بعد اجتماع مغلق بقاعة الجلسات العامة القديمة بمقرّ المجلس الوطني التأسيسي مع نواب كتلة حركة النهضة، تمنّع راشد الغنوشي رئيس الحركة إثر انتهاء هذا اللقاء الذي دام ساعات عديدة عن الإجابة عن أسئلة الصحفيين الذين مكثوا في انتظاره طيلة الاجتماع أمام الباب، واكتفى وهو يسرع الخطى نحو مكتب الدكتور مصطفى بن جعفر، بالإدلاء بتصريح قصير لقناة تلفزية جديدة تطرق فيه إلى أحداث الشعانبي وبين أن من يريد الجهاد فعليه الذهاب إلى فلسطين وليس إلى جبل الشعانبي أو القصرين. ولم يكشف راشد الغنّوشي -الذي كان مطوّقا بحراسه الشّخصيين الذين عملوا على دفع الصحفيين وإبعادهم عن طريقه- أية تفاصيل عن فحوى اجتماعه المطوّل مع نواب حركته بالمجلس. وفي نفس السياق تكتم نواب الكتلة بدورهم عن حصيلة هذا الاجتماع الذي من المفترض أنه تطرق في جدول أعماله إلى بعض النقاط الخلافية في مشروع الدستور والمتعلقة خاصة بالتنصيص على حرية الضمير وكونية حقوق الانسان وحق العمل النقابي وحق الاضراب. وكانت كتلة حركة النهضة قد أصدرت يوم السبت الماضي بلاغا توضيحيا حول التوافق الذي تم أثناء الحوار الوطني، ووفقا لهذا البلاغ أكدت على حصول التوافق حول النظام السياسي في الدستور وهو النظام المختلط وحول مسائل تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية فيما يتصل برسم السياسات والتعيينات وموضوع ترؤس مجلس الوزراء. وورد في البلاغ أيضا أنه تم التطرق إلى قضايا أخرى تفصيلية كحرية الضمير وكونية حقوق الإنسان وحق العمل النقابي وحق الإضراب وغيرها، وأنه دار نقاش ثري بشأنها تباينت فيه الآراء أحيانا وتقاربت المواقف أحيانا أخرى ولم يحصل فيها وفاق كامل لذلك تركت لمزيد التعميق فيها والتشاور حولها داخل الكتل النيابية، ولم يقع اتخاذ قرار بشأنها نهائيا. ونظرا لأسلوب التعتيم الذي مارسته أمس مع الاعلاميين قد تضطر كتلة حركة النهضة مرة أخرى إلى إصدار بلاغ توضيحي آخر، وتجدر الإشارة إلى أن الكتلة كان بإمكانها أن تعلم الصحفيين منذ البداية بأنه لن يتم الإدلاء بأية تصريحات بعد الاجتماع، لكن..!