إسبانيا.. "براد بيت مزيف" يحتال ب360 ألف دولار على امرأتين    قلق في ريال مدريد بسبب إصابة مبابي    اليويفا يسحب تنظيم نهائي دوري أبطال أوروبا من السان سيرو    من 7 الى غاية 10 أكتوبر القادم ...مدينة ياسمين الحمامات تحتضن مهرجان اوسكار للحلاقة والتجميل !    قصة قصيدة وشاعرها: قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد ؟    المتنبي في زمن الانترنات !    كاتب وكتاب ... ملخص كتاب طلاقة اللسان... !    قرية الأطفال «س وس» المحرس...يوم تحسيسي توعوي للتوقي من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر!    عين دراهم ...من روائع الطبيعة .. زيت القضوم فيه الشفاء ويوفر مداخيل هامة    متابعة تنفيذ توصيات لجنة التراث العالمي باليونسكو الخاصة بملف إدراج جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي    اليوم في البطولة... الترجي للتأكيد وصفاقس وبن قردان للإقلاع    مرابيحها من تجارة المخدرات والسلاح والتهريب...صفقات مشبوهة تكشف شبكات غسيل الأموال    سفير تونس في لبنان : الجالية التونسية بخير    معلومة خاطئة كشفت خيانته .. قصّة العميل الذي باع قيادات حزب الله للصهاينة    30 رجل أعمال في المنتدى الاقتصادي التونسي الصيني المنعقد يومي 23 و24 سبتمبر 2024    إجماع على تعديل فصول من النظام الداخلي للمجلس الوطني للجهات و الاقاليم    سيدي بوزيد: حملة مراقبة للمطاعم الجامعية    من الضروري تطوير مراكز تجميع الحبوب ومراجعة صيغ استغلالها وتوزيعها الجغرافي ورقمنة حلقة التجميع    الشاعر والروائي عبد الجبار العش في ذمة الله    القصرين : المنسقون الجهويون والمحليون للحملة الإنتخابية الرئاسية لقيس سعيد وأنصاره يواصلون تعليق المعلقات والتواصل مع المواطنين    'لا تعقدوا اجتماعا!': رئيس الوزراء القطري الأسبق يوجه رسالة إلى جامعة الدول العربية    تحديد الاسعار القصوى لبيع البطاطا    المهدية.. الاطاحة بمروج مخدرات مصنف خطير    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الليبي؟    رئيس الحكومة: تنظيم النسخة الاولى للمنتدى المتوسطي لازالة الكربون في تونس يعد محطة هامة من اجل تحقيق التنمية المستديمة    السبت المقبل.. أعوان كل المساحات التجارية في إضراب    منوبة: انطلاق أولى أنشطة المترشح زهير المغزاوي الميدانية من وادي الليل    كأسا رابطة الأبطال والكونفدرالية الافريقية : تأجيل انطلاق مباريات مرحلة المجموعات الى نوفمبر المقبل    أردوغان: الأمم المتحدة باتت قاصرة عن الاضطلاع بمهمتها وتتحول مع الوقت إلى كيان عقيم    وفد من مجلس النواب العراقي يدعو الجانب التونسي إلى تعزيز التبادل التجاري الفلاحي    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ مصابون في حادث اصطدام "لواج" بسيارة جزائرية    مطار رفيق الحريري الدولي يعلن إلغاء أكثر من 43 رحلة جوية من وإلى بيروت    حادثة قتل حلّاق بزغوان: الأمن يحتفظ بصديقه    كسوف حلقي للشمس يوم 2 أكتوبر 2024 : هل سيشاهده التونسيون ؟    الاستثمارات في قطاع السيارات بتونس: نحو خلق 3000 فرصة عمل بحلول عام 2028    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس    شان 2024: الاتّحاد الإفريقي يعلن عن نظام التصفيات    سوسة : إيقاف شخصين بتهمة سرقة أسلاك نحاسية والإضرار العمد بممتلكات الغير    سحب هذا المضاد الحيوي: هيئة الصيادلة توضّح    سرقة ''ألماس'' أحمد سعد في ايطاليا    ضحى العريبي :'' يا تلافز و يا اذاعات تونس معادش تكلموني ...