وفد صيني في ديوان تنمية الوسط الغربي من أجل الجغرفة الرقمية    انتشار تقارير مغلوطة عن العثور على متفجرات في سيارة قرب حشد انتخابي لترامب    دوري مجموعات ابطال اوروبا.. نتائج مباريات اليوم    ارتفاع عدد ضحايا الانفجارات في لبنان إلى 20 قتيلا و450 جريح    النجم الساحلي: الهيئة تشرع في تأهيل المنتدبين الجدد    طقس الخميس: أمطار رعدية وغزيرة بهذه المناطق    نصف الواردات الغذائية حُبوب بقيمة 2.2 مليار دينار...لماذا لا تشجع الدولة على مزيد زراعة القمح والشعير والعلف؟    مكتب حملة العياشي زمال يدعو الى" التدخل العاجل لتمكينه من مواصلة حملته الانتخابية وابقائه بحالة سراح"    العبدلي و«سووي» فشلا في تعويضه ...غياب رودريغاز يورّط كاردوزو    الحماية المدنية بصفاقس توصي بالانتباه والحذر    مع المتقاعدين .. القيم العام صلاح الدين الطويهري...مرت أيامي... بين حراسة مرمى كرة اليد والعمل على ترشيد التلاميذ !    قهر ومظلمة: صرخة الأم رشيدة الطرابلسي الرقيق إلى رئيس الجمهورية...وقعت ضحية متحيل له معارف في المحكمة يهددني بالطرد من منزلي !    استئناف أنشطة انتاج محاليل الحقن والأدوية والمواد الطبيّة بالشّركة التّونسيّة للصّناعات الصّيدليّة (سيفات)    حتى لا تتكرّر نفس الأخطاء : اختتمت المهرجانات الصيفية ... و ماذا بعد ؟!    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    البحيرة.. القبض على شخصين بحوزتهما مخدرات معدة للترويج    أعلاها في صفاقس: كميات الامطار المسجلة اليوم    سيدي بوزيد: امطار مصحوبة برياح قوية اضرت بالبيوت المحمية والمحاصيل الزراعية    التوقيع على اتفاقيتي انجاز محطتين لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بسيدي بوزيد وتوزر    قفصة: 8 محاضر عدلية ضد عدد من أصحاب محلات بيع المواد الغذائية للاخلال بشروط حفظ الصحة خلال شهر أوت    التهاب القصيبات الحاد للأطفال ...وزارة الصحة تقدت توصيات للأولياء    عاجل/ هذا ما تقرر في حق مسؤولة بلجنة التحاليل المالية تم ايقافها بعد عمليات تفتيش    عاجل/ الأمم المتحدة تدعو الى انهاء احتلال فلسطين خلال عام    الاحتفال بالذكرى 50 لرحيل مؤسس معلم دار سيباستيان ''جورج سيباستيان''    الدورة السابعة من تظاهرة بينالي الفن المعاصر "جو تونسي" من 9 أكتوبر إلى 9 نوفمبر    كاس السوبر الافريقي - تعيين الحكم المساعد التونسي خليل الحساني ضمن طاقم تحكيم مباراة الاهلي والزمالك    أكثر من 60 ألف تلميذ يستفيدون من برنامج تربوي متكامل تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية    عاجل/ بن سلمان يحسمها بخصوص التطبيع مع اسرائيل    هيئة المحامين تنفذ وقفة احتجاجية داخل قصر العدالة ، وعميد المحامين يندد "بالتضييقات التي يتعرض لها أهل المهنة"    مشاركة 9 جمعيات في بطولة تونس للتجديف الشاطئي سرعة لسنة 2024    القبض على عصابة سرقة رؤوس أغنام واسترجاع جزء من القطيع بكسرى    شنوا موضة ''اللانش بوكس'' في الروضات و المدارس التونسية ؟    قريبا تنتهي أزمة لحوم الدواجن    عاجل/ حذر من ضربة موسعة وشيكة..خبير عسكري يوضح خفايا عملية "البيجر"..    عاجل : نشرية جوية للتونسيين ...