الساعات القليلة الماضية لم تكن هينة على متتبع المشهد العربي وقد حملت في طياتها اكثر من صورة دموية بشعة جاءت لتؤكد مرة اخرى ان يد الارهاب عمياء ولا تميز بين مدني وعسكري ولا بين ذكر او انثى ولا بين شاب او شيخ.. ساعات قليلة اذن تلك التي فصلت بين الانفجارين المروعين اللذين استهدفا العاصمة الجزائرية والانفجار الذي اهتز له لبنان مجددا لينزلق نحو مصيره المجهول.. والحقيقة المؤسفة ان المشهد تكرر أمس في العراق وتتفاقم حصيلة الضحايا الابرياء ممن تواجدوا دون أي ذنب في طريق الانتحاريين المجهولين.. ربما اختلف توقيت تلك العمليات الدنيئة واختلفت المواقع المستهدفة وربما اختلفت حصيلة الضحايا من انفجار الى آخر ولكن الحقيقة ان النتيجة النهائية واحدة وقد جسدت اشلاء الضحايا المتناثرة هنا وهناك واللهيب المستعر ودموع اهالي الضحايا وصرخات الشهود وحشية الارهاب وغدره ورسائل الارهابيين المعادية للانسان ولكل القيم والمبادئ الانسانية ولحقهم في الحياة والامن والكرامة.. ويتواصل نزيف الدم العربي أيضا بفعل ما يقترفه الجيش الاسرائيلي والالية العسكرية الاسرائيلية من ممارسات ارهاب الدولة وما يرافقه من سقوط للشهداء الفلسطينيين من غزة الى الضفة وهو الارهاب الذي لم يعد يجد له تنديدا او رفضا يذكر لدى الراي العام الدولي او اصحاب القرار فيه.. ولئن اختلفت القراءات والتحاليل في تحديد الاسباب والدوافع الكامنة وراء مختلف هذه التفجيرات من المشهد الجزائري الذي بدأ يستعيد عافيته بعد سنوات طويلة مع العنف والارهاب الى المشهد اللبناني الذي لا يزال يتخبط في ازمته السياسية التي طالت اكثر مما ينبغي بعد مسلسل الاغتيالات الغامضة التي استهدفت طبقته السياسية والاعلامية والتي تستهدف اليوم طبقته العسكرية الى المشهد العراقي الغارق بدوره في دوامة العنف المستمر الذي يستهدف ابناء العراق دون غيرهم، فان الاجماع على ادانة الارهاب ورفضه يبقى واضحا لا يقبل الالتباس.. ولعل ما يمكن ان يثير المزيد من نقاط الاستفهام حول اهداف الطرف او الاطراف التي تقف وراء مثل هذه العمليات انها تتزامن مع موسم الحج احدى المناسبات الدينية المقدسة لدى المسلمين والتي تحرم سفك دم المسلم على يد المسلم ومع عيد الاضحى المبارك الذي يعود مرة اخرى على وقع المزيد من الماسي والجروح والآلام التي تنهك الذاكرة.. وسيبقى السؤال المطروح اليوم عندما يودع اللبنانيون والعراقيون والفلسطينيون والجزائريون ضحايا الامس متى وكيف يمكن ان يتوقف نزيف الدم العربي الذي تحول الى ماء في نفس الوقت الذي تواصل فيه الجهود المعلنة والخفية لمكافحة الارهاب والارهابيين استنزاف كل جهود وقدرات وامكانيات خزائن السياسيين في العواصم العربية...؟