طبيب: وقع تهديدي بالقتل أمام أعوان الأمن ولم يحرّكوا ساكنا الطبيب في خطر»، كانت تلك صيحة الفزع التي أطلقتها نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين بتونس نتيجة تفاقم ظاهرة الاعتداء على الإطار الطبي وشبه الطبي «في ظلّ صمت مريب من قبل إدارات المستشفيات التي لا تحرص على تفعيل القانون» على حدّ قول جميع الأطباء المقيمين الذين تحدثّت إليهم «الأسبوعي». 822 هو عدد حالات الاعتداء على الأطباء من بينهم 272 حالة اعتداء على الأطباء المقيمين. في هذا الصدد، قال سليم دبنون طبيب مقيم في قسم جراحة اليد بالقصاب ل»الأسبوعي»: «تعرّضت إلى الاعتداء يوم غرة جوان الجاري وأنا معرّض للقتل في أيّة لحظة، وما أثار غضبي هو أنّه وقع تهديدي بالقتل أمام مرأى أعين أعوان الأمن الذين لم يحرّكوا ساكنا «. محمد آمين باني هو الآخر طبيب في قسم الاستعجالي بمستشفى الرابطة مكث في قسم الإنعاش لمدّة 48 ساعة نتيجة تعرضّه إلى العنف الشديد من قبل أقارب أحد المرضى. وعن سبب تعرضّه للعنف، قال الدكتور باني ل»الأسبوعي»: «على إثر فحص المريض تبينّ لي وجوب دعوة طبيب مختصّ، وبينما كنت أهاتف زميلي انقضّ عليّ أقارب المريض بالضرب والشتائم ظنّا منهم أنّي متجاهل المريض وغير مبال بحالته الصحيّة». وأدان الدكتور باني بشدّة بطء الإجراءات القانونية، فرغم مرور أكثر من شهر تقريبا منذ الاعتداء عليه ورغم رفع قضيّتين إحداهما قضيّة حقّ شخصي وأخرى قضيّة حقّ عام، «لم يقع إلى اليوم محاسبة المتهمّ»، على حدّ قوله. «اتّهام بالتخاذل» وخلال حديثنا معه، استنكر محدّثنا بشدّة طريقة تعامل إدارة المستشفى مع حالات العنف على الأطباء، قائلا:» تعرضّت زميلتي خلال الأسبوع الماضي إلى عنف مادي ومعنوي من قبل أحد المرضى الذي خلع سرواله أمامها، وعندما توجهّت نحو القيّم لتشتكي إليه وتعرب عن عدم قدرتها على مواصلة العمل، اتهمها بالتخاذل وعدم الجديّة في العمل». «الإدارة هي المسؤول الأول عن تفاقم ظاهرة الاعتداء على الأطباء»، هذا ما صرحّت به إلهام جبابي طبيبة مقيمة بمستشفى الرابطة ل»الأسبوعي»، حيث ذكرت أنّها تعرضّت إلى الاعتداء منذ شهر أكتوبر الماضي وبأنّها رفعت شكوى ضدّ من اعتدى عليها لكنّ تدخلّ الإدارة حال دون ذلك. فقد أفادتنا أنّ المسؤول الأمني تحركّ على عين المكان لمقابلتها والتحدّث معها لكنّ رئيس القسم اعترضه وطلب منه «عدم تهويل الأمر وبأنّه سيقع حلّ المشكل بطريقة وديّة»، على حدّ قولها. وأعربت محدّثتنا عن استيائها من عدم محاسبة من اعتدى عليها، خاصّة أنّ زميلتها أبلغتها بأنّ القيّم ساعد المعتديين على مغادرة المستشفى دون اتخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة. وتساءلت قائلة» «مضت 9أشهر على تعنيفي دون محاسبتهما رغم أنّي مددت أعوان الأمن بهويّتهما، فهل يعتبر ذلك منطقيّا». قصص معاناة الأطباء تختلف ولكنّ الإحساس ببلوغ مرحلة الخطر يمثّل نقطة مشتركة بينهم، حيث استنكر شكري زياتي كاتب عام نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين بتونس تهاون بعض مديري المستشفى خاصّة سلطات الإشراف في وضع الإجراءات اللازمة لردع المعتدين على الإطار الطبي متسائلا: «كيف تفكّر الدولة في توفير الحماية أمام البنوك ولا توفّرها في المستشفيات، فهل أصبحت الأموال أغلى من الروح البشريّة؟». وشاطرته الرأي زميلته يسرى زقاب، قائلة: «عندما يكون الطبيب في خطر تكون صحة المريض أيضا في خطر لأنّ العنف سيؤثّر سلبا على أداء الطبيب». وتعتبر يسرى هي الأخرى ضحيّة عنف حيث كادت أن تطعن بالسكين من قبل مريض أجبرها على مدّه بالأدوية المخدرة، وأمام هروبها قام المريض بتعنيف نفسه بالسكين، وتقول يسرى ل»الأسبوعي»: «كدت أن أفقد حياتي بسببه، ولكن حز في نفسي صمت الإدارة التي من واجبها حمايتي». تتكرّر الاعتداءات على الأطباء الذين أصبحوا يخشون ممارسة مهنتهم، إلى درجة أن هددّت النقابة بالدخول في إضراب لمدّة 7 أيام إن لم تتحرّك الجهات المعنيّة لتوفير الأمن لهم.