لئن نفت رئاسة الحكومة في بلاغ أصدرته الادعاء بوجود نية لاستهداف رياض الأطفال القرآنية أو غيرها من مؤسسات الطفولة واعتبرت ذلك مجرد أخبار زائفة فإن هذا لا يعني أنه سيقع ترك الحبل على الغارب لتنتشر رياض الاطفال (بما في ذلك المسماة مدارس قرآنية) الفوضوية وتزداد انتشارا نظرا لحساسية المسألة فالأمر يتعلق بالبراءة وفلذات الأكباد.. ويظهر هذا الموقف من البلاغ ذاته الذي يؤكد على ضرورة احترام المنظومة القانونية للمؤسسات الحاضنة للطفولة المبكرة.. والثابت أن معالجة هذا الملف يتطلب جرأة وشجاعة كبيرتين بعد أن اختلط الحابل بالنابل في ضرب صارخ للقوانين وتعدّ على براءة الطفولة، اذ لا يكفي أن عديد الرياض القرآنية غير متحصلة على رخص استغلال ولا علاقة لها بادارة الطفولة و»مارقة» عن وزارة المرأة فهي أيضا في حقيقتها جمعيات خيرية حصلت على رخص للعمل التطوّعي فإذا بها تحوّل نشاطها إلى مدارس قرآنية أقصت الفضاء الرئيسي والقانوني لتعليم القرآن للناشئة وهو الكتاتيب. أما الأدهى والأمر فإن ما يسمى برياض الأطفال القرآنية لا يمت بأية صلة ببرامج التدريس الرسمية بل لها منهاج خاص يقوم على طمس تلك الصفحات البيضاء الناصعة للبراءة وحشوها بأفكار الجهاد وعذاب القبر والارهاب، وبدل تكوين طفل وتدريسه تعاليم القرآن ومحاسن الاسلام، يعمد عديدون من أصحاب مثل هذه الرياض إلى تكوين «كاميكاز».. إنها الفوضى بعينها، فهذا لا يليق بتونس الثورة ويتطلب وقفة حازمة للضرب على أيدي المخالفين، اذ كفانا أننا نحصد من حين لآخر نتائج الارهاب والاعتداء على الآخرين. والثابت أن وزارة المرأة بمعية الحكومة مطالبة بالوقوف في وجه مثل هذه الممارسات والفضاءات تماما مثل ضرورة تفعيل القوانين لحماية المتفقدين وأجهزة الرقابة وحماية الطفولة ومقاومة رياض الأطفال الفوضوية التي لا تستجيب للشروط.. كما أنه على وزارة الشؤون الدينية بمعية الحكومة اعادة الاعتبار للكتاتيب واستعادتها ممن استولوا عليها تماما مثلما استولوا على منابر المساجد من الأيمة.. آن الأوان لكل من يستبيحون لأنفسهم باسم الدين كل شيء أن يتوقفوا عن صنيعهم.. وآن الأوان للأجهزة المختلفة أن تؤدي دورها الرقابي.. كفوا عن ضرب براءة الطفولة وارفعوا أيديكم عن مثل هذه الفضاءات.. فالزمن ليس زمانكم وتونس ليست ملكا لكم وحدكم.