شهدت المؤشرات الاقتصادية في الأشهر الأخيرة تحسنا شمل اغلب القطاعات ،كما سجلت قيمة الدينار التونسي، ارتفاعا متواصلا أمام العملات الأجنبية اليورو والدولار الأمريكي منذ مارس الماضي، حيث واصل البنك المركزي التونسي للسياسة النقدية التقييدية المنتهجة وانطلاق الحكومة في تطبيق الإجراءات المعلنة في قانون المالية 2019. وعرف مخزوننا الوطني من النقد الأجنبي انتعاشة طفيفة ليصل إلى 87 يوم توريد اي ما يعادل 15596 مليون دينار بعد أن كان منذ أيام قليلة لا يتجاوز ال 74 يوم توريد ، حيث تأتي هذه الانتعاشة على خلفية ضخ تمويلات خارجية جديدة لتونس تتعلق بقرض صندوق النقد الدولي المقدرة ب 245 مليون دولار اي ما يعادل 705 مليون دينار تونسي .. وكان وزير المالية محمد رضا شلغوم، اكد ان المالية العمومية قد حققت تطورا في الموارد بفضل تحسن الاستخلاص وقيام المؤسسات التونسية بواجبها الجبائي ورجوع نمو الاقتصاد" معبرا عن الامل في مزيد تحسن المؤشرات الاقتصادية خاصة وانه الخيار الصحيح الذي سيمكن تونس من الخروج من الازمة ومن التقليص في المديونية. وفي سياق متصل أفاد محافظ البنك المركزي مروان العباسي، بأنّ تقرير البنك المركزي بخصوص الإصلاحات التونسية في المجال المالي كان ايجابيا، مضيفا أنّ تحسن المؤشرات له علاقة بالعائدات السياحية و العائدات المتأتية من العاملين التونسيين بالخارج. كما أكد العباسي أنّ الإصلاحات التي تعهدت بها تونس واقدمت على تفعيلها كانت ضرورية و أساسية و لو لم تحدث لما وافق صندوق النقد الدولي على منح القروض لتونس. وعلى صعيد متصل اكد محسن حسن، وزير التجارة الاسبق، إن الدينار التونسي ارتفع بنسبة 7.5% مقابل اليورو منذ بداية مارس الماضي حتى نهاية جوان المنصرم ، مشيرا الى ان بداية تعافي الدينار يؤكد بما لا يدع للشك أن ثوابت الاقتصاد الوطني التونسي لازالت سليمة رغم حدة الأزمة الاقتصادية والمالية في تونس. وأضاف حسن ان تحسن الموجودات من العملة الصعبة بالبنك المركزي يعد من أهم الأسباب المباشرة لبداية تعافي الدينار، وفاعلية السياسات الحكومية التي تستهدف التحكم في التضخم رغم استقراره في مستويات مرتفعة وكذلك التحكم في التوازنات المالية العمومية وترشيد التداين الخارجي. كيف يمكن حسب رأيك إيقاف هذا النزيف من الانهيارات المتتالية في جميع المؤشرات؟ ومن جهته شدد الخبير الاقتصادي معز بن سعيدان الى ان الوضع يتطلب إيقاف النزيف بواسطة برنامج اصلاح هيكلي هدفه إصلاح التوازنات الكبرى ، من خلال مراجعة نفقات الدولة ووقف انهيار قيمة الدينار ونزيف الدين الخارجي. واعتبر بن سعيدان ان هذا البرنامج يتم على سنتين على أقصى تقدير قبل المرور نحو الإصلاحات الكبرى وهو ما يتطلب 3 سنوات بعدها لاستعادة الاقتصاد الوطني نسقه المعتاد قبل الازمة التي عصفت به. ومن جانبه الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي ان التحسن الذي شهده الدينار التونسي مقابل العملات الاجنبية على مدى الأسابيع الأخيرة مرده تحسن الدخل السنوى من العملة من المنتوجات الفلاحية والغذائية وتحسن مؤشر السياحة في ظل الأرقام القياسية التي حققها القطاع هذا الموسم سواء من خلال عودة الأسواق التقليدية أو الأسواق الجديدة ، إضافة الى عودة المستثمر الأجنبي تدريجيا. وفي سياق متصل أشار الجنادي الى ان الانتعاشة التي حقّقها مخزون تونس من العملة الصعبة، يعود كذلك إلى خروجها للسوق المالية الدولية لتعبئة 700 مليون يورو، إلى جانب حصولها مؤخرًا على قسط جديد في إطار اتفاق التسهيل المُمدّد مع صندوق النقد الدولي. وأفاد الجنادي ان تحسين هذه المؤشرات يقتضي مواصلة الإصلاحات وتفعيل مختلف الإجراءات إضافة الى ترشيد استهلاك الطاقة في وقت الذروة والمزيد من التحكم في المديونية وتوفير المواد الأولية بشكل يضمن الانتاج دون الحاجة الى التوريد.