في المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب يحضر العنف ويتجسد ويكون سيد المؤتمر..هذه خلاصة ما جد أمس لدى افتتاح المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب الملتئمة بقصر المؤتمرات بالعاصمة وسط حضور محتشم للشخصيات الوطنية ومكونات المجتمع المدني.. وساد جلسة الافتتاح التوتر بعد ان جلب عادل العلمي رئيس جمعية الوسطية للإصلاح والتنمية انتباه الحضور والإعلاميين حين ادعى تعرضه للعنف على مستوى ساقه من قبل شباب أنصار الجبهة الشعبية، في حين تعالت بعض الأصوات تؤكد أن تفاصيل ما حدث لا يعدو أن يكون سوى سيناريو محكم التنظيم لإفشال المؤتمر والتشويش عليه..لتؤكد أصواتا أخرى في المقابل أن مؤتمرا يناهض العنف والارهاب كان يفترض بأنصاره أن يفقهوا أن الإقصاء هو في حد ذاته عنف. غلب على المؤتمر التوتر والتشنج حتى قبل إعلان افتتاحه ومرد الاحتجاج هو قدوم عادل العلمي حيث احتج أنصار الوطد على حضوره رافعين شعار "ديقاج" في وجهه مرددين الشعارات التالية: "أكيد أكيد غنوشي قتل بلعيد" و"يا بلعيد يا حشاد النهضة باعت البلاد". العنف والشتم طالا أيضا الإعلاميين من قبل احد الحاضرين في المؤتمر والذي بلغ حد نعتهم ب"الكلاب" كما عبر أنصار الوطد عن غضبهم لان الإعلام التف حول عادل علمي ولا يجوز من منظورهم أن تعطى له "الكلمة" كما اتهموا الإعلاميين بسعيهم لتضخيم صورة العلمي عوضا عن اهتمامهم بأشغال المؤتمر. تخطيط مسبق ام ضحية عنف ورغم الشتم والتراشق بالتهم نجح العلمي في "افتكاك" احد المقاعد الخلفية بالقاعة مبديا إصرارا كبيرا على متابعة أشغال المؤتمر ليتمكن -وبصعوبة- القائمون على المؤتمر من إعطاء إشارة انطلاقه الذي افتتحه عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي أكد أن انعقاد المؤتمر الهدف منه اتحاد الجميع لمقاومة العنف والإرهاب الذي سقط من جرائه العديد من الضحايا بداية من لطفي نقض إلى الشهيد شكري بلعيد وشهداء الجيش الوطني. مشيرا إلى أن المؤتمر فرضته الأوضاع الخطرة التي مرت بها بلادنا حيث بدات وتيرة العنف تتصاعد منذ 14 جانفي 2011 في ظل عجز مؤسسات الدولة على مقاومته وفي ظل التسامح أحيانا معه إلى أن أصبح إرهابا. وأوضح بن موسى في جانب آخر أن هذا المؤتمر المراد منه هو صياغة عهد أو إستراتيجية لمقاومة العنف والإرهاب داعيا الجميع الى العمل على نشر ثقافة نبذ العنف والإرهاب في المدارس فضلا عن العمل على تطبيق القانون وتحييد الإدارة ودور العبادة حتى يتسنى للمؤتمر الخروج بقرارات وليس خطابات.. ومن جهة أخرى ندد أستاذ القانون الدستوري والمنسق العام للمؤتمر غازي الغرايري بالعنف والإرهاب معتبرا أنهما يقوضان أي عمل يمكن أن ينجز من اجل استكمال البناء الديمقراطي والخروج بالبلاد من المأزق قائلا إن المؤتمر ليس فضاء للخطب العصماء باعتبار انه سيفضي إلى إمضاء ميثاق وطني ضد العنف والإرهاب من قبل رؤساء الأحزاب والجمعيات المشاركة. الغرايري أنهى كلمته بصعوبة على اعتبار أن عددا من شباب الجبهة الشعبية "استقر" أثناء إلقاء الغرايري كلمته بشعاراته التي تندد بمقتل الشهيد شكري بلعيد خلف عادل العلمي ونجح الشباب في استفزازه حيث سرعان ما انتفض غاضبا باتجاه المنصة منددا بالعنف الذي تعرض له لتعم الفوضى من جديد وتخيم أجواء التوتر والصراخ على القاعة ولتلتف الحشود حول العلمي. وحتى بعد انسحاب العلمي تواصلت احتجاجات أنصار الجبهة الشعبية أمام مدخل القاعة الرئيسي رافعين ابنة الشهيد شكري بلعيد ومرددين الشعارات التالية: "يا شكري يا شهيد على دربك لن نحيد " و"أكيد أكيد غنوشي قتل بلعيد" و"يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح". ليتمكن في الأثناء عبد الباسط بلحسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان من إنهاء كلمته التي حاول فيها في البداية تهدئة الأوضاع مشيرا إلى أن كل ما حصل هدفه إفشال المؤتمر قبل أن يستعرض الورشات التي ستعمل على مناهضة العنف والارهاب . تجدر الإشارة إلى انه رغم مظاهر الفوضى والتوتر التي سادت خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ورغم الانسحابات الحاصلة إلا أن أشغال الورشات التي ستنبثق عنها استراتيجية لمناهضة العنف والارهاب ممضاة من قبل مختلف الأحزاب المشاركة قد تواصلت على أن يتم الإفصاح عن محتوى هذه الوثيقة اليوم في مقر منظمة الأعراف خلال جلسة تجمع الرؤساء الثلاثة. منال حرزي
