لأن اصحاب القرار في مدينة «فاقة» الساحرة أصروا على تكريم ابناء المنطقة ممن كتبوا لها ولأجلها ضمن ملتقى ابداعي شعاره «باجة في عيون ابنائها».. فقد اغتنموا فرصة من ذهب لتكريم الأديب «الهادي الدراجي» الذي استلهم جل كتاباته من رحيق «باجة» ومن صورتها المعبرة في شكلها ومضمونها. بعد حفل التكريم جالسنا المحتفى به وخرجنا بهذه الدردشة. ألا ترى أنّ تكريمك جاء متأخرا نوعا ما؟ انا لم أفكر في تكريم نفسي بقدر ما قضيت مسيرتي الفكرية في تكريم «باجة» وايفائها حقها.. فأنا ابنها لحما ودما. ألهذه الدرجة.. أنت كريم؟ طبعا.. «باجة» اعطتني كل شيء ووهبتني سحر الكتابة.. منها انطلقت واليها اعود كلما غصت في الكتابة.. والاعتراف بالحق فضيلة. كتابة ماذا؟ كتبت باختصار معركة الانسان الوجودية من اجل البقاء والرقي منذ ان انطلق «آدم» و«حواء» يكتبان مغامرة حب البقاء.. كتبت «صراع» و«شظايا يلدز» و«المغامرة العجيبة» وغيرها من العناوين في المجال التربوي والوجودي والديني وكلها تحوم حول البعد الاخلاقي والانساني. وماكتبته هو هدية الى «باجة» الساحرة؟ «باجة» هي الحلقة التي أُلفّ حولها في كتاباتي... وداخلها اهدي ما اكتبه الى احفادي وائل وأسامة ويلدز لعلهم يتقبلون مني رسالة الحياة بكل اشكالها في باب الحكمة والموعظة. وكأنك ترى الحياة صراعا ولا شيء آخر؟ فعلا تلك هي حقيقة الحياة اين يصارع الانسان من اجل تخليص الحق من براثن الباطل والافراج عن الحرية القابعة في زنزانة العبودية وفك اغلال العدل المصلوب على هياكل الجياع في عالم تكون الكلمة هي الأقوى. وكأن كتاباتك تتخذ بعدا فلسفيا معقدا؟ ارد عليك بما ذكره الاستاذ لزهر الصحراوي لما قدمني في حفل التكريم اذ اكد على ان سحر كتاباتي في سهولة لغتها وقد استلهمتها من الواقع الجميل والبسيط لمدينة باجة... هي جميلة وانا كتبت بلغة جميلة حتى يقبل عليها القارئ.. وهذا ما حصل. قصصك فيها عبق الشعر كما يبدو لي؟ هذا امر فرضته روابي وطبيعة باجة الرائعة حيث جاءت قصصي في طابع موسيقي وايقاعي وكأن الشعر مولود فيها.. فانا ابن القصة وايضا ابن القصيد.. ابنتي سميتها ليلى وابني سميته قيس... فهل اكثر من هذا. كيف تؤشر لمستقبلك الابداعي؟ آخر ما كتبت تعلق بالقرآن الكريم وكأنه محاولة مني في تنويع كتاباتي..مازلت متمسكا بحق الابداع طالما «باجة» متمسكة بي وانا كريم معها.. وكلما ابتسمت الحياة عن احفاد وحفيدات الا اخذت القلم وسرحت في الكتابة لأهديهم الجديد من عطر الحبر الفياض. لو تركنا لك مساحة اخيرة.. ماذا تقول؟ اشكر كل من كرّمني ضمن هذا الملتقى الثقافي الذي اشرفت عليه «رابطة الكتاب الاحرار» وشارك فيه ثلة من اساتذة ومحبي الكتاب في مدينة «باجة» .. كما اشكر جريدة «التونسية» الغراء وهي تتفتح على تونس الاعماق اين الابداع الثقافي والكرم الادبي.