يظهر أن أوجه الأزمة في بلادنا بدأت تأخذ أبعادا خطيرة جدا فبعد الإعلان عن تقلص الاحتياطات من العملة الصعبة والانهيار الحارثي للدينار وتعطل مرافق الإنتاج الحيوية وتزايد نسب التضخم المديونية العمومية فإننا انتقلنا اليوم إلى تدهور قطاعات استراتيجية كانت فيما مضى تعد خطأ أحمر ومنها قطاع الأدوية . الصيدلية المركزية اليوم تئن تحت الديون ومخزون الأدوية الذي لم يكن ينزل عن ثلاثة أشهر تهاوى الى أسبوع واحد في سابقة لم تحصل من قبل. أمر خطير هذا الوضع له أسباب عديدة منها العجز عن إيفاء الصيدلية المركزية بدفع مستحقات الشركات الأجنبية المزودة حتى وصل الأمر إلى التهديد بوضع تونس على القائمة السوداء أي قائمة الدول التي هي غير قادرة على السداد .علينا هنا أن نذكر أن هناك من الخبراء الاقتصاديين من حذر من كون الأزمة في جانب منها مقصودة أي أن هناك بارونات أدوية تسعى لخصخصة القطاع باعتبار أن توريد الدواء ان كان للقطاع العام او الخاص حكر على الصيدلية المركزية وفق القانون. ما يحصل اليوم هو أن المواطن يدفع الثمن .ثمن عجز الصناديق الاجتماعية عن دفع ديونها للصيدلية المركزية وبالتالي عدم تمكنها من استيراد الدواء والحاصل أدوية حياتية مفقودة . السؤال هنا لماذا وصلنا إلى هذه الوضعية المأساوية؟ لعل الإجابة بأكبر قدر من الاختصار هو أن مفهوم الدولة غائب وأن تسيير المؤسسات بات عشوائيا وارتجاليا دون تهميش غلبة النزعات الفردية أي البحث عن المصالح الضيقة بما فيها الحزبية .