كواليس وهوامش من المؤتمر انسحابات انسحبت سبعة أحزاب من أشغال المؤتمر هي حركة النهضة، الموتمر، الإصلاح والتنمية، المغاربي للتنمية، والحركة الوطنية للعدالة والتنمية، حزب الأمان، حزب الثقافة والعمل. احتجاجا على ما اعتبروه ممارسات اقصائية من بعض الأطراف المشاركة. وذكر الأزهر بالي رئيس حزب الأمان في تصريح ل "الصباح" أنه انسحب من المؤتمر بعد أن لمس سيناريو جاهزا من قبل قوى اليسار التي عملت على بلورة إطار تستطيع من خلاله أن تربح نقاطا سياسية على حد تعبيره. وأضاف بالي أن الوثائق التي ستنبثق عن عمل اللجان جاهزة ولا وجود لعملية تشاركية واصفا في السياق ذاته المؤتمر ب"الكارثي" وبأنه ليس جاهزا لمناهضة العنف مشيرا إلى أن مثل هذه السلوكيات هي التي تفرز عنفا وسط المجتمع مشددا على ضرورة القطع مع منطق التجييش. غازي الغرايري ينفي استدعاءه عادل العلمي نفى غازي الغرايري في تصريح ل "الصباح" أن يكون قد وجه دعوة لعادل العلمي رئيس الجمعية الوسطية للإصلاح والتنمية نافيا أيضا ما وقع تداوله في بعض المواقع الالكترونية بأنه كان قد صرح بان ما قام به أنصار الجبهة الشعبية بالأمس هو وصمة عار على الجبهة وإرهاب فكري. عبد الستار بن موسى يعتذر للإعلاميين اعتذر عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في تصريح لمختلف ممثلي وسائل الإعلام عن كل عبارات الشتم والسب التي طالت الإعلاميين. وأوضح انه من الممكن أن تكون قد حيكت خطة لإفشال المؤتمر إذ ليس ذلك بالأمر المستبعد داعيا في السياق ذاته إلى تجاوز المسالة لاسيما انه إذا ما فشل الحوار فان المرحلة الانتقالية برمتها سفشل. عدم وعي ذكرت الحقوقية بشرى بلحاج حميدة في تصريح ل "الصباح" أن ما حدث أمس ينم عن عدم وعي واستيعاب للمشروع الذي يحمله هذا المؤتمر الذي يعمل على إرساء مجتمع سليم ولا عنفي. وقالت:"من قاموا بمحاولة الإقصاء هذه فقد ذهبوا في الاتجاه المعاكس وأتصور أنهم فعلوا ذلك دون وعي " مبينة أن أي محاولة اقصائية لا بد أن تكون للقضاء على العنف. تناقض أوضح الإعلامي والحقوقي صلاح الدين الجورشي في تصريح ل"الصباح" أن المؤتمر هدفه جمع أكثر ما يمكن من الأطراف التي هي على استعداد لمناهضة العنف والارهاب وما حدث هو تناقض مع هذا الهدف مشيرا إلى انه سواء تمت دعوة العلمي أو لا فانه يفترض بان لا يسمح لمن يفكر في إجهاض هذا المؤتمر من إعطائه الفرصة لإفشاله. لا وجود للعنف نفى زياد الأخضر القيادي في الجبهة الشعبية في تصريح ل "الصباح" أن يكون قد رأى عادل العلمي يتعرض إلى اعتداء مشيرا إلى أن كل ما في الأمر انه اعتلى المنصة والتف حوله الإعلاميون وسادت حالة من التوتر والاحتقان. وأضاف الأخضر أن لجنة التنظيم أكدت عدم استدعائه وان كل ما حدث الغاية منه خلق مشهد يهدف إلى إفشال المؤتمر. نداء تونس ينتقد اعلان أحزاب الانسحاب من الموتمر انتقدت حركة نداء تونس اعلان أحزاب سياسية الانسحاب من الموتمر الوطني لمناهضة العنف والارهاب معتبرة أن في ذلك مواصلة لسياسة الهروب الى الامام وتنصلا من الالتزامات المتفق عليها ورفضا مسبقا للالتزام بالميتثاق الوطني الذى سيقع الاعلان عنه اليوم وحملت في بيان لها امس الاطراف المنسحبة ومن بينها حركة النهضة والموتمر، مسوولية ما وصفته بفشل مسار الانتقال الديمقراطي وتفشي أعمال العنف والارهاب بسبب غياب الارادة السياسية الواضحة في ادانة هذا العنف والقطع مع تواتر حالات الافلات من العقاب والاعلان عن سيادة القانون حسب نص البيان. وأكدت مواصلة مشاركتها في أعمال ورشات الموتمر الخاصة بصياغة ميثاق وطني مناهض للعنف والارهاب.