تدارس مجلة المياه    أولا وأخيرا... يا خلق ربي    الكاف: برمجة زراعة حوالي 233 ألف هك .. استعدادات لافتتاح موسم البذر    رئيس نقابة الفلاحين: تسعيرة زيت الزيتون لم تُحدد بعد    مع الشروق .. نهاية رجل شجاع    عبد المجيد تبون يستقبل محمد علي النفطي: التفاصيل    كتاب "السلطة والولاء" لمحسن جلولي استحضار لجزء من تاريخ تونس من خلال مسيرة محمود جلولي :    وزيرة التجهيز والاسكان ووزير التعمير والاسكان الليبي يؤديان زيارة لمشروع ''حدائق تونس-منوبة"    ما هو "اللواء 401" الذي قتلت "كتائب القسام" قائده؟    النجم الساحلي: انهاء العلاقة التعاقدية مع المدرب    جندوبة: المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية تدعو للحذر    بطولة انقلترا: ليفربول يحتفظ بالصدارة    زين الدين زيدان مرشح لتدريب المنتخب السعودي    هيئة الانتخابات تنظم ملتقى لتقييم سير العمليات الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية    طقس الليلة: سماء مغشاة بسحب أحيانا كثيفة ونزول بعض الأمطار على الشمال والوسط    توزر: تواصل الحفريات الأثرية بموقع 'كستيليا' يكشف عن وجود مبان سكنية بجوار الكنيسة المسيحية    أبعدها تماما عن الأضواء.. مرض غريب أصاب الفنانة إيمي سمير غانم    إرتفاع النتيجة الصافية للقطاع البنكي..    الرابطة 1 : النتائج و الترتيب    فضيحة/ السجن 3 سنوات لهذا اللاعب المشهور بتهمة الاعتداء جنسيا على فتاة..#خبر_عاجل    خطير..علماء يكشفون تأثير الكافيين على وزن الجسم والإصابة بالسكري..    ترامب :'' أحترم كثيراً الملك سلمان''    اليوم : الذكرى 197 لإنشاء العلم التونسي    الرائد الرسمي: صدور قرارمن رئيس الحكومة يتعلّق بضبط تاريخ وتراتيب إنجاز التعداد العام الثالث عشر للسكان والسكنى    ماهو الإطار القانوني لجلسة أداء اليمين لرئيس الجمهورية المنتخب ؟    اصابات في صفوف الجيش الاسرائيلي    festival circuit. théâtre الدورة 04البرنامج من 22 إلى 25 أكتوبر 2024    تظاهرة ثقافية ببن عروس توثق جوانب من حياة الفنانة التشكيلية الراحلة صفية فرحات    الديوان الوطني التونسي للسياحة يوقع اول مذكرة تفاهم مع وكالة السياحة الصينية " Tongcheng Travel"    توقعات الرصد الجوي: امطار يومي الاثنين والثلاثاء    صحيح ما ربحناش لانو آليات الربح مفقودة اما الاهم ما خسرناش…عبد الكريم قطاطة    عاجل : الحرس الديواني ببن قردان يحبط تهريب ما يفوق 620 ألف أورو    دوز: اختتام الدورة الرابعة للصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية في دور الثقافة    حفل تكريم بجمعية كلية الطب بولاية قابس    سامارا : ولدي باش يولي رابور وهو عمرو 6 سنين    قابس: نشاط هام للمستشفى الجامعي رغم اشتغاله بنصف طاقة استيعابه    العاصمة: وقفة مساندة لغزة ولبنان    مباشرة أبحاث ضد ثامر بديدة وادراجه بالتفتيش في قضايا تعلقت بالتآمر على امن الدولة.    الإطاحة بمروج مواد مخدرة في برج الوزير    لافروف يؤكد ضرورة منح البرازيل والهند وإفريقيا عضوية دائمة بمجلس الأمن الدولي    رئيس إندونيسيا الجديد يتسلم منصبه رسميا    البطولة .. صراع بين النجم و«البقلاوة» والترجي في امتحان جرجيس    أخبار النجم الساحلي .. الدو يُخفي أوراقه والهيئة تصرف الأجور    يهم محبي الرياضة : مقابلات اليوم الأحد وبرنامج النقل التلفزي للرابطة الأولى    بعدك يا نصر الله، بعدك يا سنوار    عاجل/ إحباط تهريب حواليْ 630 ألف أورو برأس جدير: تفاصيل جديدة..    طقس الليلة.. سحب كثيفة ورعدية مع امطار غزيرة بعدد من المناطق    بن عروس: تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بالأوساط التربوية..    التشكيلة الاساسيّة للنادي الصفاقسي …ظهور محتمل لايمن دحمان    معدل صرف الدينار يواصل صموده في مواجهة أهم العملات الأجنبية    جلّها في الثمانينات من العمر: إرتفاع عدد الوفيات في إيطاليا    تونس وايطاليا تبحثان تعزيز التعاون الاستراتيجي في مجال الصحة    الترفيع في الاعتمادات الموضوعة من قبل البنك التونسي للتضامن لفائدة صغار الفلاحين لتمويل الموسم الحالي للتمور الى 12 مليون دينار    يا يحي .. خذ القضية بقوة..    مفتي الجمهورية في زيارة لشركة مختصّة في انتاج زيت الزيتون البكر وتعليبه    وزارة الصحة: تلقيح ''القريب '' يحميك من المرض بنسبة تصل الى 90%    منبر الجمعة .. الصدق روح الأعمال !    يتزعمها الفحاش والبذيء وسيء الخلق...ما حكم الإسلام في ظاهرة السب على وسائل التواصل الإجتماعي ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مونودراما "ماسح الأحذية" للمخرج حافظ خليفة: تجسيد لمأساة الإنسان العربي في رحلة البحث عن المعنى
نشر في باب نات يوم 20 - 10 - 2024

احتضن فضاء التياترو بالعاصمة، مساء السبت، العرض الأول لمونودراما "ماسح الأحذية" وهي من أداء الممثل محمد علي العباسي وإخراج حافظ خليفة، ودراماتورجيا بوكثير دوما عن نص أصلي للكاتب خالد الجابر.
