنة في مجال إدارة المجموعات وتقنيات الإتصال والمفاوضات فضلا عن الندوات التكوينية المستمرة والجامعات الصيفية التي ننظمها سنويا. كيف تقيمون سياسة تشغيل الشباب في تونس ؟ هناك نقائص عديدة في السياسة التشغيلية رغم المجهودات المبذولة. ففي المقام الأول لم تأت خوصصة المؤسسات الوطنية الكبرى بالنتائج المنتظرة، فعوض أن تساعد هذه المؤسسات في حل مشاكل البطالة واستيعاب اليد العاملة، قام أصحابها الخواص بدعوى قانون المنافسة، بالضغط على عدد العمال كما اتجهوا نحو التشغيل بأشكال هشّة إما عبر المناولة أو عبر عقود الاعداد للحياة المهنية في ظل غياب واضح للشفافية ولمبدأ تكافؤ الفرص في العمل. وهو ما مس بالقدرة التشغيلية لهذه المؤسسات الصناعية التي كانت مربحة وتساعد على ايجاد حلول قوية لمشكل البطالة أما الجانب الثاني فهو أن البعض من المشغلين الخواص يسيئون استغلال الحوافز والتشجيعات التي تمنحها الدولة في اطار دفع الاستثمار ودفع التشغيل، إذ يعمد البعض الى توظيف الدعم في مصالحه الشخصية وتجاهل واجباته في تطوير المؤسسة واستقطاب العاطلين عن العمل، كما يقوم البعض بالإستفادة من آليات التشغيل وعدم دفع الأجر أصلا والاقتصار على منحة الدولة رغم ما ينتفع به مقابل تشغيل كل شاب من أعفاءات ضريبية واجتماعية، ومن هنا يبدو من الملح مراقبة هؤلاء وفرض رقابة صارمة على كل مليم من الدعم من المال العام وضمان حسن توظيفه في تطوير المؤسسة وتشغيل الشباب وفي الختام نجاح عملية التشغيل في تونس يشترط عودة الدولة الى لعب دورها الاقتصادي والاجتماعي بقوة ودفع التنمية الجهوية وإقامة المشاريع الكبرى ذات الفائدة الاقتصادية والقدرة التشغيلية العالمية.