و نظهر وقت نحب أنا ''    تونس تسجل سنويا ما لا يقل عن 1000 إصابة بداء السلّ.    بشرى سارة للتونسيين بخصوص هذه المواد الاستهلاكية..    متحور جديد من كورونا ينتشر بسرعة في 15 دولة    وزارة الصحة تجدد على ضرورة إتخاذ التدابير الوقائية لحماية الأطفال من البرونكيوليت.    رفض تأخير توقيت هذه المباراة: التلفزة الوطنية توضح..#خبر_عاجل    البريد التونسي: أكثر من 269 ألف تلميذ قاموا بالتسجيل المدرسي عن بعد..    الجامعة التونسية لكرة القدم تتظلم مما حدث للاتحاد المنستيري في الجزائر    بطولة كرة اليد: برنامج المباريات المتأخرة لحساب الجولة الثالثة ذهابا    عاجل/ فرنسا تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان..    إيقاف أفارقة وتونسي بتهمة الاتّجار بالأشخاص ومسك سلاح ناري    500 قتيل بلبنان خلال يوم.. وحزب الله يقصف قواعد ومطارات إسرائيلية    حزب الله يستهدف قواعد جديدة لجيش الإحتلال والغارات تتواصل على مناطق لبنان    المتحف الوطني بباردو: افتتاح معرض "صلامبو من فلوبار إلى قرطاج"    مجلس وزاري ينظر في مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025    الفلاسفة والحب ..«كانط» و«شوبنهاور»... والعزوبية !    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل القاتلة تلوم ضحاياها!
نشر في الشعب يوم 12 - 06 - 2010

هذه هي إسرائيل، في صورتها الحقيقية، عنيفة ودموية وبشعة أمام العالم، على خلاف الصورة التي حاولت تلبّسها، وادعائها، أو حاول البعض في الغرب رسمها لها، باعتبارها جزءا من صورته.
إسرائيل في صورتها هذه لاتتورع عن استخدام قوتها العسكرية للقرصنة والسطو المسلح والقتل، ولو تعلق الأمر بمجرد قافلة لنشطاء مدنيين، ينتمون لعشرات الدول، وكأنها في ذلك تبعث برسالة مفادها إنها دولة مستثناة من كل القوانين والأعراف الدولية. ويتغذى هذا الاستثناء في إدراك الإسرائيليين لذاتهم، من اعتبار دولتهم معطى »الهي«، أو كنتاج وعد رباني /أزلي، واعتبار ذاتهم »شعب الله المختار«، والآخرون زائدون عن الحاجة، أو مجرد »أغيار«. وفي ذلك ثمة جملة مدخلات ملتبسة تتضافر في وعي الإسرائيليين لأنفسهم، فثمة عنصرية متوحشة، وثمة شعور طاغي بالغطرسة، وثمة استغراق بالأسطورة الدينية.
ولعل هذا يفسر اعتبار إسرائيل لذاتها مصدرا للقيم، وتنصيب نفسها فوق الشرائع والقوانين، فهي، مثلا، دولة قامت بوسائل القوة والإرهاب، ومع ذلك فهي تعتبر أي مقاومة لاحتلالها إرهابا! وهي أصلا ترفض تعريف وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة (على الأقل في العام 1967) احتلالا، وإنما عودة إلى »ارض الميعاد«، أو نوعا من إعادة توحيد »أرض إسرائيل« فهي الأصل، أما الفلسطينيون فمجرد طارئين على الزمان والمكان!
المفارقة أن هذا الوعي الإسرائيلي، العنصري والمتغطرس والديني، يطالب الفلسطينيين بأكثر من الاستكانة لاغتصاب حقوقهم، والسكوت عن احتلال أرضهم، أي بإبداء العرفان والامتنان لإسرائيل، على قيامها، وعلى وجودها؛ والأنكى، أيضا، أنها تحاول لومهم على تنكيلها وبطشها بهم هكذا كانت غولدا مائير (رئيسة وزراء إسرائيل سابقا (دأبت على لوم الفلسطينيين (ضحايا إسرائيل(، وإبداء عدم مسامحتها لهم، على قيامهم بما من شأنه إظهار إسرائيل بمظهر لا أنساني!
