انه لمن علامات ومن دلائل سلامة ونضج وذكاء العقل ان يسال المرء نفسه ويسال من حوله في كل عيد شغل اذا كان الناس في مشارق الأرض ومغاربها قد جعلوا عيدا عالميا تكريما للشغل والشغالين والكد والجد والعمل فلماذا نجد بلدانا وشعوبا تسبح وتعوم وتغطس في حب الخمول وحب البطالة وعشق الكسل ؟ والدليل على ذلك تخلفها اقتصاديا واجتماعيا عن البلدان التي تحب العمل وتقدسه بصدق وتعتبره المصدر والسبب الأول للحصول على الخيرات والنعم والرزق ولا ينتظرون كما ينتظر غيرهم من الكسالى ومن المتبطلين ان تمطر عليهم السماء ذهبا وفضة كما يدعي وكما يتوهم ذلك المتصفين بالبلاهة وبالغفلة والجهل الفادح المبين...وانه لمن الاسف الشديد ان بلادنا التونسية اواغلب اهلها واكثر شعبها على اقل تقدير ومعظمهم من فئة الشباب يميلون الى الكسل والخمول والقعود الطويل على موائد الطعام والحديث والشراب والبحث عن الكسب الرفيع السريع الوفير دون بذل الجهد الضروري المتعب الكبير ..وكثيرا ما نسمع هؤلاء المؤثرين والمفضلين للكسل والخمول والركود والقعود يقولون كلمات لتبرير اختيارهم الواضح المشهود من ذلك قولهم وردهم على من ينتقدونهم في هذا السلوك(الي خدمو ماتوا) وقولهم(اذا لقيت الزهو والطرب لا تبدلو لا بشقاء ولا بتعب) وقولهم لمن لاحظ عليهم تباطؤهم وتراخيهم في اداء الواجب العملي والمهني المطلوب(الم تسمعوا بمن قالوا نخدمولهم على قد فلوسهم) ولقد ابدع والله العظيم المرحوم المطرب الفكاهي المبدع محمد الجراري في ذلك الزمن الماضي القديم وهو يغني ويتكلم على لسان هؤلاء الخاملين المتكاسلين الذي لا يصلحون لشيء مفيد من شؤون الدنيا ومن شؤون الدين (انا مدلل سيد الناس والخدمة ما نجمهاش...) كما ان هؤلاء الكسالى والمتقاعسين مع الأسف الشديد المبين اضافة الى ايثارهم وتفضيلهم وعشقهم للكسل ينتقدون من يعمل ويتهمونه بالبلاهة والدروشة وضعف العقل ويقولن له من باب التهكم والسخرية والنبزة(نقص شوية راك غليت علينا الخبزة) ولكم يكون مجديا ونافعا ومفيدا في هذا المقام وفي هذا الاطاران يسعى الآباء والأمهات والأولياء والمربون ان يربوا ابناءهم وتلاميذهم على الجد والاجتهاد منذ الصغر ومنذ نعومة الأظفار والا يتركوا تربيتهم موكولة ومنوطة بالحظ وصدف الظروف واحكام الأقدار وان يكونوا قدوة لابنائهم في العمل النافع والجد والاجتهاد وفي التعلق بالعمل واعتباره السبيل الأول في تحقيق منافع ومصالح وتفوق وتقدم الأفراد والعباد والبلاد ورحم الله من نبه قديما وقال(الأم مدرسة اذا أعدتها أعددت شعبا طيب الأعراق...الام استاذ الأساتذة الأولى شغلت ماثرهم مدى الافاق) ورحم الله من قال قولا مقنعا صادقا معقولا( واذا المعلم ساء لحظ بصيرة جاءت على يده البصائر حولا)... اما اذا كان الاباء والأمهات بدورهم يميلون الى الكسل والثراء السريع بضربة حظ دون سلوك طريق الجد والعمل ويسعون الى ذلك في كل صباح وفي كل مساء امام الأبناء فكيف نريد من الأطفال ومن الشباب ان يؤمنوا وان يحترموا وان يقدسوا الشغل. وان يعتبروه هو اساس التقدم التشييد والرقي والبناء.. كما نص واوصى وطبق ذلك العمل وذلك الشغل النافع البناء الرسل والأنبياء الم يكن زكرياء عليه السلام نجارا يكد ويعمل من الصباح الى المساء؟ الم يكن داود عليه السلام حدادا ماهرا في الحدادة قد بلغ فيها قمة الابداع وقمة الريادة ؟الم يكن موسى عليه السلام راعيا مجتهدا ومخلصا وجادا؟ الم يكن محمد عليه الصلاة والسلام راعيا وتاجرا من اصدق واخلص الرعاة والتجار حتى نال بصدقه واخلاصه مكانة رفيعة في اهله حسده وغبطه فيها الكبار والصغار؟... فحي على العمل وحي على الفلاح ايها التاجر وايها الموظف وايها الصانع وايها الفلاح واعلموا ان كلمات وجمل وسلوك وتفكير الكسالى المتقاعسين المتبطلين هي السبب الأول في تاخر بلادنا وغيرها من بلاد العرب اجمعين ولا حول ولا قوة الا بالله رب العالمين