يوما بيوم يطالعنا سكان الجهات الداخلية بمطالب عاجلة، ويصرون على أنها من الأولويات التي تتوقف عليها حياتهم في تلك الربوع. وتلك المطالب حيوية وأساسية وقد تمثل لدى البعض من هؤلاء ما اتصل بقوتهم اليومي أو شرابهم أو صحتهم أو غيرها مما يمثل ضروريات لا يمكن تأخيرها. هذه المطالب ليست كماليات ولا هي أيضا، تعكس ترف أولئك السكان، إنما هي جملة حقوق وجب على الجميع وفي مقدمتهم الحكومة الإسراع بمعالجتها وتحقيقها في تلك الجهات لأنه مهما كان الأمر فلابد أن تتوفر لتتواصل الحياة في تلك الربوع وليشعر من رابط من مواطنينا هناك أن همومهم هي هموم الجميع وحاجياتهم من مسؤوليات الجميع، وهم ليسوا من سقط المتاع، بل مواطنون لهم نفس الحقوق والواجبات. أذكر أني عرفت أناسا من ربوعنا الداخلية، وتحدثت إليهم بخصوص مشاغلهم وهمومهم اليومية، وشعرت خلال حديثهم أنهم صادقون كل الصدق في ما يقولون، وأنهم قد اكتووا بنار اللامبالاة والوعود الجوفاء التي قطعها لهم المسؤولون، ولكنهم وعلى الرغم من ذلك مازالوا ينتظرون صدق نوايا المسؤولين، فإلى متى تتواصل الوعود الجوفاء وإلى متى يتكرر سيناريو الانجازات والبرامج التنموية التي تم إقرارها لهؤلاء دون تنفيذ؟ إن سكان الجهات الداخلية من نوع البشر الذي يصبر ويتحمل وينتظر طويلا، لكن إذا عيل صبرهم ونفد، فإنهم يتحولون إلى حريق يأتي على الأخضر واليابس، وإنهم إذا جاعوا أو عطشوا ينقلب حلمهم إلى شراسة لا توصف، ووداعتهم إلى رفض تام. لقد تم وعدهم بالسكن اللائق وبالماء الصالح للشراب وبالتشغيل وبالطريق وبالحماية الصحية، وبغيرها من الاستحقاقات التي طفحت بها برامج الحكومة الحالية ووعود الأحزاب السياسية في حملاتها الانتخابية، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق لحد الآن، وهو أمر لا يبعث على استغرابهم وحيرتهم فقط، بل يجعلهم اليوم وأكثر من أي وقت مضى يصرون على جملة هذه المطالب، ولا يتوانون في رفض تأخيرها ولو لمدة قصيرة. فحذار من وعود جوفاء لهؤلاء المرابطين في جهات عانت الكثير من الظلم، وتنتظر أن تنصف لأنهم إذا غضبوا فإنهم يأتون بما لا تحمد عقباه.