تدور أحداث "ماسح الأحذية" على مدى 60 دقيقة في نفق محطة للقطار حيث يعمل رجل منظفا للأحذية، وتظهر على هذا الرجل علامات التشرد، لكن مع تتالي الأحداث يكتشف المتفرج أنه في الحقيقة أستاذ جامعي هارب من الحرب بعد ان فقد جميع أسرته وهويته وانتماءه، وأصبح يعيش اغترابا وجوديا، حاملا معه حقيبة قديمة معبّأة بالأحذية هي عبارة عن رموز وأسرار حياته.
...
وفي محطة القطار يحاول الرجل كسب قوته اليومي على أمل أن يسد جوعه ويدخر ثمن تذكرة رحلته في القطار، لكن يحدث زلزال وينهار النفق ليجد نفسه معزولا عن الخارج رفقة غرباء هم عسكري ورجل ثري وجامعي وامرأة مطلقة.
على المستوى الفني، خيّر المخرج حافظ خليفة الاعتماد على الممثل الواحد على الركح وأن يكون العمل مونودراميا، رغم تعدد الشخصيات في النص الأصلي للمسرحية، فكان لا بد للممثل محمد علي العباسي أن يملأ الركح ويُنوّع أداءه وأن يجسّد بقية الشخصيات الغائبة، مستعينا بجملة من العناصر البصرية كمحطة القطار والرجل العسكري ورجة الزلزال، فعزّزت من واقعية الأحداث وجعلت المشاهد يعيش القصة بشكل شبه واقعي.
وتميّزت الإضاءة في أغلب ردهات العرض بالقتامة، وهي رؤية فنية مقصودة من المخرج حافظ خليفة لإبراز الجوانب النفسية للشخصية وما تعيشه من حالة اغتراب وحيرة وضياع وتمزق، وهو أيضا ما عكسته المؤثرات الموسيقية المختارة بعناية والتي أبرزت مشاعر الفوضى والقلق المهيمنة على نفسية ماسح الأحذية.
أما إيقاع العرض، فكان متسارعا وذا منحى تصاعدي، من الرجل الذي يمسح الأحذية، إلى وقوع الزلزال وعزلة الرجل مع شخصيات أخرى. فكان ماسح الأحذية يحكي قصته ويجسد في كل مرة شخصية منها، ليبرز انكساراتها وآمالها في عالم مليء بالتحديات.
ومن خلال هذا الصراع بين "الأنا" و"الذات" و"الأنا" و"الآخر" يثير ماسح الأحذية عدة قضايا كالأمل واليأس والخوف من السلطة وضرورة البحث عن الهوية.
وتمثل الشخصيات التي لعبها الممثل محمد علي العباسي أطيافا واسعة من المجتمعات العربية، فالرجل الغني البرجوازي يرمز إلى الطبقة المهيمنة ويستند إلى سطوته الاقتصادية والمالية. أما المثقف فهو يحمل آمال التغيير ولكنه عالق في حيرة عدم القدرة على التأثير. وبالنسبة إلى العسكري، فهو رمز للسلطة وآلة القمع، لكنه يظهر كضحية في بعض المشاهد. وتحمل شخصية المرأة المطلقة معاني العزلة وتحمّل أعباء المجتمع الذي يعيق تطلعاتها وآمالها.
لكن مع حدوث هذا الزلزال المدمر، الذي يرمز إلى الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمع، أصبحت الشخصيات كلها سواسية، وأضحت تبحث عن منفذ للخلاص من الكارثة ومواجهة واقعها المرير، فتتكشف الصراعات النفسية والاجتماعية في ظل هذه الظروف الجديدة.
أما البعد الفني الأكثر إثارة وجمالية في العرض، فهو تطويع الأحذية للحديث عن كل شخصية، فالحذاء لعب دورا محوريا في كشف زيف الطموحات والتطلعات وأصبح مرآة تعكس تناقضات المجتمع. وقد تحول الحذاء في هذا العمل المونودرامي من أداة ارتداء لحماية القدمين أثناء المشي، إلى رمز للكرامة والهيمنة، فالشخصيات تتنافس على من يستحق منها أن يُلمّع حذاؤه وفي ذلك إبراز لكيفية تحديد مكانة الفرد في المجتمع من خلال رموز بسيطة. وهذا التنافس يسلط الضوء على الفجوة بين الفئات الاجتماعية، ويطرح تساؤلات حول القيم الإنسانية في ظل التسلط.
وتحمل المسرحية في أبعادها أسئلة فلسفية وجودية حول كرامة الإنسان العربي، وآماله وتطلعاته. ويُظهر هذا العمل كيف أن هذا الإنسان العربي يعيش تائها مغتربا في رحلة البحث عن الذات وفي علاقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية.
وفي ختام هذا العمل، ورغم تدخل وحدات الإسعاف وإنقاذ الجميع، إلا أن "ماسح الأحذية" قرّر مواصلة طريقه عبر النفق بحثا عن الضوء وعن المعنى الوجودي لحياته، وأملا في تحقيق التغيير الفعلي لمجتمع عربي تتجسّد كرامته في استخدام العقل والتفكير بعيدا عن "الأحذية" ودلالاتها ورمزياتها.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.