أمطار رعدية مع تساقط البرد بعد ظهر اليوم    الدورة الخامسة من تظاهرة الخروج إلى المسرح من 23 إلى 29 سبتمبر بمدينة الثقافة    مرور سنة على ادراج جزيرة جربة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي للإنسانية    اتهامات جنسية لداعية مشهور في هذه الدولة العربية    الحماية المدنية تسجيل 411 تدخل    عملية السطو على بنك بالوردية..آخر المستجدات..#خبر_عاجل    أبطال أوروبا: 28 هدفا في الدفعة الأولى والأرقام القياسية حاضرة    غلق مدرسة لنقص التلاميذ في هذه المنطقة ..التفاصيل    قابس: المجلس الجهوي الجديد يعقد جلسته الأولى    سليانة: اتخاذ جملة من الإجراءات لمكافحة نبتة الشويكة الصفراء    إصطدام حافلة نقل عملة بالمكنين'' بتراكس''    اتحاد الفلاحة يدعو قيس سعيد الى مراجعة منظومة الحليب    إقالة دانييلي دي روسّي من تدريب روما    عاجل: أهالي سليانة يشعرون برجّة أرضية    مفزع/ خلال 48 ساعة: 4 "براكاجات" لسوّاق التاكسي وافتكاك سيارة أحدهم..    بنزرت:حجز حوالي 2,5طن من مادة البطاطا وإعادة ضخها بسوق الجملة للخضر والغلال بجرزونة.    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    بعد التفجير الاخير في لبنان ...هل أصبحت هواتفنا خطراً علينا؟    شركات طيران عالمية تُعلّق رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب وطهران مُجدّداً    وزير الصحة اللبناني: 3 آلاف جريح في انفجار أجهزة النداء    ضربة مزدوجة للأمراض.. طبيب ينصح بخلط عشبتين    من تجاربهم: الشاعر التونسي عبدالله بنعمر...يتنازل عن مداخيل ديوانه لصالح التلاميذ المحتاجين !    مصر.. الإفتاء تحسم جدل قراءة القرآن بالآلات الموسيقية والترنم به    تونس تشهد خسوفا جزئيا للقمر ليل الأربعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الكتاتيب في عيون أولياء:نعم ل«سيدي المدّب»... لا لثقافة السيف
نشر في التونسية يوم 19 - 11 - 2012

تعد «الكتاتيب القرآنية» من أعرق مؤسسات التعليم الديني في مجتمعنا رغم تعرضها لشبه انقراض خلال العقود الأخيرة. فمن منا لا يأخذه الحنين الى ذلك العصر الجميل البريء أين حفظنا القرآن فوق «الحصير» مع «سيدي المدّب وعصاه الغليظة» حتى أن العديد من العائلات لازالت متمسكة بهذا النمط من التعليم الذي بات ينافس رياض الأطفال؟
وفي ظل عودة الكتاتيب مؤخرا، تباينت الآراء وتداخلت لدى العديد من الأولياء حول فاعلية «المدّب» في تكوين الأطفال وضرورة مسايرة العصر والتوجه نحو رياض الأطفال.
«التونسية» تطرّقت إلى الموضوع فكان الريبورتاج التالي:
«إن تطوير مناهج التدريس في «الكتّاب» واعتماد نمط الفصول المختلفة بين الفتيات والفتيان ساهم بشكل أساسي في تشجيع الأولياء على إدماج أبنائهم في «الكتاتيب» ذلك ما أكدته السيدة «سعاد» موظفة وأم لطفلين وقالت في هذا الإطار: «إن «الكتاب» أكثر إفادة للطفل وشخصيا تعلمت القرآن عند «سيدي المدّب» في جامع ببني خلاد وهو الطريق الذي اخترته لولديّ، فوجودهما عند «المدّب» ساهم في إفادتهما من نواح عديدة أهمها السلوك والأخلاق الحسنة كما أثر بصفة إيجابية على نتائجهما المدرسية مثالي في ذلك أن ابني من فرط حفظه للقرآن أصبحت له طاقة استيعاب كبرى للحفظ في جميع المواد، له لغة عربية سليمة، متميز في النحو والشكل وأخطاؤه قليلة في كتاباته مقابل ذلك فإن تجربتي مع «رياض الأطفال» كانت فاشلة ومؤلمة مع ابني الأصغر، فهم لم يعلموه سوى اللعب وأشياء أخرى ثانوية فائدتها العلمية فقيرة لذلك أنا أقول أن لا شيء قادر اليوم أن يعوض «سيدي المدّب».
