الاتّفاق على الزيادة في أجور العاملين بقطاع النزل السياحية    تأجيل إضراب أعوان مؤسستيْ شركة السكك الحديدية وشركة أشغال السكك الحديدية    تعديل القانون الانتخابي يشكل مسا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري (حملتا زمال والمغزاوي )    النادي الصفاقسي في مواجهة حاسمة أمام روكينزو البوروندي: تعرّف على التشكيلة الأساسية    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    القصرين: المنسقون الجهويون والمحليون لحملة قيس سعيد بالجهة يواصلون الحملة الدعائية الميدانية لمرشحهم    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    تونس تقتني 300 ألف جرعة من التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية استعدادا لحملة تنطلق في 17 أكتوبر القادم (رياض دغفوس)    بداية من الإثنين القادم: الأمطار تشمل أكثر من معتمدية    كأس "الكاف"لقاء العودة السّي آس آس نادي روكينزو... التّشكيلة والنّقل التّلفزي    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    بفارق 7 سنوات عن العالم: دولة تحتفل برأس السنة 2017    دراسة: ''النساء ضحايا العنف لازلن يشكين من سوء المعاملة في الوحدات الأمنية''    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر..وهذه التفاصيل..    باجة: تأسيس ثاني شركة اهلية بمجاز الباب في اقل من شهر    عوسجة: وفاة تلميذة دهسها جرار فلاحي امام المدرسة    جدل واسع في الشارع الأردني .. سميرة توفيق تدخل المناهج الدراسية    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    بلاغ مروري بمناسبة مواجهة الترجي الرياضي وديكيداها الصومالي    قسم طب العيون بالمستشفى الجهوي بتوز يدخل حيز الإستغلال    وزير الخارجية يشارك في قمّة "المستقبل" والدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    وكالة التحكم في الطاقة: عدد السيارات الكهربائية في تونس لا يتجاوز 150 والهدف بلوغ 5 آلاف سيارة سنة 2025    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    الرابطة الاولى - هيثم القصعي حكما لمباراة النادي الافريقي وشبيبة العمران    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    كرة اليد: برنامج منافسات الجولة الرابعة ذهابا.. وتعيينات الحكام    تقرير دولي ينوه بدور البنوك التونسية في تعزيز النمو والشمول المالي    تشكيلة الاتحاد المنستيري المحتملة ضد مولودية العاصمة    "عصفور جنة" فيلم روائي طويل لمراد بالشيخ يطرح بشكل كوميدي ناقد تحديات زواج المسلمة بغير المسلم    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة على هامش التحضير لليوم العالمي لداء الكلب    تراجع التضخم يعزز القروض للأفراد    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    روسيا تسقط 101 مسيّرة أوكرانية.. و3 ضربات على خاركيف    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    بقيادة معين الشعباني: نهضة بركان المغربي يبلغ دور مجموعات مسابقة كأس الكاف    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    حالة ترقب في فرنسا بانتظار كشف ميشال بارنييه تشكيلته الحكومية    الولايات المتحدة.. إضراب عمال بوينغ يدخل يومه الثامن    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    في أجواء عراقية حميمة: تكريم لطفي بوشناق في اليوم الثقافي العراقي بالالكسو بتونس    في الذكرى الثالثة لوفاة المصور الكبير الحبيب هميمة...شقيقه رضا هميمة يصرخ: «انقذوا روح أخي من التجاهل والجحود والنكران»!    طقس الليلة.. سحب كثيفة بعدد من المناطق    بني خلاد: مرض يتسبّب في نفوق الأرانب    تونس: حجز بضائع مهرّبة فاقت قيمتها أكثر من مليار    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    تحذير طبي: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في إفريقيا    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب «دار ديار» الجديد : رواية "شَهْوَةُ الآنِسَة صُوفي" لنديم الوزه
نشر في الصريح يوم 24 - 10 - 2019

صَدَرَتْ في تونس عن دار ديار للنشر والتوزيع رواية " شَهْوَة الآنسة صُوفي" للروائي السوري " نديم الوزه " بِغلافٍ للفنّان السوري "رامي شَعبو".
وهذه الرواية هي العَمَل السرديّ الأوّل للشاعر والناقد نديم الوزه بَعد عدّة مجموعات شعريّة وكُتُب نقديّة كانت قد صدرت في دمشق وتونس ، وهذه الرواية "شَهْوَة الآنسة صُوفي " التي ترصد حالةَ حُبّ في زَمَن الحرب وَتحتفي بالحياة في مُواجَهَةِ الموت بكثير مِن الجُرأة على هذا التابو أوذاك، تَقع في 208صفحات قياس15/21سم ، مُتضمّنةً خمسة فصول هي : اليوم الأول ، اليوم الثاني، اليوم الثالث ، اليوم الرابع ، اليوم الخامس.
