بين تلويح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك من داخل اسرائيل بشن عمل عسكري واسع على غزة وتلويح رئيس الوزراء ايهود اولمرت من العاصمة اليابانية طوكيو بتحميل من وصفهم بالارهابيين الفلسطينيين ثمنا باهظا بسبب استمرار الهجمات الصاروخية على شمال اسرائيل يبقى المشهد الغزاوي في ظل الانقسام الفلسطيني المثير اسير تبادل متكامل ومتناسق للادوار بين القيادات الاسرائيلية في حملاتها الدعائية المستمرة في الداخل كما في الخارج في محاولة للالتفاف على الراي العام الاسرائيلي كما على الراي العام الدولي والتسويق لمخططاتها وحملاتها العسكرية على قطاع غزة الذي بات اشبه ببرميل بارود قابل للانفجار في كل حين بعد ان سدت جميع المنافذ امام نحو مليوني فلسطيني من سكانه الذين باتوا يتخبطون في مشاعر القنوط والاحباط نتيجة قناعتهم بتخلي العالم عنهم وتجاهله لنداءاتهم واستغاثاتهم المتكررة من اجل وضع حد للحصار الخانق الذي يقيدهم ويطوق انفاسهم ويضيق فسحة الامل من حولهم بما يمكن ان يدفعهم الى اسوا الخيارات واكثرها ياسا... والحقيقة انها ليست المرة الاولى التي يسقط فيها المشهد الغزاوي ضحية الدعاية الاعلامية الاسرائيلية الكبرى بعد ان سقط اكثر من مرة ضحية للالة العسكرية الاسرائيلية ولاشك ان في مواقف كل من اولمرت وباراك محاولات مفضوحة للقفز على الحقائق والتمويه في محاولة لتحويل الجلاد الى ضحية وتسويق التبريرات الوهمية لمسلسل الاغتيالات المستمرة وقوافل الشهداء وضحايا ارهاب الجيش الاسرائيلي الذين يسقطون كل يوم في ظل صمت دولي رهيب وعجز مريب عن وضع حد لعمليات التصعيد العسكري . وفي كل الاحوال فان ما يذهب اليه باراك واولمرت ليس اكثر من رسالة مزدوجة تهدف من جانب الى التقليل من وقع الجرائم الاسرائيلية الفظيعة التي تمارس على مختلف فئات ابناء الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة وتؤشر من ناحية أخرى إلى أن الأسوأ آت لا محالة وان لغة الحديد والنار تبقى خيار اسرائيل الوحيد في التعامل مع الوضع الراهن في غزة . لقد تعددت على مدى الاشهر الماضية ومع استمرار الحصار المفروض على غزة التقارير الاممية التي تحذر من انفجار وشيك في القطاع. وقد لا يكون تقرير جون دوغارد الذي عرض هذا الاسبوع على مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة اخر تلك التقارير ولكنه يبقى بالتاكيد اكثرها موضوعية ودقة ومصداقية لمن كان يبحث عن وضع حد للازمة الراهنة في غزة والخروج من النفق المسدود .ذلك ان جون دوغارد المحامي الجنوب افريقي الاصل واحد ابرز الوجوه المناضلة ضد نظام الابرتيد في جنوب افريقيا اقر صراحة بانه اذا كانت "الاعمال الارهابية الفلسطينية "تبعث الاسى فانها يجب ان تفهم على انها نتيجة حتمية للاستعمار او التفرقة العنصرية والاحتلال ونظام الحواجز والتفتيش وهدم البيوت ومصادرة الاراضي. وبرغم كل الانتقادات الاسرائيلية التي رافقت التقرير وكل الاتهامات التي وجهت لمعد التقرير فقد اصر دوغارد على انه طالما ان هناك احتلال فسوف يكون هناك ارهاب والى ان ينتهي الاحتلال فان السلام غير متوقع والعنف سيتواصل سواء تعلق الامر "بالمقاومة" او"بالارهاب" الفلسطيني...