لعلّ مشاعر الصدمة اعترت المشاهدين وهم يتابعون بذهول على شاشة التلفزيون البعض من جرحى الثورة يخيطون أفواههم ويتصدون لتجاهل المسؤولين بسياسة «الأفواه المكممة» وأمام رحاب المجلس التأسيسي الذي فوّضه الشعب انتخابيا لإدارة شؤونه..حركة على قسوتها فيها أكثر من معنى ومغزى ومحمّلة بأكثر من دلالة ورمزية..ما عمد له الجرحى دفعنا إلى السؤال حول حقيقة الدور المنوط بعهدة اللجان الخاصّة في المجلس التأسيسي كلجنة الشهداء والجرحى والعفو التشريعي العام ولجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والتي على ما يبدو ستسحب المصالحة مع الكثير من رموز الفساد البساط من تحت أقدامها ناهيك على صلاحياتها المقيدة ومنازعتها من طرف وزارات وهياكل أخرى ذات علاقة بمقاومة الفساد.. وحسب تسريبات فان هناك عريضة ممضاة من 150 عضوا وجهت الى رئيس المجلس التأسيسي لمراجعة صلاحيات اللجان الخاصّة.. «الأسبوعي» اتصلت ببعض نواب هذه اللجان لمعرفة تقييمهم الذاتي لأداء لجانهم الخاصّة..
تجاوزات.. محاولات للتملّص من التورّط.. وحسابات أخرى ! يقول محمد على نصري (لجنة الشهداء والجرحى وتفعيل العفو التشريعي العام) أن هذه اللجان هي لجان متابعة بالأساس.. وبعد ما حصل في جلسة المجلس التأسيسي التي دعت لها لجنتنا تبيّن أن هناك تباطؤ في اتخاذ الإجراءات من كل الأطراف خاصّة في ضبط القائمة النهائية للشهداء والجرحى ونحن نحمّل وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية مسؤوليتها فعندما لم يتخذّ المجلس الوطني التأسيسي أي قرار في هذه الجلسة تبيّن لنا أن هذه اللجان الخاصّة وخاصّة لجنة الشهداء والجرحى جعلت ربما لحسابات أخرى لأنه عندما نطالب بتغيير الفصل 59 و72 من النظام الداخلي حتى تصبح اللجنة ليس فقط لجنة متابعة لكن أيضا لجنة تحقيق ولديها كل صلاحيات التحقيق ,وعندما نطالب بالغاء المرسوم 97 لأنه لا ينطبق على وضعيات عديد الجرحى والشهداء ويرفض ذلك داخل المجلس التأسيسي ويصبح المجلس غير قادر على اتخاذ قرار أو حتى رفع توصية لوزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ..يمكننا القول عندها أن المجلس التأسيسي فقد دوره وأصبحت وظيفته وظيفة ثانوية وليست وظيفة رئيسية وهذا ما يبرّر لماذا هذه اللجان ليس لها دور هام.. فهذه اللجنة لها عدة عراقيل على مستوى الجهوي وعلى المستوى الوطني لأن حجم التجاوزات كبير وهناك عدد لا يستهان به من المورّطين والكل يريد التملّص من المسؤولية والرمي بالكرة إلى ملعب الآخر..
قانون المالية خيانة.. وأشّر على غلق ملفات الفساد؟ تقول نجلاء بوريال عضو لجنة مكافحة الفساد»المشكل في هذين اللجنتين أن صلاحياتهما ليست واضحة فلجنة مكافحة الفساد والإصلاح الإداري تتداخل مع وزارة الإصلاح الإداري ووزارة الحوكمة ومقاومة الفساد وبالتالي نحن دائما ما نخشى أن تتداخل صلاحياتنا مع هذه الهياكل.. واذا كنّا نلام على البطء في حسم الملفات الحارقة والمهمة فان نقول أن السبب هو أن القانون الداخلي للمجلس التأسيسي فهو سبب هذا البطء ويعدّ بمثابة القيد الذي يعيق تحرّكنا وبصراحة لست راضية على أداء اللجنة رغم أننا لا نتخاذل في محاولة فتح ملفات الإصلاح ومقاومة الفساد لكن نجد أنفسنا مكبلين فحتى سعينا لأن يقوم كل ناخب بكشف حقائق الفساد بجهته يشكل خطرا عليه باعتبار أن الأذرع الطويلة للفساد تهدّدنا وقد وقع تهديد ثلاثة أعضاء بالانتقام منهم إن حاولوا المساس بمصالحهم.. خصوصا وأن النائب رغم تمتّعه بالحصانة فانه فيما يتعلّق بهذه المسائل ليس له الحماية الكافية.. وبالنسبة لقانون المالية وما أقرّه ضمنيا من مصالحة تسحب البساط من تحت أقدامنا في مكافحة الفساد فأنا على رأي رئيس اللجنة صلاح الدين الزحاف عندما قال هذا المشروع هو فضيحة ,والثغرات الموجودة فيه والتي تسمح بتبييض الأموال أصبحت بادية للعيان ولا غبار عليها..وتضيف بوريال «ونحن سوف نجتمع وننظر الى كون مشروع قانون المالية هذا سيمنعنا من العمل باعتباره أشّر على غلق ملفات الفساد رسميا وهذا كله يتنافى مع روح الثورة و خيانة للشعب فمن كانت له يد في كتابة قانون المالية بهذه الطريقة خان الشعب التونسي.»