ثَمَن النّسخة مِن هذا الكتاب : 20دينارا تونسيا ، ويتَوَفَّرُ في العاصمة التونسيّة بالمكتبات التالية: "الكتاب"-شارع الحبيب بورقيبة ، المعرفة"- ساحة برشلونة ، "بوسلامة" – باب البحر، "العيون الصافية" خَلْفَ وزارة المرأة ، وفي أريانة بمكتبة "العين الصافية"- المنزه السادس".
وَنَقتَطِفُ مِن أجواء الرواية:
"...لم نستطع الهروب من كفرية في تلك الليلة المرعبة كما فعل معظم الأهالي، وانتظرنا إلى اليوم التالي من أجل الاستقرار في شقتي غير المفروشة حينها سوى بتجهيزات المطبخ والحمام وما جلبناه معنا من فرش وأغطية، أنا ووالداي وإحدى شقيقاتي. بقي حالنا على هذا النحو عدّة أشهر إلى حين تجهيز شقة شقيقتي التي اشترتها بقرض عقاري هي الأخرى. فاصطحبت والدي للعيش معها بينما بقيت أمّي معي، ربما لأنها تتبارك بي في مقاومة مرض السرطان الذي تحاربه منذ خمسة عشر عاماً، واستسلمت له قبل عدّة أشهر، تاركةً عَيْنَي تنزفان على وفاتها إلى أن جفّ الدمع فيهما.
أتذكّر الآن كيف تبخرّ حلمي يوماً بعد يوم و أسبوعاً بعد أسبوع وستةً بعد سنة بمتعة العيش في هذه المدينة الجميلة؟ ليس بسبب الحرب وحدها، وإنما بسبب أحوالي المالية التي تضاءلت من أربعمئة دولار في الشهر إلى أقلّ من مئة دولار، بينما تضاعفت تكاليف المعيشة الأساسية أكثر من عشرة أضعاف: كيلو الطماطم أو الخيار كان بخمس وعشرين ليرة والآن بمئتين وخمسين ليرة؛ كيلو الملح كان بخمسة ليرات والآن بخمسين ليرة؛ أفضل قميص أو حذاء من صناعة سورية كان بألف ليرة والآن بأكثر من عشرة آلاف ليرة؛ حتى علبة المتة كانت بخمس وثلاثين ليرة والآن بثلاثمئة وخمسين ليرة؛ نصية العرق الجيدة كانت بخمس وسبعين ليرة والآن بألف ليرة.. وهكذا. ومع ذلك حين نتساءل نحن أصحاب المرتبات المحدودة عن أحوالنا نعزّي أنفسنا بأننا أحسن حالاً من الطرف الأخر!.. أيّ طرف؟ من المؤكّد لسنا أحسن حالاً من المجاهدين وعائلاتهم، ولا من المعارضين الذين يعيشون في أوربا والخليج وعائلاتهم، ولا من معفّشي النظام وعائلاتهم بطبيعة الحال؛ ربما نحن أحسن حالاً من السوريين الذين يعيشون في مخيمات الدول العربية المجاورة مع فارق أنّني لا أتلقّى أيّة مساعدات أممية أو محلية.
*
على الرغم من الخفّة المقصودة في كلّ ما ذكرته، تخفّفاً من جميع مظاهر العنف التي عرضت على الشاشات المتنوعة، ولا يمكن حصوله إلا بغيابٍ كامل للعقل: إنه يضع السكين على عنق إنسان ويذبحه، كيف يمكن لأهل هذا الذابح أن يأمنوا جانبه فيما بعد؟. لا أستطيع تخيّل ذلك.. لا أستطيع تخيّل حجم الدمار الهائل للعمران!. إنّني على قناعة بخلو معظم الأبنية التي تمّ تدميرها من سكانها، وإلا من أين جاء كلّ هؤلاء المهاجرين إليكم؟. إنّني أسمع صرخات الأبنية ذاتها؛ صرخات الاسمنت المسلح، وهو يفقد شكله الإنساني، أو بتوصيف أدقّ، وهو يفقد شكله المحايث للإنسان.. ما الذي يدفعني إلى هذا الشعور الغريب في فظاعته؟ ولماذا أحاول التعبير عنه؟ هل لأنّ البيت أو الكوخ رمز للأم حسب غاستون باشلار، وأنا مشرّد أبديّ وبحاجة للالتجاء؟ أم أنّ الأمر لا يتعدّى تأثير مشهدٍ غرائبي لم أعتد على رؤيته. لقد قرأت أنّ عباقرة مهندسي العمارة يجدون في الحروب والزلازل فرصاً نادرة لتحقيق طموحاتهم الإبداعية، حين قرأت ذلك لم أستهجن حالهم، ربما لم أعد أنظر إلى فنّ العمارة بهذه الأهمية؛ فقد أصبت بمرض، وبحاجة إلى الشفاء منه.