لا فرق بين الإثنين
«محمد نجيب الفرجاوي» موظف من منطقة «فوشانة» أقرّ بأنه لا يرى فرقا بين «الكتّاب» ورياض الأطفال بما أن الاثنين يعلمان الصغار حفظ القرآن وآداب التعامل ولهما برامج تنشيطية ثرية وقال في هذا الإطار: «اخترت أن أعلم ابني في «روضة» بمنطقة فوشانة لأن برامجهم التعليمية والتنشيطية ثرية جدا ولها تأثير مباشر وإيجابي على سلوكه. وأضاف محدثنا: «إذا ما تحدثنا عن «سيدي المدّب وعصاه الطويلة» لن يكفينا المدح الجميل لشخصه فهو من علّمنا أفضل وأرقى الدروس والقيم كما أرى أن الكتّاب والروضة هما مكونان رئيسيان لتكوين الطفل مع المحافظة على براءته. وإذا ما حاولت مجموعات معينة قتل تلك البراءة، فنحن في غنى عنهم ولا نريد منهم أن يعلموا أبناءنا. وما أراه مهما اليوم هو أن يتعلم ابني القرآن وأن يعيش طفولة عادية ثرية بالأنشطة الترفيهية والأناشيد الطفولية وغيرها من البرامج التنشيطية برياض الأطفال».
أخاف من الفكر الجهادي
إن البرامج الشاملة التي سخرت لتطوير مناهج التدريس وتحديث بنية «الكتاتيب» مؤخرا لم تبعث الطمأنة في قلوب مجموعة من الأولياء. ففي ظل انتشار الفكر السلفي الجهادي أصبح الأولياء متخوفين من فحوى الدروس التي يتلقاها أبناؤهم في «الكتّاب» وهو ما أكدته السيدة «يمينة» وهي موظفة وأم لطفلين التي قالت أن «سيدي المدّب» و«العصا الغليظة» هما مرحلة يصعب محوها من الذاكرة وان الفضل يعود له لأنه علمها القرآن والأخلاق الحميدة وأصول الدين والاحترام والانضباط حسب تعبيرها. وأضافت: «أنا اليوم أم لطفلين واخترت أن ألحقهما بروضة أطفال بحي الغزالة أين أقطن. ففي ظل انتشار الفكر السلفي الجهادي، أصبحت متخوّفة من تأثير ذلك على نفسيتهما. فأن تحدث طفلا عن عذاب القبر أو عقاب تارك الصلاة وجهنم هو أمر كفيل بأن يجعله يعيش كوابيس مرعبة. كنت أتمنى لو حافظت الكتاتيب على نفس التقاليد ونفس الطرق التي علموني بها. أما رياض الأطفال فبرامجها ثرية ومنظمة فهم يعلمونهم القرآن خلال الفترة الصباحية ويخصصون الفترة المسائية لتعلم الخط والرسم والحفظ وغير ذلك. إن البيئة السليمة هي الكفيلة بصناعة الأبناء، وحضور الرقابة الأبوية واجبة في هذه المرحلة الحساسة».
تدريس القرآن بطرق علمية
وفي إقامة خاصة بحي التحرير نزلنا ضيوفا على الشيخ «لطفي العماري»، امام خمس في جامع ببجاوة ويحضر كل يوم أحد لتدريس الأطفال. كان بصدد ترتيل آيات من القرآن وتعليمه لأطفال لم تتجاوز أعمارهم 4 سنوات. طريقته في التدريس مالت الى نظام الكتاتيب التقليدي رغم غياب «الحصيرة» والعصا الغليظة ورغم حداثة الفضاء الذي وجدوا فيه. كان الشيخ «لطفي» يتلو القرآن بصوت مرتفع ثم يفسح المجال أمام الأطفال لترديد الجمل.
