بقلم: شكري بن عيسى (*) "نهار الموت.. نهار الكشفة"، مثل تونسي دارج، لم أكن الحقيقة أعرف حيثياته ومصدره، برغم أنّني أعرف مدلوله العام، الذي يصب في اطار أنّ لكل انسان نواقص وقد يأتي وقت تنكشف فيفتضح ما كان الفرد او المجموعة تتستر عنه، ولكن هذا المثل تعرّفت على "جذوره" مع "كابتن" المشروع محسن مرزوق، الذي كان يفصّل فيه ويتزيّد (في اطار الحذلقة السياسية)، في كل الدعوات التي يكون مقدمها بوبكر بن عكاشة أو مريم بلقاضي، أو بالأحرى عناوين "الابداع" الاعلامي المحايد (جدّا). هذا المثل حسب "العرّاف" (بمعنى العارف في الأمثال وتواريخها ومغازيها) مرزوق، يتعلّق ب"امرأة" كانت تعمل في حمام النساء، تلبس ألبسة نسوية، وهي في الأصل رجل، ولكن لم يكن يعلم بها أحد، فقد كانت تتستر على جنسها، وكانت دائما ما تستحضر هذا المثل، عندما ستنكشف عند المماة الذي لا مفر منه لأحد، و"العرّاف" (في مجال الامثال) الحقيقة كان "يتعمّق" و"يتوسّع" و"يطنب" و"يسهب" الى حدّ ثرثرة المقاهي، وهو يفصّل في هذا المثل ودلالاته وابعاده ومغازيه وخاصة تطبيقاته، على الاحزاب المنافسة ل"مشروعه"، "مبشّرا" باقتراب نهار "الكشفة" بالنسبة لها، حيث ستكون النهاية ان لم يكن الغرق الشنيع. ولم يكن يعلم "العرّاف" أنّ المثل سينطبق عليه قبل غيره، أو قد يكون كان يعلم ولكنّه يهرب الى الأمام ويلقي بهزيمته الداهمة على غيره، في تمويه سياسي خاصة على أنصاره، حتى يضمن استمرارهم في الحزام الذي يحميه، ويخشى تفكّكه فلا يبقى له شيئا، وفي أوّل اختبار انتخابي تتبخّر القلاع العالية، التي كان يشيدها الرّجل بالحروف والكلمات والتعابير والقصص والانشائيات، وقبل ذلك بشهرين في أوّل اختبار في الدفاع على الوطن، تتكسّر أشرعة السفن الشديدة التي شيدها لحماية الحدود، عندما اقترب منها الاماراتي في واقعة منع التونسيات من النزول في الامارات. عندها وقع "اختطافه" وغاب عن الانظار تماما، حتى أصدرنا ذلك النداء الصاخب من على هذا الموقع ، والواقعة كانت في قلب المعركة الوطنية، أمّا اليوم فالأمر في قلب المعركة السياسية، والقلاع العظيمة اتضّح أنّها مجرّد خيم من سحاب، ومن تفنّن في الاخراج المسرحي لتلك الاجتماعات العامة الصاخبة، وتلك المشاهد الاستعراضية المدويّة، وتلك الأرقام التي كان يقدّمها عن منخرطي حزبه، التي تتصاعد من 10 آلاف الى 100 ألف او يزيد، عجز اليوم عن تقديم 100 قائمة لحزبه في البلديات، مكتفيا بما يزيد عن 80 قائمة حزبية، والاشتراك مع 10 احزاب ومستقلين في قوائم ائتلافية تحت اسم "الاتحاد المدني"، الذي لم يتجاوز 43 قائمة على كامل البلاد، ويعلن دعمه ل190 قائمة "مواطنية مستقلة"، في اشارات هلامية عامية لتضخيم الارقام. ويظهر بجلاء أنّ الحزب "العظيم" الذي روّج له "العرّاف" ، لم يقدر على حشد 2500 امرأة ورجل بين كهول وشباب، كما لم يقدر بقدراته وبالاشتراك مع "الاتحاد المدني" على تأمين قوائم تغطي 130 بلدية من جملة 350، التي تتطلّب ما يزيد عن 7000 شخص، وهي لا تمثّل شيئا بالنسبة لحزب لطالما أكّد قبطانه أنّه يتفوّق على الجميع، وما كنّا الحقيقة لنثير هذه الفضيحة السياسية، لولا الفهلوانيات اليومية التي يكررها على انظارنا الرجل، ولولا حضوره الطاغي كل يوم في كل وسائل الاعلام المسخّرة ليلا نهارا صباحا مساءا لحزبه، شنّفت اذاننا لأشهر طويلة بالفرقعات الصوتية الصاعقة والقنابل الضوئية الساطعة. وحدها الأرقام تعرّي الحقيقة لمّا لا يقدر حزب يدعي "العظمة"، سوى على تغطية رُبُع أو يزيد قليلا من جهات البلاد، ويفشل في تقديم قوائم تخص بلدياتها، في انتظار نتائج تتوقّع كل استبيانات الرأي أنها لن تفوق 1%، ما ينتظر أن تكون النتائج كارثية بأتمّ معنى الكلمة، لحزب أثار كلّ غبار الدنيا، وقرع كل طبول المعارك، وشنّ كلّ الحروب حتى على الأشخاص وآخرهم ياسين العياري، وستكون حصيلته الانتخابية مثيرة للسخرية، وبالفعل فاليوم جاء "نهار الكشفة" الذي لم ننتظره طويلا، ولكن هذه المرّة ليس له فقط، بل للشبكات الاعلامية التي تبنته، وخاصّة للقوى الاقليمية التي راهنت على جواد اتّضح أنّه أوّل الغارقين!! (*) قانوني وناشط حقوقي