بعد انتصار منتخب تونس للاعبين المحليين في الدور نصف النهائي لكأس أمم إفريقيا، عمت الفرحة في الشوارع التونسية، بعد أن ازدحمت المقاهي بمحبي "الكورة" ممن لم تغير "الثورة" في تعلقهم بالجلد المدور، العشق الأبدي لكل التونسيين لمتابعة اللقاء الحاسم بين تونس والجزائر... ولكن ردود الفعل تؤكد أننا في تونس في حاجة إلى سبب يدفعنا إلى الاحتفاء... فكرة الاحتفال هي المطروحة بشدة في هذه الفترة، ولا يحققها سوى انتصار كروي يعيد إلى الشارع التونسي "فرحته"، ويحقق حاجته إلى الاحتفال... ولعل منتخب المحللين سيفعلها ويفوز بالكأس الإفريقية لينسى التونسي اهتماماته السياسية والاجتماعية، ويفك اعتصامه أمام قصر الحكومة بالقصبة، ليحتفي بهذا النصر الكروي، ما دام لم يجد الوقت ليحتفل بخلع الدكتاتور واختار أن يكون رقما صعبا في المعادلة السياسية كما قال الإعلامي "الحبيب الغريبي"... ومؤخرا، احتجت تونسية كانت تتفاعل مع أغنية مصرية يقول مطلعها "الدانس في الهانس... يا أكسلانس" على نادل غير المحطة التلفزيونية الغنائية إلى أخرى إخبارية تعرض مشاهد مؤلمة جدا من الأحداث الليبية، وقالت لجلسائها من الليبيين: "علاش باش تقينوها؟؟ خليونا عاملين جو..." هذا هو الوجه الآخر من التونسيين الذين لا تعنيهم الثورة، ولا يهتمون بأخلاقها، ولعل سيل الحوارات والكلام في قنواتنا التلفزية جعلهم يضيقون ذرعا بفيض التحليلات فأقفلوا أبوابهم في وجه كل اللحظات الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية... وصارت مشاهد الثورة والانتفاضة في الجارة "ليبيا" مرادفا للقينيا... ولكن الاعتدال ضروري، فقد أعاد العالم اكتشاف التونسي، وصار يتحدث عنه بمنتهى الاحترام... غيرنا صورتنا أمام العالم كله، واتفق الجميع على أن مواهب التونسي التي لم تظهر سوى في "هزان الوسط" في الحفلات الصيفية واللقاءات الكروية، إنما هي خطة منظمة من النظام النوفمبري الذي "ميع" الشارع حتى لا يجد الشجاعة لقول "لا" في مواجهة آلته القمعية... لكن عندما لا تجد "فتاة" الحرج في التفاعل مع أغنية مائعة تقول كلماتها "الهنس في الدانس يا أكسلانس" وتصف الأحداث الحرجة في ليبيا بأنها "قينيا" فهذا معيب في حق تونسنا الحرة التي لا مجال اليوم لتدنيس صورتها... نحن جميعا أبناء هذا الوطن، مسؤولون على صورتها في الداخل والخارج، ولا مجال لممارسة سلوكات العهد النوفمبري التي ينبغي أن نتخلص منها ونتراقص فقط على إيقاع العشق الطاهر لهذا الوطن