وحول تباين الآراء حول ما إذا كان دور الكتاب حاسما في تكوين أطفال أبرياء، قال شيخنا: «يستند برنامج التدريس الجديد في «الكتاب» على الجمع بين حفظ القرآن والأحاديث النبوية وتعليم العبادات والتربية على الآداب الاسلامية وبين مواد أخرى ذات طابع مدني. ومع تطور العلم وجب أن ندرس القرآن بطرق علمية حسب بيداغوجية الطفل، مع ضرورة انشاء خيط اتصال مع التلميذ وهو ما أطلق عليه اسم «خيط الود والمحبة». وأضاف محدثنا: «هؤلاء الصغار هم أمانة وجب المحافظة عليها وهم على استعداد أن يتعلموا منك كل شيء بحكم براءتهم، لذلك فكل ما من شأنه أن يعلمهم الاعتدال فهو مرحب به وكل من يدعو الى التطرف والى تسمين هذه العقول البريئة، فهو خائن للأمانة».
وفي سياق متّصل بين «الشيخ لطفي» أن المبتغى الأول من حفظ القرآن هو ابعاد الأطفال عن التطرف والتميّع حيث قال: «أنا أدرّس الأحاديث النبوية التي تدعونا الى الأخلاق الحميدة والتحاور في ما بيننا، بمعنىأصح القيم والأصول التي تبني الانسان من طاعة الوالدين والاحسان للآخر وكيفية آداب الأكل، ومادون هذا فهو هدم ودمار».
وعن محاولة البعض من العناصر المتطرفة التأثير على الأطفال وتعليمهم الجهاد، قال شيخنا: «إن لغة «السيف» غير موجودة هي لغة أكل عليها الدهر وشرب، وأنا أريد أن أوضح شيئا وهو أن السيف بامكانه قتل انسان واحد لكن «اللسان» كفيل بقتل المئات، فما بالك بطفل صغير يتأثر بكل كلمة وحرف وحركة؟».
علم النفس على الخط
لقد سبق أن حذر مختصون في علم النفس من انتشار المدارس القرآنية وما يتم تلقينه للأطفال من أفكار تسمّم براءتهم. أما عن «الكتاب» أو «سيدي المدب» فقد حدثنا الدكتور «عماد الرقيق»، أخصائي علم نفس قائلا: «جميعنا كنّا من رواد «المدب» أين تعلمنا الأخلاق الحميدة وأصول الدين، كما لم تخل برامجنا من اللعب والتنشيط وحل المسائل الحسابية وحفظ الحروف الأبجدية فإن حافظت «الكتاتيب» على نفس التقاليد مع تغير بسيط في المناهج والبرامج بما يجعلها تستجيب لروح العصر فهذا يعد أمرا مقبولا، لكن أن تتحول الكتاتيب الى منابر للحديث عن الجهاد وعذاب القبر وغيره، فهذا مرفوض تماما لأنه يؤثر وبصفة مباشرة على نفسية الطفل ويصبح سجين الكوابيس، فمن الطبيعي أن يتعلم الطفل وهو يلعب، أما أن نضعه في دوامة «جهنم وعذاب القبر» فهذا يعد كارثيا وغير مقبول بالمرة».
وعموما فقد تحولت الكتاتيب في عصرنا اليوم الى مؤسسات تعليمية لها مناهجها وبرامجها العصرية، حيث تغيرت المناهج والفضاءات وأصبح الشيوخ يدرّسون برامج مختلفة. تغييرات موضوعية تواكب روح العصر، الا أنها لم تخرج عن المبادئ الأساسية المتمثلة في تعليم القرآن والسيرة النبوية الشريفة وهو ما دفع بالعديد من الأولياء الى الاقبال عليها وتفضيلها على المحاضن ورياض الأطفال لأنها في نظرهم أكثر جدوى وفاعلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.