في الوقت الذي تتكاثف فيها جهود أبناء ولاية سيدي بوزيد من جمعيات ثقافية وشباب المجتمع المدني وهياكل رسمية لرسم ملامح خارطة الإحتفال بثاني ذكرى لإندلاع ثورة 17 ديسمبر 2010 وذلك من مختلف المواقع والمسؤوليات يلاحظ المتابعون لهذا الحراك غياب بارز لأبناء الجهة من الأدباء المفكرين الرحل الذين اختاروا من العاصمة أماكن لإقامتهم وأنشطتهم. ولما كان شاعر الجهة محمد الصغير أولاد أحمد أول من بادر بالتنسيق مع وزارة الثقافة خلال العام الفارط بإطلاق تظاهرة تونس الشاعرة ووجه قافلتها معزّزة بخيرة الشعراء العرب إلى مدينته أي مدينة الثورة في مفتتح هذه التظاهرة التي على ما يبدو خفت بريقها تماما وقد سجنت في أرشيف الأنشطة الثقافية بوزارة الثقافة وتم التخلي عنها كليا ولكن أين مؤسسها أي مؤسس هذه التظاهرة من كل ذلك؟ الشاعر أولاد أحمد هل تخلى هو الأخر عن مسؤولياته تجاه الولاية التي ترعرع فيها و نشأت فيها قريحته الإبداعية وإن كان الأمر كذلك هل الرجل مخير أم مجبر. نطرح هذا التساؤل بالخصوص إذا ما علمنا أن الساحة الثقافية بالجهة وعلى لسان الفاعلين بها تحترز من الرجل لأنه قال في تصريح إعلامي أن تاريخ الثورة هو 14 جانفي وليس 17 ديسمبر. وأبرز دليل على ذلك هو ذاك الرفض لأن يعتلي ابن الجهة أولاد أحمد ركح إحتفالات الذكرى الأولى ل 17 ديسمبر وأن يلقي قصيدة للغرض. " الصباح " اتّصلت بالشاعر أولاد أحمد لتوضيح وجهة نظره فقال أنه يتساءل من هم هؤلاء الذين يتهمونه بتنكره لجهته هل هم من الأجهزة الثقافية الرسمية؟ وهل لهم شعبية ثقافية تتجاوز منطقة سيدي بوزيد ؟ وأضاف محدثنا قائلا " لقد كان غير مرحب بي في سيدي بوزيد في عهدي بورقيبة وبن علي ويتواصل عدم الترحاب إلى الآن. لا يقرؤون ما أكتب غير أن أولاد أحمد أوضح قائلا: ثم إن سيدي بوزيد موطني ولا أنتظر شهادة اعتراف من أي أحد وأنا أخدمها من العاصمة أكثر فمنذ لحظة إحتراق البوعزيزي وأنا أكتب يوميات الثورة التونسية وستصدر في كتاب قريبا جدا وقد ترجمت عدة نصوص إلى لغات أجنبية وفيها يحتل تاريخ 17 ديسمبر 2010 مكانة بارزة مع العلم أن تاريخ 14 جانفي هوالآخر مهما ثم أن هؤلاء لا يقرؤون ما أكتب بل أعتقد أنهم مأجورون. وواصل الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد قائلا" لي علاقات مع شباب سيدي بوزيد الأعماق وسنواصل معا الثورة الثانية مضيفا" لم يقع تكريمي بجهتي ولن أطالب بذلك تاركا لهم المجال ليكرموا "الدساترة" و" النهضاويين" فلقد ساهمت بقسط وافر للتعريف بسيدي بوزيد ونضالاتها في تونس كما في الخارج وفي المهرجانات الدولية التي دعيت إليها وهو واجبي". وتجدر الإشارة وكما هو معروف إلى أن محمد الصغير أولاد أحمد تعرض إلى التعنيف مؤخرا وعبرت نقابة كتاب تونس في بيانها في الغرض عن استنكارها لمسلسل الإعتداءات الجسدية والمعنوية على المبدعين والمثقفين وآخرها الإعتداء على عضوي النقابة محمد الهادي الوسلاتي والصغير أولاد أحمد وأضاف البيان بأن تطورات الأحداث على الأرض قد بينت أن تكرر هذه الممارسات يدخل في إطار ممنهج لضرب ولجم كل الأصوات الحرة داعية في نفس السياق كل المبدعين إلى التكاتف والإستعداد للتضحية من أجل جمهورية تونسية مدنية يتعايش فيها الجميع تحت سلطة القانون لا سلطة العنف والترهيب وأشار نص البيان إلى أن النقابة إذ تذكر بوقوفها على نفس المسافة من كل التيارات السياسية و الفكرية فإنها تجدد إنتصارها لقيم حرية التعبير والديمقراطية و كونية الإبداع و دعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي إلى ضرورة دسترة هذه الحقوق بوضوح تام. من جهته أصدر اتحاد الكتاب التونسيين بيانا أدان فيه بشدة الإعتداءات التي لحقت عددا من المثقّفين والمبدعين وآخرها محمد الهادي الوسلاتي ومحمد الصغير أولاد أحمد ونادى بتكاتف المثقفين والتصدي لمحاولات انتهاك الحرمة الجسدية والمعنوية للمبدعين التونسيين. وحذر الإتحاد في نفس البيان من عواقب تكرر هذه الممارسات التي تستند إلى منطق القوة وليس قوة المنطق والحجة والحوار في ظل صمت محيّر للجهات الرسمية المسؤولة عن أمن المواطنين. ويذكر أن الشاعر أولاد أحمد قد تعرض يوم الجمعة الفارط لحادثة إعتداء ( لكمة على الوجه) من قبل أحد الشبان المحسوبين على التيار السلفي بإحدى المقاهي بعد ظهوره(حسب المتضرّر) في إحدى البرامج التلفزيونية ( قناة التونسية وتحديدا برنامج " لاباس") كما سبق وأن قدم أولاد أحمد مداخلات شعرية في بعض المناسبات والمهرجانات التي لم يخف من خلال قصائده خشيته من تغول الحزب الحاكم وخاصة في قصيدته" إلاهي" التي تضمنت دعاء للخالق للتصدي لهيمنة وجبروت "العدو" الذي حصره الشاعر في حزب حركة النهضة أو الحزب الحاكم وقد علق أولاد أحمد على الحادثة قائلا أنه لم يكن أول المعتدين عليهم ولن يكون الأخير وأنه منذ هذه اللحظة لم يعد يعترف بأية شرعية معلنا:" لن ينج أي مدني أو عسكري صامت عن مثل هذه الممارسات من قنابل الشعر وصواعق النثر". وقد تناقلت مواقع الحوار الإجتماعي بالإنترنيت أخبار الإعتداء وردّة فعل الشاعر أولاد أحمد باهتمام كبير. كما أن وزارة الثقافة ندّدت بشدة بالإعتداءات التي تستهدف المثقّفين والفنّانين وأعلنت عن تحفزها لوضع حد لذلك.