مرضي المرئيّ المزمن هو الكوابيس التي لم تفارقني منذ نعومة أظافري؛ وحتى الآن إذا لم أسكر تعاودني من جديد. مرّت فترة كنت أخرج فيها كلّ يوم، وأعود غالباً بنصية عرق لاستكمال سكري؛ لكن أحياناً كنت أذهب إلى الطرف الآخر، كانت القابون قرية وادعة، تتألّف من مجموعة من البيوت الطينية تتلاصق على ضفّتي نهر يزيد، هذه البيوت الترابية لم يصلها الدمار لأنها على الطرف الجنوبي الملاصق للمدينة؛ ومن المؤكّد أنّني زرتها بعد إحدى شطحات سكري، كانت تشبه حاراتٍ مرسومةٍ في لوحات تشكيلية، ولكنها أكثر جمالاً ونقاء لونياً، لقد تسلقت الجدران وعبرت الأسطحة ونزلت السلالم الخشبية كنت أشعر بسعادة غامرة، لكنّني استيقظت مذعوراً لأنّ أحداً لم يكن هناك.!
*
ما آسف له أنّني لا أعرف كيف سينهي أشقائي السوريون الحرب فيما بينهم؟. كلّ ما أتمناه أن يمنحوا الفنون والآداب اهتماماً جاداً لأرى إن كان بإمكاني مواصلة الحياة بينهم. متع الحياة ومباهجها شيء ضروري، ويسعد الجميع؛ وهذا ما أبحث عنه منذ طفولتي، ولا أجده).
- كيف لم أجده؟
أسأل نفسي بصوت مرتفع متذكّراً ما أعيشه هذه الأيام مع صوفي. أعنون المقال: ( نحن أفضل حالاً من الطرف الآخر )، أوقعه باسمي. أفتح البريد الالكتروني، وأرسل ما كتبته إلى المجلة، وثمّة انقباض في داخلي يقول لي: لن تنشره. مع ذلك أغلق البريد الالكتروني، واللابتوب، والراوتر، بشيء من الرضى. كأنّني أوضحت شيئاً ما كان ينبغي أن أوضحه. أما نشره فتتكفّل به الأيام في المجلة التي أرسلته إليها، أو في مكان آخر.
أقرّر الخروج من الشقّة لأتخفّف من ضغط ما كتبته. أرتدي قميصاً نظيفاً غير مبال بجعلكته المقبولة نسبياً بسبب طبيعة قماشه المكرنشة. أرتدي بنطالي الجينز. أغلق النوافذ. يرنّ الموبايل، أسارع إلى التقاطه. أنظر إلى الشاشة، فأرى اسم صوفي كما توقّعت، ورغبت. يأتيني صوتها لأول مرة عبر الموبايل، غنجاً وهادئاً وسعيداً:
- مرحبا حبيبي.
- أهلا حبيبتي.
- نحنا خلصنا.
- طيب، أنا جاي. هل أجلب معي أيّ شيء.
- لا، فقط، استعجلْ.
- مسافة الطريق.
- باي.
- باي.
أرتدي حذائي، وأخرج.
أقف على باب شقة صوفي، وأتصل بها، تغلق الاتصال بسرعة، وتفتح الباب. تعانقني ضاحكةً، وتقبّلني على شفتي، وتتشمّمني كأنّني ابنها العائد بعد طول غياب. أنظر إلى شعرها، أطمئنّ عليه، لم يزل كما هو، فأقول لها:
- مبروك القَصّة الجديدة. حلوة جداً، ولاسيما أنك لم تقصّريه.
تضحك فرحة، وتقول:
- أنا أيضاً أحبّ تسريحة الشلال. أذهب إلى الكوافير لقص الزوائد، وهندمة الحواجب فقط.
أنظر إلى عينيها الخضراوين تلمعان كنجمتين قريبتين تحت هلالين ساطعين. أحضنها، وأقبل شفتيها، وأمسك يدها، وندخل إلى الصالون. تنتبه إلى جعلكة قميصي، تضحك، وتسألني:
- كأنك لا تعرف أن تكوي؟
- صحيح.
- طيب، حين نخرج سأكويه لك.
أشعر بحرارة جسدي ترتفع، فأخلع ثيابي، وأذهب إلى غرفة النوم، وأعلقهما إلى جانب فساتين صوفي غير عابئ بالفارق الطبقي بينهما."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.