في عودة موجزة للسياق التاريخي لنشوء إسرائيل، يمكن ملاحظة أن القيادة الصهيونية )التي تحملت مسؤولية قيادة إسرائيل فيما بعد) كانت حمّلت الحكومة البريطانية مسؤولية أعمال الإرهاب التي قامت بها منظمتا »أرغون« و»تشيرن«) الصهيونيتان) ضد القوات البريطانية في فلسطين 1948 1948، تماما مثلما حمّلت الحكومات العربية والقيادة الفلسطينية المسؤولية عن النكبة، وعن تشريد حوالي مليون فلسطيني ! اللافت أن إسرائيل اليوم تحمل الولايات المتحدة الأمريكية، أيضا، مسؤولية تدهور الوضع في الشرق الأوسط (لاسيما مع إيران وفي العراق).
وعلى هذا القياس فليس غريبا على إسرائيل هذه أن تقوم بلوم أهالي غزة المحاصرين، على سعيهم الحثيث لإنهاء هذا الحصار، بالإنفاق، وبقوافل المساعدات الإنسانية من البر والبحر. كما ليس بغريب على إسرائيل هذه، التي باتت غريبة تماما عن العالم، القيام بتوجيه اللائمة، عن الجريمة التي ارتكبتها في عرض البحر المتوسط، إلى الناشطين الدوليين، المشاركين في »قافلة الحرية«!
ولعل ماجعل إسرائيل تجنّ جنونها هو تحول الصورة الأثيرة لها في العالم، وهي صورة الضحية، إلى صورة »أزعر« الحي، التافه والقبضاي، والذي يخشاه الآخرون، لالقوته ولكن لتلافي حماقاته. وفي ذلك باتت إسرائيل، التي كانت تحرص على »فرادتها« في المنطقة، بمثابة دولة شرق أوسطية أخرى، بمعنى أنها »تطبعت« غصبا عنها، بعد أن كانت ترفض "»التطبيع«، باعتبارها جزءا من الغرب المتقدم.
في هذه الصورة انمحت إسرائيل باعتبارها »واحة« للديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث الاستبداد الشرقي، فهي أيضا دولة عاتية ومتجبرة ومستبدة، وفوق ذلك فهي دولة عنصرية، أو مجرد »غيتو« في الشرق الأوسط. أيضا فقد اضمحلت صورة إسرائيل باعتبارها »جزيرة« للحداثة في صحراء المنطقة العربية، إذ تكشفت عن دولة ترتع في غياهب الماضي، وفي الأسطورة الدينية. فوق كل ذلك فقد ظهرت إسرائيل، أيضا، على حقيقتها باعتبارها أخر دولة استعمارية، في العصر الحديث، ما جعلها بمثابة وصمة عار في القرن الحادي والعشرين، وكعبء على النظام الدولي، مع أفول الظاهرة الاستعمارية، وغياب الأنظمة العنصرية، وانتهاء الحرب الباردة.
الآن، يمكن إضافة ما فعلته إسرائيل، في عرض البحر الأبيض المتوسط، وضد قافلة الحرية، إلى سجلها الدموي الإرهابي الأسود، وهو سجل بات يخجل اشد المؤيدين لإسرائيل، ويحرج أكثر أصدقائها. فهذا الرئيس الأمريكي باراك اوباما لم يستطع تحمل مجرد لقاء مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، في ظل مافعلته إسرائيل، وفي ظل التداعيات الناجمة عن فعلتها في عواصم العالم، وأمام الرأي العام العالمي. وهذا الفيلسوف الفرنسي )اليهودي) برنار هنري ليفي يطلق صيحته في تل أبيب) التي كان يزورها (إبان الحملة على بواخر المساعدات الإنسانية لغزة، قائلا: »الصور التي رأيناها هذا الصباح تدّمر البلد الذي أحبه كثيراً ..في حرب الصور والأخيلة إسرائيل خسرت الحرب«، وهاهي حكومات ومجتمعات أوروبا تبدي ضيقها وتبرمها من السياسات الإسرائيلية الصلفة.
واضح أن إسرائيل في كل ما تفعله، لم تعد تدرك المحيط المتغير من حولها، أو أنها لاتريد أن تصدق بأن العالم لم يعد يحتمل ترهاتها وادعاءاتها وأساطيرها.
وعلى الأرجح فإن العالم، الذي يحارب الإرهاب والأصولية الدينية ويعمل على وضع حد لانتشار الأسلحة النووية، لن يحتمل إسرائيل الإرهابية والعنصرية والأصولية والنووية. ويبدو أن كل حملة مثل »رصاص مصهور« (اسم الحرب على غزة) أو »رياح سماوية«، إنما هي تعزز وتعجل من عزلة إسرائيل، ومن أفول العصر الإسرائيلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.